أوضاع صعبة يعانيها النازحون العراقيون في المخيمات مع ارتفاع درجات الحرارة

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – أعرب المرصد الأورومتوسطي عن قلقه العميق إزاء الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها نحو مليون و200 ألف نازح في العراق.

ويزيد من هذا القلق الارتفاع الكبير في درجات الحرارة وتتابع العواصف الترابية في فصل الصيف.

وقال المرصد الأورومتوسطي إنّ أكثر ما يبعث على القلق هو استمرار سياسة التجاهل الرسمية لمعاناة النازحين العراقيين الذين ما يزالون يقطنون في المخيمات.

إذ لم تتخذ الحكومة العراقية أيّ خطوات محورية لإنهاء معاناتهم وإعادتهم إلى بيوتهم التي اضطروا إلى تركها إبان النزاع المسلّح بين القوات العراقية وتنظيم “داعش” بين عامي 2014 و2017.

وبيّن الأورومتوسطي أنّ معاناة النازحين تتضاعف خلال فصل الصيف. إذ تفتقر المخيمات إلى البنية التحتية اللازمة للوقاية من درجات الحرارة العالية، وسط انقطاع طويل لساعات الكهرباء يصل إلى 17 ساعة يوميًا.

وهذا كله يتسبب بإصابة عدد كبير من النازحين بحالات إعياء متكررة، وخاصة مرضى الربو الذي يصابون بمضاعفات حادة نتيجة استنشاق الهواء الحار والملوث لمدد طويلة. هذا بالإضافة إلى اشتعال حرائق كبيرة في عدد من المخيمات.

وذكر المرصد الحقوقي أنّ النازحين يعانون مع ارتفاع درجات الحرارة من انتشار الحشرات والزواحف الخطيرة وخاصة الأفاعي والعقارب.

إذ أبلغ نازحون فريق المرصد الأورومتوسطي أنّ السلطات لم تزوّد المخيمات بالمبيدات اللازمة لمواجهة الحشرات والزواحف منذ أكثر من 3 سنوات.

وقالوا أن هذا أدّى إلى زيادة حالات الإصابة بلدغات العقارب والأفاعي، إضافة إلى تفشي الأمراض الجلدية بين عدد كبير من النازحين.

وأشار المرصد الدولي إلى ضعف خدمات الرعاية الصحية في المخيمات. إذ تضم مراكز صحية بسيطة يخدم بها ممرضون فقط.

ولا تتوفّر في هذه المراكز كثير من المستلزمات الطبية والأدوية، على النحو الذي يدفع المرضى من النازحين إلى اللجوء للعلاج في المستشفيات أو العيادات الخاصة.

ويتحمّل المرضى أعباء مادية إضافية لا يستطيعون في معظم الأحيان توفيرها بسبب عدم وجود مصادر دخل لغالبيتهم، وعدم مقدرتهم على الحصول على فرص عمل بسبب وضعهم المعقد.

أبلغ ثلاثة نازحين (رجلان وسيدة) يقيمون في مخيمات بإقليم كردستان العراق، وفضلوا جميعًا عدم الكشف عن أسمائهم، فريق المرصد الأورومتوسطي عن تأثير درجات الحرارة المرتفعة على حياتهم في المخيمات، وضعف الخدمات الحكومية المقدمة لهم.

قال أحد النازحين لفريق المرصد الأورومتوسطي: “في ظل الطقس الحار، تشكل الحشرات والعقارب والأفاعي مصدر قلق كبير ودائم لنا ولا توجد أي جهود لمكافحتها”.

وأضاف: “بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الخيام التي نعيش فيها مهترئة ولم تتغير منذ ست سنوات. درجات الحرارة العالية تضاعف معاناة المرضى وخصوصًا كبار السن، ولا نتلقى تقريبًا أي خدمات صحية جيدة”.

وتابع: “أتساءل حقًا هل يستطيع أي مسؤول حكومي أن يعيش في مثل هذا الوضع ولو لنصف ساعة فقط؟”

وحول تفشي الأمراض الجلدية في ظل ارتفاع درجات الحرارة، أبلغ نازح آخر فريق الأورومتوسطي: “في ظل الأجواء الملتهبة، لاحظنا تفشيًا واسعًا لأمراض جلدية لا نعرف كثيرًا منها”.

وقال أيضاً: “بسبب ضعف الخدمات الطبية في المخيم، نضطر إلى مراجعة طبيب خاص ولكنّ عادة ما تكون كشفية الطبيب مرتفعة بالنسبة لقدراتنا المادية المحدودة، وعلاوة على ذلك، لا نستطيع تأمين ثمن العلاج”.

ويوجد حاليًا 14 مخيمًا رسميًا للنازحين في العراق؛ 10 منها في إقليم كردستان العراق و4 في محافظة الأنبار، إضافة إلى مخيمات عشوائية أخرى.

حيث لم تسمح السلطات حتى الآن لقاطني تلك المخيمات بالعودة إلى مناطقهم بسبب عدة ذرائع أبرزها عدم استقرار الوضع الأمني، واحتمالية وجود مطلوبين من النازحين.

وفي معظم المخيمات، لا تحمي الخيام المتهالكة قاطنيها من أشعة الشمس، حيث يضطر النازحون في كثير من الأحيان إلى تبليل المناشف ووضعها على رؤوسهم في محاولةٍ للتقليل من تأثير الحرارة على أجسادهم.

وبسبب النقص الدائم في غاز الطبخ والوقود، يلجأ النازحون إلى صنع أفران طينية بسيطة لطهو الطعام، ما يؤدي إلى ارتفاع إضافي في درجة الحرارة، ويتسبب بانبعاثات ضارة لصحة النازحين.

أخبرت إحدى النازحات فريق المرصد الأورومتوسطي: “لا يوجد لدينا أي وسيلة لتبريد الجو أو حتى لحفظ الطعام”.

وأضافت: “أضطر نتيجة غياب الوقود إلى استخدام فرن طيني لتحضير الخبز، ولا أجد لإشعاله سوى قطع الملابس والأحذية التالفة التي تسبب رائحتها عند احتراقها ضررًا كبيرًا لنا، ولكنّنا في الواقع لا نملك وسيلة أفضل”.

وأكّد الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي “عمر العجلوني” أنّ السلطات العراقية ملزمة بتجهيز مخيمات النازحين بمختلف الوسائل اللازمة لمواجهة موجات الحر المتوقعة، من أجل الحفاظ على صحتهم وسلامتهم وتجنّب أي أضرار أو حوادث ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة”.

وشدّد على أنّ الدستور العراقي أوجب على الدولة توفير السكن الملائم ومقومات الحياة الكريمة للمواطنين، إذ نص في المادة 30/1 على: “تكفل الدولة للفرد وللأسرة -وبخاصة الطفل والمرأة- الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرة كريمةٍ، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم”.

ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة العراقية إلى سرعة التحرك لمعالجة المشاكل التي يعاني منها النازحون في المخيمات، وخاصة تلك المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة.

وطالب المرصد أيضاً بالعمل على توفير مقومات الحياة الكريمة والآمنة للنازحين، وتسريع عملية إعادتهم إلى مناطقهم التي اضطروا إلى تركها بسبب الحرب.

قد يعجبك ايضا