لبنان: تصاعد القمع ضد السوريين في ظل الترحيل غير القانوني والاحتجاز

قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إنه، في الأشهر الأخيرة، احتجزت السلطات في لبنان سوريين تعسفيا وعذبتهم وأعادتهم قسرا إلى سوريا، وبينهم نشطاء في المعارضة ومنشقون عن الجيش.

وثّقت المنظمة في تقرير لها، بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2024 بإقدام “الجيش اللبناني” و”المديرية العامة للأمن العام”، وهو جهاز الأمن اللبناني المشرف على دخول الأجانب وإقامتهم، على الإعادة القسرية بحق منشق عن الجيش السوري وناشط معارض.

وفي قضية منفصلة، احتجزت مخابرات الجيش اللبناني لفترة وجيزة وعذّبت رجلا سوريا، زُعم مشاركته في مظاهرة تضامنية مع النساء في غزة.

ويكافح لاجئون سوريون آخرون للبقاء في لبنان رغم أوامر الترحيل والبيئة العدائية المتزايدة التي تفاقمت جرّاء إقدام المسؤولين على اتخاذ اللاجئين كبش فداء.

قال رمزي قيس، باحث لبنان في هيومن رايتس ووتش: “فرض المسؤولون اللبنانيون لسنوات ممارسات تمييزية ضد السوريين المقيمين في البلاد كوسيلة لإجبارهم على العودة إلى سوريا، التي ما زالت غير آمنة. الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والترحيل بحق السوريين الذين يواجهون خطر الاضطهاد المثبت إذا عادوا هي نقاط تمعن في تلطيخ سجل لبنان في التعامل مع اللاجئين”.

في مارس/آذار، أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” على علم بـ”ترحيل 13,772 فردا من لبنان أو إرسالهم إلى الحدود السورية في حوالي 300 حادثة في عام 2023″، بما في ذلك 600 في يوم واحد في 8 نوفمبر/تشرين الثاني.

وذكر التقرير أيضا “اتخاذ السلطات المحلية في 27 بلدية إجراءات تحد من قدرة اللاجئين السوريين النازحين في جنوب لبنان على إيجاد مأوى بديل”، في إشارة إلى تهجير عشرات الآلاف من جنوب لبنان في أعقاب القتال عبر الحدود بين إسرائيل والفصائل المسلحة اللبنانية والفلسطينية المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

زاد الوزراء والمسؤولون السياسيون اللبنانيون دعواتهم إلى عودة السوريين في لبنان منذ مقتل مسؤول محلي في حزب سياسي في 7 أبريل/نيسان 2024 على يد مجموعة من السوريين، بحسب زعم الجيش اللبناني، ما تسبب في تأجيج العنف المستمر ضد السوريين.

في أبريل/نيسان، أفادت تقارير عن تعرّض سوريين في لبنان للضرب ومطالبتهم في جميع أنحاء لبنان بالرحيل عن منازلهم. كما فرضت المحافظات والبلديات حظر تجول تمييزي، متسببةً على نحو غير قانوني بتقييد حقوق السوريين في حرية التنقل.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى محمد صبلوح، وهو رئيس برنامج الدعم القانوني في “مركز سيدار للدراسات القانونية” ومحامٍ يمثل ثلاثة رجال سوريين، وراجعت المراسلات بين صبلوح والسلطات القضائية اللبنانية.

وقد رُحِّل اثنان من موكليه، رأفت الفالح ومعاذ الوعر، إلى سوريا بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، بينما يواجه ياسين العتر، وهو ناشط سوري معارض، حاليا أمر ترحيل من قبل الأمن العام.

تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا مع مقربين من العتر والفالح، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لأسباب أمنية، ومع محامية أخرى، هي ديالا شحادة، التي تمثل رجلا سوريا اعتقلته مخابرات الجيش اللبناني وتعرض للتعذيب بحسب تقارير.

في 9 أبريل/نيسان، أرسلت هيومن رايتس ووتش رسائل تتضمن نتائج أبحاثها وأسئلة إلى الجيش اللبناني ومديرية الأمن العام، لكنها لم تتلق أي رد.

قال صبلوح إن الجيش رحّل الفالح، المنشق عن الجيش السوري، في يناير/كانون الثاني، بعد احتجازه عند حاجز للجيش قرب طرابلس في 10 يناير/كانون الثاني.

أضاف شخص مطلع على قضية الفالح إن الأخير، وهو في الأصل من درعا، فر إلى لبنان في العام 2021. أبلغ سائق لبناني كان مع الفالح وقت اعتقاله عائلته فيما بعد أن الجيش اعتقله لعدم حمله أوراق إقامة قانونية.

في أواخر يناير/كانون الثاني، تلقى أحد أفراد الأسرة في سوريا مكالمة هاتفية من مسؤول عرّف عن نفسه بأنه عضو في المخابرات العسكرية السورية، حسبما قال أشخاص مقربون من الفالح.

وأضاف المسؤول أنه كان يسعى للحصول على معلومات حول الفالح وانتماءاته السياسية وأبلغ قريب الفالح بأن لبنان سيسلم الأخير قريبا إلى السلطات السورية.

كما اتصل بأسرة الفالح بعد بضعة أيام مسؤولٌ عرّف عن نفسه بأنه عضو في “الحزب السوري القومي الاجتماعي” المتحالف مع الحكومة السورية والمكلف بالتحقيق مع المنشقين عن الجيش السوري في لبنان، وأخبرهم أن لبنان رحّل الفالح إلى سوريا وأن الأخير محتجز في “الفرع 235” سيئ الصيت للمخابرات العسكرية السورية، والمعروف بـ “فرع فلسطين”، في دمشق. لم تتمكن عائلته من معرفة أي شيء عنه منذ ذلك الحين.

في مارس/آذار، رحّل الأمن العام الوعر، الذي كان يقضي عقوبة بالسَّجن في لبنان، بعد وقت قصير من انتهاء عقوبته، بحسب محاميه. دفع الترحيل أربعة نزلاء سوريين آخرين في سجن رومية، بينهم شقيقاه، إلى محاولة شنق أنفسهم، مخافة الترحيل على ما يبدو. نُشرت على نطاق واسع فيديوهات لمحاولات الشنق على وسائل التواصل.

قال صبلوح إن أفراد أسرة الوعر لم يعلموا بترحيله إلا عندما سُمح له بالاتصال بوالدته عند معبر المصنع الحدودي مع سوريا.

قد يعجبك ايضا