منظمة سام: الإمارات والسعودية تشرفان على اعتقال وتعذيب عشرات اليمنيين

(جنيف ) – قالت “منظمة سام للحقوق والحريات” اليوم إن قوات الأمن اليمنية التابعه للحكومة الشرعية في محافظة حضرموت تحتجز تعسفاً وتخفي قسراً عشرات المدنيين بإشراف التحالف العربي «الامارات والسعودية» منذ أكثر من أربع سنوات.

وأكدت المنظمة أن الإمارات والسعودية أشرفتا على تعذيب عشرات المدنيين الذين اعتقلوا خلال عمليات أمنية بحجة محاربة تنظيم القاعدة في محافظة حضرموت.

وكان المعتقلون قد أُحيلوا إلى سجن المكلا المركزي “المنورة” تمهيداً لمحاكمتهم، إلا أن السلطات أبقتهم دون محاكمة، فيما أفاد أهالي بعض المعتقلين أن أقاربهم نُقِلوا إلى سجن ذهبان في المملكة العربية السعودية.

ووثقت منظمة سام للحقوق والحريات أكثر من 15 حالة، من بينهم طفلان، تعرضوا للاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري في مدينة سيئون خلال العام 2016، بعد أن قامت وحدات عسكرية تتبع قوات المنطقة الأولى المدعومة من المملكة العربية السعودية باعتقالهم واحتجازهم في سجن الطين في مدينة سيئون قبل نقلهم إلى سجن المكلا.

وقال توفيق الحميدي رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، بأن «الاعتقال التعسفي والاخفاء القسري والتعذيب جريمة مرفوضة ولا يمكن القبول بها حتى بمبررات محاربة الجماعات الارهابية كـ ” القاعدة ” و” تنظيم الدولة”، دون ضمان أي حقوق للمحتجزين كزيارة أهاليهم والحصول على الرعاية الصحية والطبية والأهم محاكمة عادلة تضمن تطبيق القانون وتوفر الحماية والاستقرار لليمن».

وتواصلت المنظمة مع العديد من أهالي المعتقلين وبعض الناشطين الحقوقيين وكذلك محتجزين سابقين، لاستجلاء الصورة وكشف الكثير من التفاصيل التي تدار داخل هذه المعتقلات، واضطرت المنظمة لاستخدام أسماء مستعارة وحجب تفاصيل هويات من تحدثوا لها، حتى لا يتعرضون لخطر الانتقام أو الاعتقال.

بتاريخ 25 ابريل 2016، قوات النخبة الحضرمية المدعومة من دولة الإمارات، استعادت مدينة المكلا من عناصر القاعدة التي سيطرت عليها في أبريل 2015، ومارست عملية نهب للبنك المركزي وتحصيل الايرادات من الجهات الايرادية وعلى رأسها الميناء.

وبعد استعادة المكلا، قامت قوات عسكرية تابعة للمنطقة الأولى وبإشراف سعودي بعملية اعتقالات ومداهمات استخدمت فيها القوة المفرطة، واعتقلت أقارب مشتبه بهم للضغط عليهم للاستسلام بشكل “إرادي”، واحتجزت تعسفاً رجالا وشباناً، واحتجزت أطفالاً مع راشدين، وقال أحد المعتقلين السابقين: «نُعَامل كالأغنام، لا كرامة لنا، نحن نتعرض للسب والضرب والعزل الانفرادي، والصعق بالكهرباء والرش بالماء البارد جداً في فصل الشتاء».

محتجزون سابقون وأهالي معتقلين قالوا لمنظمة سام إن أقاربهم المحتجزين تعرضوا للانتهاكات والتعذيب داخل المعتقلات، غالباً بالضرب المبرح بالأسلاك الحديدية والعصي، وإجبارهم على الشقلبات المتعاكسة حتى القيء، قال أحدهم: «يتعرض أبناؤنا للسب والشتم والإهانات».

أصدرت منظمة سام بتاريخ 16 نوفمبر تشرين الثاني 2018 بياناً عن معتقل سجن الطين، الخاضع لإشراف القوات السعودية، ووثقت تعرض العديد من المعتقلين في السجن المذكور للتعذيب بعد الاعتقال التعسفي، كما وثق فريق الخبراء الدوليين العديد من الانتهاكات، وعُرف سجن الطين بأنه: « مركز احتجاز “مرفق سري صغير” يقع جنوب مدينة سيئون داخل مقر القوات المسلحة اليمنية في المنطقة العسكرية الأولى، يقع على بعد 50 متراً إلى الشرق من السجن العسكري الأكبر، والذي يقع أيضاً داخل مقر المنطقة العسكرية الأولى.

كان «الطين» في السابق سجناً قديماً قبل أن يتم التخلي عنه عام 2006 لصالح السجن العسكري في عام 2016، وأعادت المملكة العربية السعودية إنشاء معتقل الطين وبعد ذلك تم بناء جدار يفصله عن السجن العسكري. تقع هذه المنشآت في النصف الشمالي من محافظة حضرموت، وأوقفت القوات المسلحة اليمنية التابعة للمنطقة العسكرية الأولى جميع المعتقلين في الطين. تم نقل بعض المعتقلين إليه من قاعدة القطن العسكرية التابعة للقوات المسلحة اليمنية والتي تقع على بعد 45 كم غرب سيئون. الحراس في كلا المرفقين هم شرطة عسكرية من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى».

بحسب الافادات التي وثقتها منظمة سام، فإن المسؤولين عن الاستجواب والتعذيب هم ضباط من الاستخبارات السعودية واليمنية، يعملون تحت إشراف سعودي، أهم هؤلاء: ضابط سعودي لقبه ” الخالدي” وآخر يدعي ” بدر العتيبي” وكذلك ضابط اسمه” أبو نواف”، أما مدير السجن فهو عبده المري يمني الجنسية.

وتؤكد الافادات أن الضباط السعوديين لديهم سلطة القرار عن الاعتقال والإفراج.

قال الشاب لبيب عمره 29 عاما إن قوات تتبع المنطقة العسكرية الأولى في سيئون اعتقلت شقيقه منذ ثلاث سنوات، ثم قامت بنقله إلى سجن المنورة بالمكلا قبل سنتين.

الشاب قال بأن الزيارة نادرة جداً، في الأعياد والمناسبات، وأضاف: «أخي تعرض للتعذيب داخل سجن المنورة بالمكلا وقبل ذلك في سجن الطين، ومن أشكال التعذيب الرش بالماء والثلج، والضرب المبرح لدرجة الاغماء، والتعليق لساعات طويلة، فيما الجهات القضائية لا تتجاوب مع الأهالي بحجة أن الأمر “مش”/ ليس بيدها وأنه بيد القوات الإماراتية المتواجدة في الريان» وأضاف: «ذهبنا إلى عند الإماراتيين قالو الأمر بيد النيابة» وأردف: «يلعبون بنا لعب وتمر السنوات والأولاد قابعون في السجون دون محاكمات وفوق ذلك يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب».

سعيد عوض منصور مبروك منيباري، يلقب “بالصيني”، 34 عاماً، من منطقة حوطة أحمد بن زين – شبام – حضرموت، متزوج ولديه ولدان، تم تصفية سعيد من قبل قوات تابعة للتحالف.

يعمل سعيد عوض في السباكة. راصدو سام استمعوا لشهادات مختلفة، أكدت أن سعيد اعتقل في شهر يوليو 2019, بعد أن اتصل به شخص يلقب بالأزرق، وطلب منه الحضور إلى منطقة بحيرة للعمل، فذهب الضحية إلى محل تجاري يبيع أدوات سباكة لأجل البحث عن المواد المطلوبة، حينها أتى مسلحون على متن سيارة مدنية، كانوا يرتدون سراويل عسكرية، وبقية الملابس مدنية، أخذوا سعيد وقالوا لصاحب المحل التجاري والمتواجدين في المكان: ابقوا في مكانكم، ووجهوا عليهم البنادق.

أحد الشهود، يتحدث لسام أن عائلة سعيد ظلت تبحث عنه لمدة ثلاثة أيام في مستشفيات حضرموت، حتى وجدوه في مستشفى سيئون، وأضاف أن ضابط الأمن طلب منهم أن ينظروا إلى جثة سعيد في ثلاجة المستشفى.

أخبروهم في المستشفى أن الجثة وصلت الساعة السادسة إلا ربع مساءً، وأوضح الشاهد ” أن المسلحين أخذوا سعيد عند الساعة الخامسة والنصف مساءً، وقد توصل والده أن “15 دقيقة” هي مسافة الطريق إلى مستشفى سيئون، ما يعني أنهم قتلوه في الطريق، وأضاف والده: «قالوا لنا في المستشفى أن من أحضر جثة ابني هم أصحاب مكافحة الإرهاب لكن لم يحددوا لنا بقيادة من؟»

حسب الإفادات، من الشهود أو من أقارب سعيد، فإن من قتل سعيد هي قوات مكافحة الإرهاب التي تشرف عليها السعودية، ولم تحصل الأسرة على إذن بالدفن، ما حدا بعائلته إلى الذهاب للبحث الجنائي بسيؤن لمعرفة السبب، قال أحد أقاربه: «قالوا لنا أن هذا عنصر إرهابي، فقلنا لهم: حتى لو كان مجرماً، حاكموه، “مش كذا”/ ليس هكذا، على طول تقتلوه» وأضاف: «قائد البحث هو حسن مشرف، قال: معي أمر من مدير الشرطة في الوادي والصحراء (العوبثاني) على أساس يدخلوه الثلاجة».

أخذت أسرة عوض جثة إبنه من ثلاجة المستشفى، بعد خمسة عشر يوماً من مقتله، بعدما ذهبت إلى النيابة الجزائية واستخرجت أمراً بالدفن، وأمراً آخراً بتشريح الجثة، لكن البحث الجنائي رفض التشريح. يقول أحد أقاربه: “في البحث قالوا لنا تريدون ابنكم بهذه الطريقة وإلا مع السلامة”، فاضطرت الأسرة لاستلام الجثة بدون تشريح، بينما قال عوض أنه استخرج شهادة وفاة وقبر ابنه في مقبرة الحارة بالحوطة.

وأشار الشاهد أنه لا يعرف من الذي نفذ القتل أو أمر به، غير أنه علم انهم أصحاب مكافحة الإرهاب، لكنه لا يعرف ما إذا كانت هذه القوات تتبع السعودية أو الدولة حسب تعبيره، لأن من يصفهم “بأصحاب” البحث الجنائي لم يعطوهم أي تفاصيل.

ترى المنظمة أن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن قوات عسكرية تشرف عليها القوات السعودية قد ارتكبت عملية إعدام خارج نطاق القضاء بقتل سعيد عوض، يترتب عليها مسؤولية جنائية، حيث أن الحرمان التعسفي من الحياة ممنوع منعاً باتاً بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

عندما يتم تنفيذ عملية قتل غير مشروعة من قبل ممثلي السلطات المسيطرة على منطقة، تكمن وظيفتهم في إنفاذ القانون، لذلك تعد هكذا أفعال بمثابة الإعدام خارج نطاق القضاء بموجب القانون الدولي الإنساني.

وفي سياق نزاع مسلح – عندما يقوم أحد أطراف النزاع بقتل متعمد لشخص غير مشارك في الأعمال العدائية بشكل مباشر أو شخص توقف عن القتال، يكون ذلك بمثابة القتل العمد أو – في حالة الصراع غير الدولي – جريمة قتل.

القتل هو انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني وبالتالي جريمة حرب قد تؤدي إلى مسؤولية جنائية فردية. (1) الفقرة 200 الصفحة 64 تقرير فريق الخبراء البارزين 3 أيلول/ سبتمبر 2019

في 2016 كان شقيق وائل مطلوباً للأمن بتهمة الانتماء للتنظيم المتطرف “القاعدة”، فتمت مداهمة منزلهم بنية اعتقال شقيقه، لم يكن شقيقه موجوداً في المنزل، فقاموا بأخذ وائل واثنين من أشقائه وزوجة أخيه المطلوب كرهائن، هددوا زوجته بالتصوير، كما قام رجل أمن بوضع مسدسه الشخصي برأس الطفل وتهديدها إذا لم تخبرهم أين يتواجد زوجها.

قال وائل لسام: «بعد قرابة 40 يوماً تم إطلاق سراح شقيقي الأكبر، إلا أنهم أعادوا اعتقاله مجدداً ومازال معتقلا حتى اليوم دون تهمة ودون إجراء تحقيق معه، بدعوى الاحترازات الأمنية».

وأضاف: «على الرغم من أن السلطات تمكنت من إلقاء القبض على شقيقنا المطلوب بعد شهرين من اعتقالنا، غير أنها لم تفرج عني وعن الآخرين، والذين تم احتجازهم كرهائن للضغط عليه، إلا بعد 11 شهراً من الاعتقال».

أكد وائل تعرضه وشقيقيه للمعاملة القاسية والمهينة، والتعذيب النفسي الممنهج، إضافة إلى سرقة أموالهم بعد التواصل مع أهلهم لطلب المال بدون علمهم عندما كانوا في السجن، وقال: «كانوا يأخذونا معصوبي الأعين، ويخبروننا بأنه صدر بحقنا حكم إعدام، ويجعلوننا نعيش في جو من الخوف والرعب، ثم يرجعوننا إلى الزنزانة».

قال “فرج بخيت الزبيدي”، إن ولده ” سامي ” اُعتقل قبل أربع سنوات ـ عمره 16 سنة وقتهاـ من قبل قوات عسكرية تتبع المنطقة العسكرية الأولى التي تشرف عليها السعودية، وأكد أن ولده تعرض للضرب المبرح بالأسلاك الحديدية والعصي إضافة إلى السب والشتم والإهانات، فضلا عن وضعه في المياه الباردة في فصل الشتاء.

وفي مارس 2015 اُعتقل الطفلان سلطان غالب عمر علي بن علي جابر 18 عاماً وعبدالله وائل عمر علي بن علي، كان سلطان يبلغ من العمر عند اعتقاله 16 عاماً، بينما كان عمر عبدالله 17 عاماً، يقول أحد أقاربهم لسام بأنهم يعانون في معتقليهما من حالة نفسية، وأن سلطان وعبدالله اشتكيا من القيود الحديدية التي لا تبارح أقدامهم، علاوة على تعرضهم للضرب المبرح والصعق الكهربائي.

وحول زيارة المعتقلين ووضعهم الصحي، قالت سام إنها تلقت عدداً كبيراً من الشكاوى من عائلات المعتقلين، تفيد بحرمانهم من زيارة أبنائهم إلا بعد معاناة شاقة ومتابعات مستمرة لدى قيادة المنطقة العسكرية الأولى واللجنة الأمنية.

وثّقت “منظمة سام للحقوق والحريات” نقل القوات السعودية لبعض معتقلي سجن الطين إلى سجن المكلا المركزي، ومن ثم نقلهم إلى سجون المملكة وتحديداً إلى سجن “ذهبان ” حسب إفادات معتقلين سابقين.

في الأول من سبتمبر 2017 اُعتقل شاكر بن هامل، 57 عاما، من مدينة سيئون حضرموت من قبل قوات يمنية وبإشراف سعودي، وبعد إيداعه سجن الطين تعرض هامل للتعذيب القاسي مع بقية المعتقلين. هامل بحسب تأكيدات أهله، يعاني من أمراض كثيرة في المسالك البولية، حيث يتعرض لانحباسات أحيانا ينجم عنها حالة تسمم لجسمه، وبسبب ذلك يعاني من أورام في قدمه.

آخر زيارة لشاكر بن هامل كانت في شهر ديسمبر من العام 2018، في سيئون، وبعد ذلك انقطعت أخباره، ما جعل أهله يتابعون الجهات المختصة، ولكن لم يجدوا خبراً عن مكان احتجازه، وبحسب شهادة أحد الذين كانوا معه في المعتقل، فإنهم افترقوا في مطار سيئون في 2019، وأنه حسب ما سمع من أخبار “تم نقله مع آخرين إلى سجن ذهبان بالمملكة العربية السعودية”.

حصلت المنظمة على خبر إعادته مرة أخرى إلى اليمن.الجدير بالذكر أن ملف تحقيق بن هامل جاهز لدى نيابة المكلا لمحاكمته، فيما تطالب أسرته بتحقيق العدالة والافراج عنه.

عام 2018 قامت السلطات المحلية بإحالة معتقلي سجن الطين إلى السجن المركزي بالمكلا بهدف عرضهم على النيابة العامة ثم المحاكمة .

شقيق أحد المعتقلين في سجن المكلا المركزي ” المنورة ” قال بأن شقيقه تعرض للاعتقال «بتاريخ 27 سبتمبر 2018، من قبل قوة تتبع النخبة الحضرمية بدون أي أمر من النيابة. أُخفي قسراً لمدة عام دون أن نعرف مكان احتجازه، تعرض للتعذيب الشديد، صعق كهرباء وجلد وتعليق وتساقط الثلج عليه» وأضاف: «تابعنا الجهات القضائية ولكن دون رد من الأمن، وبعد متابعات متواصلة تم السماح بزيارته من خلف أسوار حديدية لمدة عشر دقائق ولمرة واحدة في الشهر».

وحسب الإفادة التي حصلت عليها سام من قبل أقارب أحد المعتقلين «خلال الأشهر الأخيرة من هذا العام تم منع الزيارة على الكل بحجة كورونا وعدم السماح للأولاد بالزيارة» وأضاف “لم يستلم رئيس المحكمة الجزائية الملفات بحجة أن لديه مطالب عند الدولة ولكنه وعد بأنه بعد عيد الاضحى الماضي بأن يبت فيها.

سجن المكلا المركزي، أو ما يعرف سابقاً بـ “المنورة” يقع في منطقة جول الشفاء بديس المكلا، ويتكون من خمسة مباني، اثنان منها يعرفان بالسجن العام، وفيهما مبنى الإدارة العامة، وفيه البدروم الذي يتم فيه إجراءات التعذيب والتحقيق وأخذ الاعترافات بالقوة، ومبنى للمخدرات ومبنى للقضايا السياسية ومبنى للنساء، وبالنسبة لمبنى القضايا السياسية توجد فيه زنازين صغيرة جداً “انفرادية”، وغرف خاصة بالتعذيب بعكس باقي المباني.

يشرف على التعذيب كلاً من مدير السجن على بازبيدي الذي يحمل رتبة عقيد، وهيثم بارجاش مساعد المدير حلقة وصل مع معسكر الربوة الذي يشرف عليه ضباط إماراتيين.

ويوجد في موقع الزيارة شبكين حديديين لحدود متر ونصف بين السجين وأهله. وهناك مبنى الخلوة الشرعية، الذي يعتبر حالياً المركز الصحي بالسجن وهو مجهز بمعدات حديثة ويتم فيه معالجة أفراد الأمن والمعتقلين الذين لا يراد إظهارهم للرأي العام وكذلك عموم السجناء.

ومؤخرا تم إنشاء سجن جديد يوازي السجن الكبير (العام) شكلاً وحجماً وتم فتحه قريباً. “أغلب المحتجزين في سجن “المنورة” يأتون بهم من مراكز احتجاز الريان أو القصر أو الربوة أو الطين، كنوع من إخلاء المسؤولية من قبل التحالف إلى السلطة هذا “ظاهرياً”، ولكن “في الباطن دولة الإمارات هي صاحبة القرار فيه” كما يقول أحد المعتقلين، حيث أن هناك ضابطاً إماراتياً هو المسؤول الفعلي عن السجن والقرارات التي تصدر فيه بالإفراج والتحقيق والتعذيب، الضابط يدعي “الكعبي ” وهو شاب في الثلاثينات من العمر، وضابط آخر يدعي “الكلبي” وهو المسؤول المباشر عن التعذيب خاصة في محتجز الريان.

نشطاء ومعتقلون سابقون وصفوا التعذيب في سجن “المنورة ” بأنه قاسٍ، رغم أنه اقل شدة من مراكز الاحتجاز في الريان والقصر والربوة. يتعرض المحتجزون إلى عقوبات متعددة مثل الحبس الانفرادي، يبقى المحتجز لأيام واقفاً ومقيد اليدين مع الضرب، إضافة إلى تعليق الأيدي على السقف وشدها حتى يقف المحتجز على الأصابع الكبرى للرجل فقط، ووضع قالب ثلج على رأس المعتقل في أيام البرد، إضافة إلى منع الزيارات والاتصالات والحقوق البسيطة للمحتجز مثل التعرض للشمس.

ومن أشكال التعذيب في سجن المنورة: مداهمة غرف الاحتجاز بالرصاص الحي وإصابة عدد من السجناء، وكذلك وضع السجناء في باحة المعتقل لمده 12 ساعة بدون ملابس إلا ما يستر عورتهم مقيدين مع بعض دون السماح لهم بقضاء حوائجهم أو الصلاة أو الأكل، يكابدون البرد ليلاً والشمس صباحاً، وكذلك وضعهم في البدروم لمده 12 يوماً مقيدين، كل اثنين مع بعض بأعين معصوبة.

يقول أحد المحتجزين السابقين: «يضربوك حتى يسلخوا جلدك وعندما يكون ردك الحمدلله أو يالله، يجن جنونهم، في أول ليلة تناوب عليّ ثلاثة اماراتيين ضرباً في الوجه، يد الواحد فيهم مثل رجلي وما كانوا يسمعون مني إلا الحمد لله لحوالي عشرين دقيقة، تصدق! ما كنت أحس بالألم رغم أنه من بعد الضرب ظلت أذني تنزف دماً وصديداً لحوالي عشرين يوماً، جن جنونهم يقولون من تكون حتى أنك تتحدى التحالف والدولة لحالك».

يتحدث سيف لسام يقول: «كنت بالأمس في زياره لأخي وأبلغني بأن نتواصل مع منظمة سام، وكذلك أغلب المساجين أشاروا بأن أتواصل مع المنظمة، وأنقل معاناتهم، ونقل معاناة المحتجزين في السجن المركزي بالمكلا وما يتعرضون له منذ أكثر من شهر من تعذيب، ناهيك عما تعرضوا له سابقاً من أنواع التعذيب والتي لا يتصورها العقل، وهم إلى الآن بدون محاكمة ولهم ما يقارب السنتين».

ثائر، أحد المعتقلين السابقين، قال بأنه وعند الساعة العاشرة من يوم الاثنين من شهر مارس 2018، تفاجأ بقوة أمنية من النخبة الحضرمية تقتحم محل عمله، وحسب شهادته: «أربعة أطقم مدججين بالأسلحة، كل الجنود كانوا ملثمين، رفع الجنود أسلحتهم في وجوه الزبائن فقالو أين فلان ابن فلان فقلت لهم أنا، فتقدم نحوي ثلاثة من الجنود وألقوني أرضاً وقاموا بركلي بأرجلهم وهم يتلفظون بألفاظ قبيحة ويسبون الدين والرب.

ثم وضعوا قطعة قماش على عيوني، أخذوني ولا أعلم إلى أين يقتادوني، وقاموا بضربي في الطريق ضرباً مبرحاً ثم وضعوني داخل “كرفانة” ولم أعلم أين أنا بالضبط»، وأضاف ثائر بأنه ظل داخل الكرفانة حتى العصر وعندما سأل عن المكان الذي هو فيه، ردوا عليه بالضرب والشتيمة .

وأكد ثائر بأنهم وضعوه في غرفة وتفاجأ بشخص يعرفه في نفس الغرفة، وعندما سأله عن مكان وجودهما، قال له أنه في القصر الجمهوري بفوة -إسم منطقة في حضرموت- و بعد ضربه نقلوه إلى مكان غير معروف وأدخلوه غرفة ضيقة تسمى انفرادية، يقول ثائر: «مع مرور الوقت عرفت أنه مطار الريان» وأكد: «وأنا في الانفرادية سمعت صراخاً لأشخاص يحققون معهم ويعذبونهم وكنت خائفاً. صراحة في الليلة الأولى لم يقتربوا مني، تركوني أستمع لأصوات الألم والصياح لدرجة تفوق العقل».

في اليوم الثاني تعرض ثائر للضرب بالأسلاك، أثناء ما كان يحقق معه ضابطا إماراتياً، «ثم حطوا رأسي إلى الأسفل، وقدمي للأعلى، وهم يركلون وجهي بأقدامهم، ثم جردوني من ملابسي وحطوني على قالب ثلج لمدة الساعة تقريبا، وأرجعوني الزنزانة عند الفجر، وبعد ثلاثة أيام أخذوني إلى التحقيق مرة أخرى ولكن هذه المرة كانت أشد، كان هناك الصعق بالكهرباء والضرب على الأقدام وقد فقدت إحدى أصابع رجلي».

بعد فترة تم نقل ثائر وبعض المعتقلين إلى سجن المنورة وعندما قام السجناء بالمطالبة بحقوقهم دخلت عليهم فرقة ملثمين وأطلقوا الرصاص الحي على السجناء مباشرة، وتعرض ثلاثة من السجناء للإصابة.

سعد، 22 عاماً، أب لطفل، قام بتسليم نفسه للجهات الأمنية في مدينة سيئون، بعد ملاحقته من قبل القوات الامنية بتهمة القاعدة، فنقلوه إلى السجن العام في المنطقة العسكرية الأولى، قال لسام: «عند وصولي تفاجئت بكثرة أعداد المحتجزين التي تفوق قدرة السجن الإستيعابية».

أشار سعد بأنهم يتعرضون للتعذيب القاسي من قبل الضباط السعوديين، شخص يدعي أبو نواف واسمه بندر العتيبي، وآخر يدعى أبو سالم، وأكد أن الجنود اليمنيين والقائمين على السجن لا يختلفون عنهم، حيث كانوا يتشاركون في تعذيب المعتقلين، ومن ضمنهم شخص إسمه الوعيل، وهو مسؤول وشاويش السجن الذي يعاني منه الجميع، وآخر يدعى حبيب وهؤلاء مكلفان بضرب المعتقلين حتى بلا أسباب حسب رواية سعد.

وروى سعد، أنه في إحدى المرات أضرب مع خمسة من المعتقلين، وأعادوا وجبة الغداء بسبب سوء التعذية: «بعدها تم اتهامي بأني محرض، وفي نفس الليلة تم إخراجي ليلاً وتهديدي من قبل إدارة السجن، أرادوا مني أن أتقلب في التراب كجزاء عسكري فرفضت.

بعد ذلك حصلت مواجهة مع الجنود بالأيدي بحضور المدير، أمر بإلقائي داخل السيارة المخصصة لنقل السجناء وهي “دينا” مصفحة ضد الرصاص وشديدة الحرارة، هذه الطريقة تستخدم يومياً لإيذاء السجناء، تركوني إلى ظهيرة اليوم التالي بداخل القفص في السيارة بدون ماء شرب، ثم حضر المدير ووضع قيوداً على يدي ورجلي، وأخذوني إلى السجن المجاور وهو سجن الطين، أدخلوني فوراً في غرفة ضيقة جدا تسمى الضغاطة».

أكد سعد، أنه لم يرَ الشمس لمدة شهر، وذكر بأن هناك الكثير في “الضغاطات” لا يرونها، كما أن هناك معتقلين ممن لا يُسمح لهم بالزيارة ومنذ سنوات يقبعون في غرف مظلمة، لا يخرجون أبداً، حسب حديث سعد: «يوجد القليل ممن يستطيعون الخروج لساعات معينة في الحوش وإذا قُرع باب السجن، يهربون خوفًا حسب أوامر المدير وشاويش السجن، يهربون وكأنهم قطيع غنم».

بعد سنوات من الاحتجاز أصدرت محكمة المكلا حكما ببراءة 18 محتجزاً ممن اُتهموا بالانتماء لتنظيم مسلح من أصل 69، تحدث أهالي معتقلين وكذلك معتقلين سابقين لمنظمة سام، الكثير منهم لم يصدر بحقه قرار أو حكم إدانة منذ عامين وثلاثة أعوام، والبعض حصل على قرار إفراج من النائب العام دون الإحالة للمحكمة وظلوا محتجزين لفترات طويلة، كل مطالب الأهالي تحريك ملف ذويهم قضائياً وإدانتهم اذا ثبت ضدهم أي تهم بأدلة قانونية صحيحة، أما أن يظل ذويهم ثلاث أو أربع سنوات دون تهم أو حتى ملفات، فهذه جريمة.

قالت منظمة سام للحقوق والحريات في اليمن، بأن ملف المعتقلين والمخفيين قسراً يعد من أشد الملفات تعقيداً التي خلفتها الحرب، حيث ترك آثاراً سياسية ونفسية وانسانية عميقة لدى الأهالي والضحايا.

جميع الأطراف مارست الاعتقال التعسفي والاخفاء القسري والتعذيب بحق المحتجزين واستخدمته كورقة سياسية للابتزاز بصورة لا إنسانية، ولذا يجب عليهم التوقف الفوري عن هذه الانتهاكات وإطلاق سراح كافة المعتقلين تعسفياً وتقديم معلومات كاملة عن المخفيين قسرا.

وقالت سام إن غياب ملف المعتقلين تعسفاً والمخفيين قسرا في المناطق الجنوبية، عن أي مفوضات يجعل مستقبله مجهولاً في ظل ضعف المنظمات الحقوقية الضاغطة، والمؤسسات القضائية، في مقابل سطوة وسيطرة قوات التحالف والقوات التي تعمل تحت إشرافها ولذا على المجتمع الدولي والمبعوث الاممي في مقدمته، منح ملف المعتقلين في المناطق الجنوبية أولوية إنسانية، والضغط على الاطراف المسيطرة على الارض بما فيها التحالف والحكومة الشرعية لإطلاق كافة المعتقلين، وتعويضهم عن الضرر الذي لحق بهم، وإحالة من يثبت تورطه بتهم جنائية الى القضاء.

وأشارت المنظمة إلى أن «القانون الدولي يوجب توفير الحماية الأساسية للمحتجزين في الحرب الأهلية التي يتمتع بها كل المحتجزين في الظروف الطبيعية، منها مثول المحتجز بسرعة أمام سلطة مستقلة كقاضٍ مثلاً، ويجب إطلاق سراحه فور انتفاء أسباب حرمانه من حريته، كما ينبغي معاملة جميع المحتجزين بإنسانية دائماً، كما يجب السماح بالزيارات العائلية إن كانت ممكنة بموجب القانون الإنساني الدولي، كما أن حظر التعذيب وأنواع سوء المعاملة الأخرى من أهم قواعد قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدوليَّين، إذ لا توجد ظروف استثنائية تبرر التعذيب، وعلى الدول التحقيق في حالات التعذيب وملاحقة المسؤولين عنها».

 

اقرأ أيضاً: منظمات حقوقية للأمم المتحدة: على المجلس ردم فجوة المساءلة العميقة في اليمن

قد يعجبك ايضا