الدول الداعمة لقسد تتشارك معها المسؤولية عن الانتهاكات المروّعة لحقوق الإنسان

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – انتقد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة استمرار الدعم الدولي لما يعرف بـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تسيطر على مناطق واسعة شمال شرقي سوريا، رغم تورطها في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان إنّ “قسد” ما تزال تتلقى دعمًا سياسيًا وعسكريًا وماليًا سخيًا من دول كالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والسويد.

واستنكر المرصد الحقوقي دعم القوات دون قيود تتعلق باحترامها لحقوق السكان في المناطق التي تسيطر عليها، وخصوصًا وضع السجون التي تحتجز فيها “قسد” عشرات الآلاف بظروف غير إنسانية على خلفية ادعاءات لم يتم التثبّت منها على نحو مستقل.

وأوضح المرصد الدولي أنّ “قسد” تحتجز منذ سنوات أكثر من 4,000 شخص بينهم نحو 750 طفلًا، في ظروف إنسانية غاية في السوء.

ودون محاكمة أو إجراءات قانونية سليمة، بزعم صلتهم أو آبائهم بتنظيم “داعش”، الذي أعلنت “قسد” النصر عليه عسكريًا في مارس/ آذار 2019، بدعم جوي ولوجستي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.

وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ المملكة المتحدة أقرّت في أغسطس/ آب 2021 خططًا بقيمة 20 مليون دولار لدعم سجون “قسد” وتحسين ظروفها.

وهذا يحدث دون الالتفات إلى حجم الانتهاكات التي تُمارس داخل السجون، والتي تسببت بوفاة عدد من السجناء وتفشي أمراض معدية بينهم مثل مرض السل، مع انعدام شبه كامل للرعاية الطبية.

وقال الأورومتوسطي إنه بينما يعيش الآلاف من المحتجزين داخل سجون “قسد” ظروفًا قاسية، إلا أن الأطفال على وجه التحديد يواجهون ظروفًا مروّعة تهدد صحتهم الجسدية والعقلية بشكل خطير.

وبينما يقبعون في السجون في ظروف أشبه بالإخفاء القسري، فإنهم يُحرمون من الزيارات والرعاية الصحية وضوء النهار، فيما ترفض “قسد” الإفراج عن المصابين والمرضى منهم بدعاوى أمنية.

وذكر أنّ هجوم مسلّحي داعش على سجن “الصناعة” بالحسكة في يناير/ كانون ثان 2022، كشف عن تقصير مشين بحق السجناء.

إذ لم تعلن “قسد” بشكل واضح عن عدد القتلى أو المصابين من السجناء نتيجة الهجوم، غير أنّ بعض المحتجزين في السجن أبلغوا عن مقتل وإصابة عدد من زملائهم –بينهم أطفال- خلال القصف والاشتباكات.

وقالوا إنّ الجرحى لم يتلقوا رعاية طبية، إذ ظلّ أحد السجناء الأطفال ينزف حتى الموت دون أي مساعدة.

وعقب الهجوم، زار ممثل “يونيسيف” في سوريا السجن، وأكّد صعوبة الوضع الإنساني للمحتجزين بعد هجوم داعش، إذ أبلغه بعض الأطفال أنّهم جائعون، وبحاجة إلى الماء والرعاية الطبية.

وفي شهر يونيو/ حزيران 2022، أعلنت أسرة الفتى الأسترالي المحتجز تعسفيًا في سجون “قسد” “يوسف ذهب” وفاته دون علمها بالأسباب المحددة للوفاة.

وقالت إنّه أصيب بمرض السل في وقت سابق داخل السجن، كما أصيب بجراح خلال هجوم داعش على سجن الصناعة، وتوفي بعد ذلك.

وقالت العائلة إنّها ناشدت لسنوات الحكومة الأسترالية لإعادة طفلها إلى بلاده، لكنّ الحكومة لم تفعل شيئًا حيال ذلك.

وعلى مدار السنوات الماضية، دعمت الولايات المتحدة الأمريكية “قسد” بمئات ملايين الدولار وكميات كبيرة من الأسلحة ضمن إطار الحرب على “داعش”، كما تتعهد باستمرار بالحفاظ على الشراكة معها دون اعتبار لسجلها الحقوقي المشين.

وفي موازنتها لعام 2023، خصصت وزارة الدفاع الأمريكية 450 مليون دولار لبرنامج تدريب وتجهيز قوات الأمن العراقية، والبيشمركة الكردية، وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

وفي مارس/ آذار 2022، وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وفاة محتجزين اثنين خلال أقل من شهر واحد في سجون “قسد”.زى المرصد سبب الوفاة إلى ما يُعتقد أنّها ممارسات تعذيب قاسية.

وقال المرصد إنّ حالات التعذيب داخل سجون “قسد” ليست ممارسة معزولة أو سلوكًا فرديًا، ولكنّها على ما يبدو سياسة ممنهجة لإلحاق الأذى الجسدي والنفسي بالمحتجزين، وترهيب النشطاء والمعارضين السياسيين.

وقال مسؤول العمليات في المرصد الأورومتوسطي “أنس جرجاوي”: “يجب أن تدرك الدول الداعمة لـ”قسد” أنّ الأموال التي تقدمها تساهم بشكل مباشر في تنفيذ انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان، وتُستخدم لتعزيز منظومة الاضطهاد التي تمارسها “قسد” في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا”.

ودعا المرصد الأورومتوسطي الدول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) ولا سيما الولايات المتحدة إلى وقف دعمها غير المشروط للميليشيا المسلّحة.

هذا وطالب المرصد الضغط عليها للإفراج فورًا عن مئات الأطفال المحتجزين لديها دون محاكمة أو أسباب قانونية وجيهة، وتحسين الوضع الإنساني في جميع مراكز الاحتجاز بما يضمن توفير الاحتياجات الأساسية للمحتجزين وفي مقدمتها الرعاية الطبية.

وحث المرصد الأورومتوسطي جميع الدول على استعادة مواطنيها المحتجزين في سجون “قسد”، وإخضاعهم لتقييم قانوني عادل لتحديد مصيرهم، وعدم تجاهل الأوضاع الصعبة وغير الإنسانية التي يعيشونها داخل السجون.

قد يعجبك ايضا