الأورومتوسطي: تأييد حبس صحافيين وناشطين حقوقيين يرسّخ سياسة تجريم المنتقدين في المغرب

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه العميق إزاء تأييد محكمة مغربية سجن صحافيين معارضين في المغرب على خلفية تبدو انتقامية، وعقب محاكمات شابتها مخالفات قانونية واضحة.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الأحد، إنّ السلطات المغربية تبدو عازمة أكثر من أي وقت مضى على تدفيع الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ثمن نشاطهم المشروع، وتوظّف في سبيل ذلك القضاء لمعاقبتهم وتغييبهم، دون اعتبار لحرية الرأي والتعبير، أو احترام لمبدأ استقلالية وحيادية القضاء.

ومساء الخميس 3 مارس/ آذار الجاري، أيّدت محكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء الحكم الابتدائي الصادر بحق الصحافي “عمر الراضي” ست سنوات نافذة بتهم “الاغتصاب” و”التخابر مع جهات أجنبية”، و”المسّ بسلامة أمن الدولة”، والصحافي “عماد استيتو” سنة واحدة منها ستة شهور نافذة بتهم “المشاركة في الجريمة” و”عدم تقديم مساعدة إلى شخص في خطر”.

كما أيّدت المحكمة في 24 فبراير/ شباط المنصرم الحكم الابتدائي بسجن الصحافي “سليمان الريسوني” خمس سنوات بتهمة “الاعتداء الجنسي”.

ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ طبيعة التهم التي تنسبها السلطات للصحافيين قد تشير إلى نيّة واضحة ليس فقط بتغييبهم وإسكات صوتهم، بل بتشويه سمعتهم، والإضرار بالصورة الذهنية لدى المغربيين عن الصحافيين المعارضين وربطها بالفساد الأخلاقي، والتجسس لصالح جهات خارجية.

وأكّد أن الصحافيين المدانين لم يُمنحوا حقّهم في الدفاع عن أنفسهم على النحو الذي ينص عليه القانون، إذ تم تقييد وصولهم إلى محاميهم، ولم يُسمح في بعض الأحيان (حالة عمر الراضي) لفريق الدفاع في استجواب شهود الإثبات وتقديم أدلة تثبت عدم اتساق أقوال المدعِيّة عليه.

وقالت مسؤولة الإعلام في المرصد الأورومتوسطي “نور علوان” إنّ السلطات المغربية عادة ما تلجأ إلى اتهام الصحافيين والنشطاء المعارضين بقضايا تمس الجوانب الوطنية أو الأخلاقية للحد من إمكانية التضامن معهم، وإظهارهم بمظهر الخارجين عن التقاليد الأخلاقية والوطنية للمجتمع، ما يخلق حالة من الشكّ لدى البعض في فهم الأسباب الحقيقية لتغييبهم في السجون.

وأضافت أنّ سياسة السلطات المغربية في إقصاء المعارضين وقمع الاحتجاجات الشعبية كحراك الريف، يمكن أن تكون إشارة كافية إلى تعمّدها استهداف الصحافيين واغتيالهم معنويًا، إذ لا يبدو تشابه الاتهامات الموجهة إليهم عملًا من قبيل الصدفة، بل امتداد لسياسة ممنهجة قائمة على الإقصاء والانتقام من الصحافيين والنشطاء المعارضين على خلفية نشاطاتهم في انتقاد السياسات الحكومية والكشف عن قضايا فساد مزعومة.

وفي أبريل/ نيسان من العام الماضي، خاض الصحافيان “عمر الراضي” و”سليمان الريسوني” إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على استمرار احتجازهما وتعمّد إدارة السجن التضييق عليهما من خلال إجراءات استفزازية، حيث فقدا عدة كيلوغرامات من أوزانهما، إضافات إلى مضاعفات صحية أخرى كونهما يعانيان أمراضًا مزمنة.

وفي يونيو/ حزيران 2020، كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية أنّ السلطات المغربية اخترقت على نحو غير قانوني الهاتف المحمول الخاص بالصحافي “عمر الراضي” من خلال برمجية تجسس من إنتاج مجموعة “إن إس أو” الإسرائيلية، في تأكيد على السلوك المتعمد لاستهداف الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وفي يوليو/ تموز 2021، نشر المرصد الأورومتوسطي تقريرًا وثّق استخدام السلطات المغربية وسائل غير قانونية لاحتجاز وملاحقة النشطاء والصحافيين والتشهير بهم، وعدّ غياب الضمانات الدستورية والقانونية الكافية لحماية الحق الأساسي في حرية الرأي التعبير والعمل الصحافي سببًا مباشرًا لتفاقم الانتهاكات والتجاوزات الرسمية تجاه ممارسة الحريات.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات المغربية إلى التراجع عن الأحكام القاسية بحق الصحافيين المعارضين، وإعادة محاكمتهم وفق إجراءات قانونية سليمة، بما في ذلك منحهم كامل حقوقهم في الدفاع والاعتراض، والكفّ عن استهداف الصحافيين لمجرد نشاطهم المعارض للسياسات الحكومية.

وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات المغربية باحترام استقلالية وحيادية القضاء، والامتناع عن جعله أداة لمعاقبة وتغييب الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتجريم ممارسة الأفراد والكيانات لحقوقها الأصيلة في النقد والتعبير والنشر.

قد يعجبك ايضا