تصاعد الاحتجاجات العمالية في إيران بسبب الأجور غير المدفوعة، واعتقالات تعسفية

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة “نشطاء حقوق الإنسان” الإيرانية، إن العمال الإيرانيين يواجهون تحديات اقتصادية وسياسية متزايدة للحصول على حقوقهم العمالية.

خلال السنوات الأربع الماضية، وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية في إيران، ازدادت الاحتجاجات العمالية في البلاد، حسبما وجدت منظمة نشطاء حقوق الإنسان في تقريرها الجديد عن حقوق العمال.

حاولت السلطات الإيرانية قمع وإسكات النشطاء في المنظمات والنقابات العمالية الذين قادوا احتجاجات ضد تدني الأجور وتدهور مستويات المعيشة.

بالإضافة لذلك، تُظهر الأعداد الكبيرة لحوادث السلامة المتعلقة بالعمل، وحالات عدم دفع الأجور ظروف عمل خطرة وتراجعا إضافيا في تدابير حماية العمال في السنوات الأخيرة.

قالت هيومن رايتس ووتش: “يتصدر النشطاء العماليون الإيرانيون النضال من أجل الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع في إيران، ودفعوا ثمنا باهظا جراء القمع الحكومي”.

وأضافت المنظمة: “على السلطات الإيرانية الاعتراف بحقوق النقابات العمالية والانخراط في جهود مجدية لمعالجة المشاكل الاقتصادية المتفاقمة في البلاد”.

ردت السلطات الإيرانية على زيادة الاحتجاجات العمالية والتحركات ذات الصلة باعتقالات ومحاكمات لنشطاء حقوق العمال.

خلال الأشهر الـ 12 الماضية، اعتُقل ما لا يقل عن 69 عاملا، واستُدعي عشرات آخرون للاستجواب، بحسب منظمة نشطاء حقوق الإنسان.

منذ مارس/آذار، زادت السلطات المضايقات والاستدعاءات لاستجواب الأعضاء النشطين في “نقابة المعلمين الإيرانيين”، التي تقود احتجاجات في أنحاء البلاد للحصول على أجور عادلة على مدى السنوات الثلاث الماضية.

احتجزت السلطات “إسماعيل عبدي“، الأمين العام لنقابة المعلمين، للسنوات الخمس الماضية.

أمير عباس آذردم“، “محمد إيران نژاد“، “نصر الله أميرلو“، “مرتضى سيدي“، “هاله صفرزاده“، “علي رضا ثقفي“، “آرش جوهري“، “إسماعيل كرامي“، و”عاليا اقدام دوست“، هم من بين نشطاء حقوق العمال المسجونين حاليا في إيران.

وثقت منظمة نشطاء حقوق الإنسان أنه بين مايو/أيار 2021 ومايو/أيار 2022، أصيب 10,707 عاملا على الأقل في حوادث متعلقة بالعمل.

تشير الإحصائيات إلى أنه خلال هذه الفترة توفي ما لا يقل عن 811 عاملا في حوادث متعلقة بالعمل، بينما أعلن المسؤولون عن وفاة 438 شخصا، وأعلنت مجموعات محلية عن وفاة 373 شخصا آخر.

يُظهر هذا الرقم انخفاضا كبيرا من 1,790 شخصا ماتوا بسبب حوادث متعلقة بالعمل العام السابق، بينما تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن ما لا يقل عن 1,200 شخص ماتوا من إصابات مرتبطة بالعمل سنويا خلال الـ 12 عاما الماضية.

وفقا لبيانات “منظمة الطب الشرعي الإيرانية”، بين 2008 و2018، فقد 15,997 شخصا حياتهم في حوادث متعلقة بالعمل. أفادت المنظمة أن 42%من العمال الذين لقوا حتفهم سقطوا من حواف مباني غير آمنة.

بحسب أكبر شوكت، رئيس الاتحاد الرسمي لنقابات العمال، يشكل عمال البناء 50%من المصابين أثناء العمل.

أفادت “وكالة أنباء الطلاب الإيرانية” (إسنا) أن ثلث الذين يعملون كعمال بناء ما زالوا ينتظرون تغطية التأمين والضمان الاجتماعي.

وفقا للبيانات المجمّعة من منظمة نشطاء حقوق الإنسان، هناك 45,462 عاملا على الأقل لديهم أجور متأخرة، بزيادة من 34,318 في العام السابق.

القطاع العام مسؤول عن 76% من هذه الأجور المتأخرة، وخاصة البلديات الإيرانية، بينما يعتبر أصحاب العمل في القطاع الخاص مسؤولون عن بـ14% من الأجور المتأخرة، وقطاع الطاقة الإيراني مسؤول عن 7%.

في 16 مارس/ آذار، حدد “المجلس الأعلى للعمل” في إيران، المكون من ممثلين عن العمال وأصحاب العمل ووزارة العمل، الحد الأدنى الأساسي الشهري للأجور للفترة من مارس/آذار 2022 إلى مارس/آذار 2023 بـ 5.679 مليون تومان (نحو 203 دولار أمريكي)، بزيادة 57%عن العام السابق لمراعاة التضخم.

بموجب المادة 41 من قانون العمل الإيراني، على المجلس الأعلى للعمل تحديد الحد الأدنى للأجور بناء على حسابات البنك المركزي الإيراني للتضخم، وتعديله بما يكفي لمتوسط ​​حجم الأسرة حسبما يحدده المركز الإحصائي.

في 5 فبراير/شباط، حدد المجلس الأعلى الحد الأدنى للتكاليف الشهرية لعائلة مكونة من 3.3 أفراد ليكون 8.900 مليون تومان (حوالي 318 دولار)، وهو أعلى من الحد الأدنى المحدد للأجور.

يبلغ معدل البطالة في إيران حوالي 9%، مع ارتفاع معدل البطالة بين النساء إلى ضعف معدل بطالة الرجال، وفقا للإحصاءات الرسمية. تظهر البيانات أيضا أنه خلال جائحة “كوفيد 19″، تركت أكثر من 177 ألف امرأة سوق العمل.

خلال السنوات القليلة الماضية، تصاعدت الاحتجاجات العمالية المنظمة حول تدهور مستويات المعيشة، وتأخر الأجور، وانخفاض الدعم التأميني.

قاد بعض هذه الاحتجاجات عمال “شركة هفت تبه لقصب السكر ” ونقابة المعلمين الإيرانيين، وعمال السكك الحديدية، والمتقاعدين الذين يعتمدون على معاشات الضمان الاجتماعي.

خلال الأشهر الـ 12 الماضية، وثقت منظمة نشطاء حقوق الإنسان 780 إضرابا للمنظمات والنقابات العمالية. منذ 2018، وقع ما لا يقل عن 4,042 احتجاجا و1,169 إضرابا لجمعيات ونقابات العمال.

عام 1996، قضت محكمة العدل الإدارية الإيرانية بأنه يمكن لأصحاب العمل استخدام العقود المؤقتة لما يُصنف على أنه وظائف “ذات طبيعة مستمرة”.

منذ ذلك الحين، وصف ممثلو النقابات العمالية ارتفاع أعداد العقود المؤقتة التي تجعل العمال غير مؤهلين للحصول على الحماية في قانون العمل في البلاد.

في 2 فبراير/شباط 2021، قال أحمد رضا معيني، ممثل “المجلس الإسلامي الأعلى للعمل”، لوكالة إسنا إن أكثر من 97% من العمال يعملون بعقود مؤقتة.

يشهد الاقتصاد الإيراني انكماشا في قطاعات متنوعة منذ 2018. أثّر التضخم المرتفع الذي يصل إلى 40%، وفقا للإحصاءات الرسمية، على مستوى معيشة العائلات في جميع أنحاء البلاد.

وفقا للمعلومات التي نشرها “المركز الإحصائي الإيراني” في يناير/كانون الثاني، ارتفع سعر المواد المصنفة على أنها أغذية ومشروبات وتبغ في سلة مشتريات الأسرة بـ 42.5% عن العام السابق.

لا يعترف قانون العمل الإيراني بالحق في إنشاء نقابات عمالية مستقلة عن المجموعات التي توافق عليها الحكومة مثل مجلس العمل الإسلامي.

مع ذلك، شكل العمال نقابات كبيرة ومستقلة، بما فيها “نقابة عمال شركة حافلات طهران والضواحي”، ونقابة عمال شركة هفت تبه لقصب السكر، و”اتحاد عمال إيران الأحرار”.

تحمي المادة 22 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” والمادة 8 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” الحق في تشكيل النقابات والانضمام إليها.

إيران طرف في المعاهدتين. إيران عضو أيضا في “منظمة العمل الدولية“، لكنها لم تصادق على “اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87″ (الحرية النقابية وحمية حق التنظيم النقابي) و”اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98” (حق التنظيم والمفاوضة الجماعية).

قالت منظمة نشطاء حقوق الإنسان: “انتهاكات إيران المستمرة والواسعة النطاق لحقوق العمال ونشطاء حقوق العمال تثير قلقا بالغا.

العدد الهائل من الحوادث التي وثقتها المنظمة خلال السنوات العديدة الماضية يؤكد الحاجة الملحة للإصلاح في ضوء النقص الخطير في تدابير الحماية الكافية والملائمة لحقوق العمال”.

قد يعجبك ايضا