منظمات حقوقية تطالب الرئيس المصري التحرك لفك الخناق عن الحريات

دعت عدد من المنظمات الحقوقية، السلطات المصرية، إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء حملة القمع الشاملة التي تشنها السلطات المصرية على المنظمات الحقوقية المستقلة وكافة أشكال المعارضة السلمية.

وكررت المنظمات مطلبها بتشكيل آلية أممية للرصد والإبلاغ بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر؛ وذلك في سبيل بلوغ تحسن ملموس ومستدام لوضع حقوق الإنسان في البلاد.

يذكر أن أكثر من 30 دولة عضو في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة كانت قد أعربت –في بيان مشترك– في 12 مارس 2021، عن قلقها العميق إزاء “مسار حقوق الإنسان في مصر”.

وأكدت الدول على مشاطرتها المخاوف مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان وأصحاب الولايات من خبراء الأمم المتحدة والمقررين الخواص في هذا الصدد.

وأكدت المنظمات بدورها عن قلقها العميق إزاء ممارسات الاعتقال التعسفي والاحتجاز والملاحقات القضائية الأخرى بحق المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان.

وقالت المنظمات أن أثنان من مديري المنظمات الحقوقية هما محمد الباقر وعزت غنيم، يقبعان في الوقت الراهن خلف القضبان ظلمًا، إضافة إلى الباحثين في مجال حقوق الإنسان باتريك جورج زكي وإبراهيم عز الدين، والمحامين ماهينور المصري وهيثم محمدين وهدى عبد المنعم.

كما أكد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أنه قد صدر بحق مؤسسه ومديره “بهي الدين حسن” حكمًا غيابيًا مشينًا بالسجن لمدة 15 عامًا.

وانتقامًا من المدافعين عن حقوق الإنسان لتعاونهم مع آليات الأمم المتحدة؛ تستخدم السلطات المصرية حظر السفر، وتجميد الأصول والضم لــ”قائمة الإرهابيين” كعقوبات تعسفية، فضلاً عن التحقيقات الجنائية المطولة في القضية رقم 173 لسنة 2011، المعروفة بقضية الانتقام من المنظمات الحقوقية.

وفي سياق متصل، شاركت المنظمات 7 من خبراء الأمم المتحدة مخاوفهم بشأن قانون الجمعيات الأهلية رقم 149/2019؛ لإخلاله بالتزامات مصر الدولية فيما يتعلق بضمان الحق في حرية تكوين الجمعيات.

هذا بالإضافة إلى المخاوف الجدية بشأن التعريف الفضفاض للإرهاب في القانون رقم 94 لسنة 2015 المتعلّق بمكافحة الإرهاب، وكذا في قانون العقوبات لتعارضه مع المعايير الدولية، إذ يسمح بتجريم ممارسات تدخل في نطاق الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.

كما تعد إساءة استخدام «الدوائر الخاصة بالإرهاب» في المحاكم الجنائية ونيابة أمن الدولة العليا أمرًا مثيرًا للقلق؛ لاستهدافها المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من المعارضين السلميين.

هذا بالإضافة إلى تعرض الصحفيات والصحفيين ووسائل الإعلام لحملات قمع ممنهجة مثيرة للقلق؛ إذ لا تزال مئات المواقع محجوبة، وما لا يقل عن 28 صحفية وصحفي محتجزًا وراء القضبان بسبب عملهم، أو بسبب التعبير عن وجهات نظر انتقادية، من بينهم إسراء عبد الفتاح وإسماعيل الإسكندراني.

شاركت المنظمات أيضًا التقييم نفسه الذي تبناه فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بشأن الأوضاع في مصر، والذي أقر أن الاحتجاز التعسفي يمثّل مشكلة دائمة ومنهجية في مصر.

فمنذ تقلد الرئيس السيسي السلطة، اعتقلت واحتجزت قوات الأمن المصرية، بتواطؤ مع وكلاء النيابة والقضاة، آلاف الأشخاص بشكل تعسفي، بناءً على اتهامات لا أساس لها تتعلق بالإرهاب.

وتتضمن قائمة المعتقلين مدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء في مجال حقوق الأقليات الدينية ومتظاهرين سلميين وصحفيين وأكاديميين وفنانين ومحامين وسياسيين معارضين، بالإضافة لأقارب معارضين أُجبروا على الرحيل للمنفى.

وبشكل روتيني، تُخضع قوات الأمن المصرية المحتجزين للإخفاء القسري والتعذيب، وهو ما اعتبرته لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة “ممارسة منهجية في مصر”، ويتبع ذلك إدانتهم بشكل روتيني في محاكمات جماعية جائرة، بعضها أمام محاكم عسكرية.

كما تتواصل قائمة الانتهاكات الجسيمة نتيجة لتفشي الإفلات من العقاب في مصر، كما أوضحه خبراء الأمم المتحدة ولجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

منذ 2014، حُكم على المئات بالإعدام وأُعدم العشرات بعد محاكمات اعتمدت على «اعترافات» تم انتزاعها تحت وطأة الضغط والتعذيب.

كما يقبع آلاف رهن الاحتجاز المطول السابق للمحاكمة دون منحهم فرصة للطعن بشكل فعّال على مدى شرعيّة احتجازهم.

وتتجاوز فترات الحبس الاحتياطي الحد الأقصى المسموح به –وهو عامين بموجب القانون المصري. وإذا ما قرر وكلاء النيابة والقضاة الإفراج عن بعضهم، تدخل جهاز الأمن الوطني بالتواطؤ مع النيابة العامة ليعيد ضمهم لقضايا جديدة بالتهم ذاتها؛ لإبقائهم محتجزين إلى أجل غير مسمى دون محاكمة، ما بات معروفًا بـ “التدوير”.

وفي هذا السياق نشارك أيضًا خبراء الأمم المتحدة مخاوفهم بشأن ظروف السجن القاسية واللاإنسانية في مصر، والحرمان المتعمد من الرعاية الطبية الكافية، مما ساهم في بعض الوفيات في السجون كان من الممكن تجنبها، وألحق أضرارًا جسيمًة بصحة السجينات والسجناء.

ففي عام 2020 وحده، توفي ما لا يقل عن 35 شخصًا أثناء الاحتجاز أو بعد الإفراج عنهم بفترة وجيزة تأثرًا بالمضاعفات الطبية، كما تفاقمت أزمة الصحة وحقوق الإنسان في السجون أكثر بسبب فشل السلطات في التعامل مع تفشي جائحة كوفيد-19 بشكل مناسب.

وفي شبه جزيرة سيناء، نشارك أيضا المفوضة السامية لحقوق الإنسان مخاوفها بشأن الممارسات المقلقة من التهجير والإخفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة للمحتجزين.

ونجدد نشر دعوتها للسلطات المصرية بـ “الاعتراف بأن حرمان الناس من حقوقهم، كما هو الحال في جميع البلدان التي تواجه تحديات أمنية وتطرفًا عنيفًا، لن يجعل الدولة أكثر أمانًا، بل على العكس سيساهم في تفاقم عدم الاستقرار”.

أما عن التمييز ضد النساء والفتيات، فلا يزال راسخًا في القانون والممارسة؛ وبالإضافة إلى فشل السلطات في معالجة تفشي العنف الجنسي القائم على النوع الاجتماعي، استهدفت أيضًا المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطين ضد العنف والتحرش الجنسي من خلال الاعتقالات والمضايقات والتهديدات وغيرها من الأعمال الانتقامية.

كما وظفت السلطات المصرية قوانين الأخلاق والفجور لاحتجاز ومقاضاة الناجيات والشهود على العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، والنساء المؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي، وأعضاء وناشطي مجتمع الميم.

وبناء عليه، حثت المنظمات الرئيس المصري على التأكد من التنفيذ الكامل للتوصيات التالية من أجل ضمان تحسينات ملموسة في وضع حقوق الإنسان في مصر، وضمان امتثال مصر لالتزاماتها الدولية:

  • الإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزات والمحتجزين بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع أو بشكل تعسفي، والمحتجزات والمحتجزين لفترة طويلة دون محاكمة أو إمكانية الطعن في قانونية احتجازهم، وإنهاء الممارسة المعروفة بـ «التدوير»، وحماية المحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وضمان تواصلهم المنتظم مع عائلاتهم، ومحاميهم الذين يختارونهم، وحصولهم على الرعاية الطبية المناسبة.
  • إدانة علنا عمليات القتل خارج نطاق القانون وممارسات الإخفاء القسري والتعذيب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة وجرائم حقوق الإنسان، بما في ذلك تلك المرتكبة داخل مراكز الاحتجاز أو في سياق عمليات مكافحة الإرهاب في سيناء، وإصدار الأمر بفتح تحقيقات مستقلة ونزيهة وشاملة وفعالة حول هذه الجرائم بهدف تقديم المسئولين عنها للعدالة، وضمان حقوق الضحايا في معرفة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر.
  • تجميد تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة، ريثما يتم إلغاء هذه العقوبة.
  • توفير بيئة آمنة ومواتية للمدافعين عن حقوق الإنسان وتمكينهم من ممارسة عملهم، بما في ذلك حمايتهم بشكل فعال من الاعتقال التعسفي والاحتجاز وغيره من أشكال الانتقام أو المضايقة، وتكليف النيابة العامة بإغلاق القضية رقم 173 لسنة 2011، وإزالة جميع التدابير التعسفية المترتبة عليها، بما في ذلك قرارات حظر السفر وتجميد الأصول بحق المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان وعائلاتهم، وإلغاء الأحكام الصادرة حضوريًا أو غيابيًا بحق بعضهم، ورفع أسمائهم المدرجة على “قوائم الإرهابيين”.
  • منع العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي ومقاضاة الجناة، ووضع حد للقيود المفروضة على أجساد النساء وسلوكهن، والملاحقات القضائية باستخدام تهم غامضة تتعلق بـ “الفسق” و”التعدي على المبادئ والقيم الأسرية” و”الفجور”.
  • وضع حد للاعتقالات والملاحقات التعسفية بحق أفراد مجتمع الميم، وتعقب الشرطة لهم من خلال تطبيقات المواعدة أو وسائل التواصل الاجتماعي، وإلغاء الأحكام الصادرة بحق أي شخص تمّت إدانته بناء على ميوله الجنسية، وإصدار تعليمات للمسئولين بإنهاء الفحوصات الشرجية القسرية واختبارات تحديد الجنس باعتبارها ممارسات تصل حد التعذيب.
  • تعديل القانون رقم 94 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب، والقانون رقم 8 لسنة 2015 المتعلّق بالكيانات الإرهابية والقانون رقم 175 لسنة 2018 المتعلّق بالجرائم الإلكترونية والقانون رقم 149 لسنة 2019 المتعلّق بالجمعيات الأهلية وضمان موائمتها مع التزامات مصر الدولية.

اقرأ أيضاً: منظمات حقوقية تطالب مصر بإنهاء محاولة “استئصال” المجتمع المدني المستقل

قد يعجبك ايضا