الأورومتوسطي: استمرار الانتهاكات الخطيرة على خلفية “تشابه الأسماء” في العراق إهمال حكومي معيب

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الحكومة العراقية إلى اتخاذ جميع التدابير الممكنة لإنهاء التداعيات الخطيرة لظاهرة “تشابه الأسماء”.

هذه الظاهرة تسببت في السنوات الأخيرة باحتجاز أشخاص أبرياء وتقييد حريّتهم لمجرد تشابه أسمائهم مع آخرين مشتبه بهم. ووصلت في بعض الحالات إلى إعدام أشخاص أبرياء.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي، إنّ ظاهرة “تشابه الأسماء” تتسبب بتقييد حرية وحركة آلاف العراقيين. فأعاقتهم على نقاط التفتيش وفي المطارات ومراكز التوقيف نتيجة. وهذا نتيجة لتشابه أسمائهم مع أسماء مطلوبين على ذمة جرائم متعددة.

إذ تقوم الجهات الأمنية في بعض الأحيان بالتعسف في احتجازهم، وتعذيبهم بما يُفضي إلى الوفاة.

ولفت إلى أنّ ظاهرة “تشابه الأسماء” منتشرة منذ سنوات في مختلف المحافظات العراقية. ولكنّها تصاعدت على نحو لافت عقب انتهاء العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش”. إذ أصبح يعاني العراقيون منها بشكل أكبر نتيجة التشديدات الأمنية التي أعقبت العمليات العسكرية.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ ضحايا تشابه الأسماء في العراق يواجهون صنوفًا متعددة من الانتهاكات. تشمل التوقيف والاحتجاز وخصوصًا على نقاط التفتيش. وتشمل أيضاً الاتهام بالانضمام لجماعات إرهابية، والتعرض لمضايقات في المنافذ الجوية والبرية من خلال التحقيق والاستجواب. ويتخلل هذا الاستجواب في بعض الأحيان عمليات تهديد وتعذيب جسدي ونفسي.

وصرح المرصد الأورومتوسطي عدم قدرة فريقه التأكد من عدد الأشخاص الموقوفين على خلفية “تشابه الأسماء”. غير أنّ مصادر محلية تقّدر أعدادهم بعشرات الآلاف في مختلف المحافظات العراقية.

وقال الأورومتوسطي، أن الناشط المدني “محمد الياسري” أفاد فريقه عن قصة مشابهة. فقد شهد “الياسري” على حادثة وفاة “هشام محمد هشام” الذي اعتُقل عن طريق الخطأ.

وقال: “إنّ هشام كان يعمل في شركة لنزع الألغام، حيث أوفدته الشركة إلى بغداد للعمل برفقة أحد زملائه. وأثناء عودتهما إلى البصرة فجر يوم الأربعاء 28 يوليو/تموز 2021، ألقت مجموعة أمنية القبض عليهما”.

وأضاف “الياسري: “نقلتهما العناصر في سيارة عسكرية إلى مقر مكافحة إجرام البصرة رغم عدم وجود مذكرة قانونية للاحتجاز”.

وأضاف أنّه: “بعد ساعتين أُفرج عن زميل “هشام” وبقي هو رهن الاحتجاز. حيث تعرّض لتعذيب شديد داخل المقر الأمني أدّى إلى تدهور صحته.

ورغم حالته الصحية السيئة، تم إحالته عند الساعة التاسعة صباحًا إلى محكمة القزيزه بالبصرة. حيث أمر القاضي بإخلاء سبيله وإعادته لمقر مكافحة إجرام البصرة لأنّه ليس الشخص المطلوب.

وفي حوالي الساعة العاشرة صباحًا، حضرت عائلته إلى المقر الأمني لتنقله إلى المستشفى بسبب معاناته من آثار التعذيب. لكنّ “هشام” فارق الحياة في الطريق إلى المستشفى على بعد نحو 3 كم من المقر الأمني.

وأفاد حينها مطلّعون على قضية “هشام” للمرصد الأورومتوسطي أنّ الضحية لم يكن هو الشخص المقصود. وأضاف المطلعون أنّ المتهم المطلوب هو شخص آخر اسمه الأول “محمد”، لكنّ عملية تتبع رقم المتهم الحقيقي كانت خاطئة. إذ تم تتبع رقم الضحية “هشام” بدلًا من رقم الشخص المطلوب.

وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي “عمر العجلوني” إنّ استمرار هذه الظاهرة يعد مؤشرًا واضحًا على عدم اكتراث السلطات العراقية في العديد من الأحيان بأبسط حقوق المواطنين.

فمسألة تشابه الأسماء لا ينبغي أن تتسبب بهذا الكم من المآسي. مع أن حلّها التقني بسيط وسهل خاصة في ظل تطور تقنيات التعرّف على الأشخاص.

وأضاف “العجلوني” أنّ السلطات العراقية توفّر مخصصات مالية كبيرة للمؤسسة العسكرية والأمنية. إذ خصصت في موازنة العام الماضي نحو 18.7 مليار دولار للمؤسسة العسكرية (تشمل وزارة الداخلية بجميع مؤسساتها الأمنية). ما يعني أنّ المشكلة مرتبطة بأولويات صنّاع القرار أكثر من كونها مرتبطة بصعوبات مالية أو لوجستية.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ استمرار مثل هذه الانتهاكات الخطيرة في ظل عدم وجود أي محاولات جادة لإنهائها -على الرغم من كونها لا تحتاج إلى جهود استثنائية- يدلل على تجاهل رسمي معيب للحقوق الأساسية للعراقيين، وفي مقدمتها الحق في الحياة، والحق في الحرية والسلامة الشخصية.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات العراقية إلى فتح تحقيق عاجل في ملف ضحايا “تشابه الأسماء”، وفقاً لأحكام الدستور العراقي والقوانين النافذة تمهيدًا لتحقيق المساءلة القضائية، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الناتجة عن هذه الظاهرة وتوفير سبل الإنصاف للضحايا.

وحث الأورومتوسطي السلطات العراقية على ضرورة تفعيل الطرق الحديثة في التعرف على المطلوبين والمشتبه بهم منعًا لحدوث أي لبس قد يضر بحقوق الأبرياء، والتأكد من تطبيق المعايير المحلية والدولية ذات العلاقة بظروف التفتيش والتوقيف والاحتجاز.

قد يعجبك ايضا