دعوات الأمم المتحدة للمساءلة بشأن مجازر السجون الايرانية عام 1988

كتبت مجموعة من كبار خبراء حقوق الإنسان العاملين في الأمم المتحدة رسالة إلى الحكومة الإيرانية محذرة إياها من مغبة الانتهاكات السابقة والحالية المتعلقة بما بات يُعرف “بمجازر السجون” في عام 1988.

وحذر الخبراء من كون هذه الجرائم قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، مبدين استعدادهم للمطالبة بفتح تحقيق دولي بهذا الخصوص؛ إذا ما استمرت هذه الانتهاكات، ورحبت منظمة العفو الدولية بهذا الضغط من أجل إجراء المساءلة عشية اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن “مراسلات خبراء الأمم المتحدة تمثل اختراقاً بالغ الأهمية، وتشكل نقطة تحول نوعية في النضالات العريقة التي خاضتها عائلات الضحايا والناجين، بمساندة من المنظمات الحقوقية الإيرانية ومنظمة العفو الدولية، في سبيل إنهاء هذه الجرائم وكشف الحقيقة وتحقيق العدالة وجبر الضرر وتقديم التعويض”.

وأضافت قائلة: “لقد بعث كبار خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة للتو رسالة طال انتظارها، ولا لبس فيها، مفادها: إن جرائم الاختفاء القسري الجماعي المستمرة، والناجمة عن عمليات الإعدام السرية خارج نطاق القضاء في 1989 لا يمكن أن تمر بدون محاسبة أو عقاب”.

في الفترة الواقعة بين أواخر يوليو/تموز وأوائل شهر سبتمبر/أيلول 1988، اختفى قسراً آلاف المساجين من المعارضين السياسيين في جميع أنحاء إيران ثم أعدموا سراً خارج نطاق القضاء.

ولأكثر من 30 عاماً، أخفت السلطات الإيرانية بشكل ممنهج الظروف التي أحاطت بوفاتهم وأماكن وجود رفاتهم، وبذلك ارتكبت بحق الضحايا، بمن فيهم القتلى وعائلاتهم الناجية، جريمة الاختفاء القسري.

في رسالتهم المكونة من 18 صفحة، والتي خصوا فيها الحكومة الإيرانية في 3 سبتمبر/أيلول 2020، قال خبراء الأمم المتحدة إنهم “قلقون للغاية من الرفض المزعوم المستمر للكشف عن مصير ومكان وجود” هؤلاء الأفراد.

وذكروا أنهم “يشعرون بمزيد من القلق من رفض السلطات تزويد عائلات الضحايا بشهادات وفاة دقيقة وكاملة، وهدم المقابر الجماعية، والمضايقات المستمرة للعائلات، وعدم فتح التحقيقات، والقيام بملاحقات قضائية لعمليات القتل، والتصريحات الحكومية التي تنكر أو تستخف بالقضايا ذات الصلة وتساوي بين انتقاد عمليات القتل وبين دعم الإرهاب”.

وتؤكد الرسالة أن حالات الاختفاء القسري هذه لا تزال قائمة”حتى يتم تحديد مصير الأفراد المعنيين وأماكن وجودهم”.

تماشياً مع دعواتهم لإجراء تحقيقات شاملة ونزيهة ومستقلة في مصير جميع الحالات، واستخراج جثث القتلى، وإعادة رفاتهم إلى ذويهم، وتحديد الجناة ومقاضاتهم، وتوفير سبل انتصاف فعالة للضحايا، طلب خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من إيران تقديم معلومات مفصلة عمّا يلي، من بين أمور أخرى:

  • الاستفسار عمّا إذا كانوا قد أدرجوا أسماء الأفراد الذين أعدموا في سجلات الدفن العامة.
  • الإجراءات المتخذة لتحديد المقابر الجماعية التي تم تدميرها والتعرف عليها وحمايتها وإحياء ذكراها.
  • توفير المعلومات الموثوقة عن هويات المدفونين في كل قبر، بالإضافة إلى بيانات عن الأشخاص مجهولي الهوية.
  • وجود أي نصوص قانونية تسمح لعائلات الضحايا بإحياء ذكراهم والقيام بزيارة أحبتهم والترحم عليهم في مواقع الدفن.
  • توفر النصوص القانونية التي تقضي بحماية العائلات والمدافعين عن حقوق الإنسان والمطالبين بتحقيق العدالة الذي.
  • يسعون للحصول على معلومات حول مصير وأماكن وجود ضحايا الاختفاء القسري.

كما أوضح خبراء الأمم المتحدة أنه إذا ما استمرت الحكومة الإيرانية “في رفض الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان”، فإن المجموعة “ستدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات للتحقيق في حالات الاختفاء القسري، بما في ذلك إجراء تحقيق دولي”.

ومنذ نشر تقرير منظمة العفو الدولية عام 2018، المعنون: “الأسرار الملطخة بالدماء: لماذا تعتبر مجازر السجون الإيرانية عام 1988 جرائم مستمرة ضد الإنسانية”، ودعت منظمة العفو الدولية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إنشاء آلية دولية مستقلة ومحايدة وفعالة للتصدي لإفلات مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، والجرائم الأخرى، من العقاب بموجب القانون الدولي المشار إليها في هذا التقرير.

واختمت ديانا الطحاوي قائلة: “إن اتساع نطاق وقوة تحليل خبراء الأمم المتحدة يمثلان نقطة حاسمة في مساعينا المستمرة لجعل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يتخذ إجراءات لوضع حد للإفلات من العقاب على هذه الجرائم ضد الإنسانية التي وقعت في الماضي والتي ما تزال مستمرة.”

اقرأ أيضاً: غياب المحاسبة وتهديد للعائلات.. لا عدالة لضحايا القمع الدامي في إيران 2019

قد يعجبك ايضا