غياب المحاسبة وتهديد للعائلات.. لا عدالة لضحايا القمع الدامي في إيران 2019

قالت “هيومن رايتس ووتش” أمس إنّ السلطات الإيرانية لم تتّخذ أيّة إجراءات فعلية للمحاسبة على القمع العنيف للمظاهرات الواسعة التي انطلقت قبل عام.

تحوّلت المظاهرات، التي اندلعت بسبب ارتفاع فجائي في أسعار النفط في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 واستمرّت لأسبوع، إلى تعبير أوسع عن الامتعاض الشعبي من قمع الحكومة وما ينظر إليه على أنه فسادها.

قطعت الحكومة خدمة الإنترنت بشكل شبه تامّ من 15 حتى 19 نوفمبر/تشرين الثاني وبدأت بأشرس حملة قمع للمتظاهرين منذ عقود.

قالت تارا سبهري فر، باحثة إيران في هيومن رايتس ووتش: “بعد عام على القمع في نوفمبر/تشرين الثاني، ما تزال السلطات الإيرانية تتجنّب أيّ إجراء للمحاسبة، وتستمرّ في مضايقة عائلات قتلى المظاهرات.

تستحقّ عائلات مئات الضحايا، وأغلبهم من الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع الإيراني، أن ترى المسؤولين عن الانتهاكات الحقوقية الخطيرة يحاسَبون”.

بسبب قطع الإنترنت وتهديدات السلطات لعائلات الضحايا، بات من الصعب توثيق النطاق الكامل لحملة القمع، بما في ذلك القتلى.

من خلال المقابلات مع الضحايا والشهود، ومراجعة صور وفيديوهات من المظاهرات، وتحليل صور الأقمار الصناعية، استنتجت هيومن رايتس ووتش أنّ قوى الأمن استعملت قوّة فتاكة غير مشروعة على الأقل في ثلاث مناسبات في مختلف أنحاء البلاد. من المرجّح أن يكون العدد الإجمالي لمثل هذه الحالات أعلى.

أشار الناس الذين تمّت مقابلتهم والفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي أنّ قوى الأمن، في مناسبات عدة، أطلقت النار على الفارّين من مواقع التظاهر.

قال أفراد من أسر الأشخاص الذين قُتلوا وغيرهم من المُطّلعين على قضايا هؤلاء إنّ الضحايا قضوا بسبب طلقات النار على رؤوسهم و/أو صدورهم.

وفق “منظمة العفو الدولية”، قُتل على الأقل 304 أشخاص. في 1 يونيو/حزيران، حدّد رئيس لجنة الأمن القومي البرلمانية في إيران مجتبى ذوالنور هذا الرقم بـ230، وزعم أنّ سبب وفاة 26% من الحالات ما يزال مجهولا. لم تنشر السلطات أي تحقيق مفصّل أو تحاسب أحدا على الانتهاكات المزعومة.

تستمرّ السلطات في إصدار أحكام بالسجن والجَلد بحقّ العشرات الذين اعتُقلوا خلال المظاهرات. في 24 يونيو/حزيران، أيّدت المحكمة العليا الإيرانية أحكام الإعدام بحقّ ثلاثة شبّان — أمير حسين مرادي، وسعيد تمجيدي، ومحمد رجبي— اعتُقلوا بعد مشاركتهم في المظاهرات بتهم “المشاركة في التدمير والحرق بهدف مجابهة جمهورية إيران الإسلامية”.

بعد ردّ فعل داخلي عنيف، أعلن محامون يمثّلون هؤلاء الرجال أنّ القضاء قَبِل مناشداتهم بوقف القضية.

في 23 أغسطس/آب، حكمت محكمة الإعلام والثقافة على ستة نشطاء سياسيين “إصلاحيين” بالسجن لعام بسبب توقيعهم رسالة يدينون فيها قمع السلطات بحق المتظاهرين.

في مناسبات عديدة، حاولت السلطات تبرير الاستخدام غير المشروع للقوة من قوى الأمن بوصف المتظاهرين بـ”المشاغبين”.

في 17 ديسمبر/كانون الأوّل، قال النائب السابق عن طهران محمود صادقي لصحيفة “اعتماد” إنّه، خلال جلسة إحاطة برلمانية، ذكر نائب في البرلمان من مدينة كرج أنّ شخصين من من منطقته أُصيبا في الرأس.

قال إنّه سأل وزير الداخلية رحماني فضلي عن سبب عدم استهداف قوى الأمن “الجزء السفلي من الجسم”. قال إن فضلي لم ينكر أنّ قوى الأمن صوّبت طلقاتها على رؤوس المتظاهرين، إنّما أجاب بأنّها “استهدفت أيضا الرِّجلَيْن”.

في 4 ديسمبر/كانون الأوّل، وافق المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي على توصيات أمين مجلس الأمن القومي باعتبار المواطنين العاديين الذين قضوا خلال المظاهرات من دون المشاركة فيها “شهداء”، وبمنح الحكومة الدعم لعائلاتهم.

لكنّ ردّ خامنئي لم يشمل أيّ بند للتحقيق في مزاعم استعمال قوى الأمن للقوة المفرطة وغير المشروعة.

قالت عائلات عديدة قُتل أحبّاؤها في المظاهرات لـ”راديو فردا” إنّ السلطات القضائية أحالت قضاياها إلى التعويض المالي من دون فتح تحقيق لتحديد المسؤولين عن أعمال القتل. كما ذكرت أنّ السلطات هدّدتها لتصمت و/أو تقبل التعويض وتتخلى عن المطالبات بالمحاسبة.

منذ 18 يوليو/تموز، تحتجز السلطات منوتشهر بختياري، والد المتظاهر بويا بختياري (27 عاما) الذي أُصيب بطلقة قاتلة في رأسه في مدينة كرج.

تُكرِّر هيومن رايتس ووتش دعواتها لـ”مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” لإجراء تحقيق بقيادة “الأمم المتحدة” في انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة التي ارتكبتها السلطات الإيرانية خلال المظاهرات وبعدها.

قالت سبهري فر: “تقمع السلطات الإيرانية منهجيا جهود الساعين وراء العدالة ردا على القمع الدامي في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

على الجهات الدولية الفاعلة التي تحترم المبادئ أن تضغط على السلطات الإيرانية وتتّخذ خطوات للحرص على عدم إفلات إيران من المحاسبة على هذا القمع الوحشي”.

اقرأ أيضاً:  إيران: قطع الاتصال بالإنترنت عمدًا أثناء عمليات القتل في نوفمبر/تشرين الثاني 2019

قد يعجبك ايضا