تقرير للأورومتوسطي: السلطات العراقية تعيد نازحين قسرًا رغم المخاطر الأمنية

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ أكثر من مليون و200 ألف عراقي ما يزالون في عداد النازحين داخليًا، رغم انتهاء العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” منذ نحو 4 سنوات.

ونشر المرصد الأورومتوسطي الأحد تقريرًا مفصلًا بعنوان “نفيٌ داخل الوطن”، يوثق حجم المعاناة التي يعيشها النازحون العراقيون على الصعيد الإنساني.

هذه المعاناة متمثلة في النقص الحاد في الغذاء وانعدام مصادر الرزق، وعدم توفر المياه الصحية، وتفاقم المشاكل المتعلقة بالصحة والتعليم، فضلاً عن عدم تمكن عدد كبير منهم من العودة إلى منازلهم الأصلية.

والتقرير نتاج عمل أشهر من البحث والتوثيق، بما في ذلك العمل الميداني لفريق المرصد الأورومتوسطي في العراق في المدة من أغسطس/آب 2020 وحتى أبريل/نيسان 2021.

إذ يرتكز على 20 مقابلة مع نازحين ومدراء مخيمات وشهود عيان، ويستعرض الظروف المعيشية بمخيمات النزوح الرسمية والتي أغلق عدد كبير منها، أو تلك المنتشرة في المناطق العشوائية.

ووفق ما ورد في التقرير، شهد العراق أكبر موجة نزوح داخلي إبّان العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” في المدة ما بين 2014 و2017، حيث ترك أكثر من 6 ملايين عراقي منازلهم نتيجة العمليات العسكرية.

وفرّوا الأهالي إلى محافظات مختلفة؛ مثل بغداد، وكركوك، والأنبار، ونينوى، وصلاح الدين وديالى، بالإضافة إلى إقليم كردستان العراق.

وبيّن التقرير أنّه من نهاية 2017 إلى نهاية 2019، عملت السلطات العراقية على إغلاق عدد كبير من مخيمات النزوح ودمج عدد آخر ضمن خطة لإعادة النازحين إلى بيوتهم، ما أسهم بإعادة حوالي (4,867,050) نازحًا، فيما بلغ عدد المستمرين بالنزوح حوالي (1,198,940) نازحًا حتى اليوم.

وقال الباحث القانوني لدى المرصد الأورومتوسطي “عمر العجلوني” إنّ “عمليات إعادة النازحين لم تكن جميعها طوعية، فقد أبُلغ عن عمليات عودة مبكرة وقسرية وبالإكراه”.

وأضاف “العجلوني” أن العديد من النازحين عند عودتهم لم يتمكنوا من العيش في بيوتهم التي لحقت بها أضرار جسيمة نتيجة المعارك، إما لعدم قيام الحكومة بإعادة إعمارها، أو بسبب بطء في وتيرة الإعمار.

ولفت التقرير إلى أنّ السلطات العراقية أغلقت مخيمات النازحين في جميع المحافظات العراقية باستثناء محافظة الأنبار، إضافة إلى إقليم كردستان العراق، حيث ينتشر في المنطقتين عدد من المخيمات تضم آلاف العائلات النازحة، وسط ظروف معيشية وإنسانية متفاوتة.

وسرد التقرير مجموعة من الأسباب التي تجعل النازحين غير قادرين على العودة إلى محافظاتهم ومنازلهم الأصلية، منها تدمير المساكن والأراضي والممتلكات، ومخاطر تتعلق بالأوضاع الأمنية في مناطق ومحافظات النازحين الأصلية.

إضافة إلى ذلك فهناك منع للعائلات النازحة التي قاتل أفراد منها مع تنظيم “الدولة الإسلامية” بالعودة إلى مناطقهم الأصلية.

ومن خلال رصد الواقع الصحي للنازحين داخل المخيمات وفي المناطق العشوائية، تبين أن هناك مشاكل كبيرة يعاني منها النازحون، إذ يعانون من نقص في أدوية الأمراض المزمنة، وتلك المتعلقة بالأمراض الشائعة.

كما يوجد شح شديد في الأدوية الخاصة بعلاج الأمراض الجلدية، وندرة وجود الأجهزة الطبية مثل الأجهزة المخبرية.

وفي إفادة وثقّها فريق المرصد الأورومتوسطي حول الوضع الصحي في المخيمات، قال النازح “ع.س”: “عادة أذهب إلى عيادة المخيم للحصول على العلاج، ولكنّ معظم الأدوية الموجودة منتهية الصلاحية”.

وأضاف: “يجب عليّ الذهاب إلى طبيب خاص لعلاج ابنتي التي تعاني من الحمى والإسهال، وكانت تتقيأ لمدة 7 أيام، ولكني لا أستطيع الذهاب إلى الطبيب لعدم وجود المال. لا أعرف ماذا أفعل أو إلى أين أذهب”.

وأشار التقرير إلى وجود أزمة حقيقية لدى النازحين في قضايا الأمن الغذائي، والماء، والتعليم، والطاقة الكهربائية، وتوفر الوقود، وترحيل النفايات، إذ تسببت هذه المشاكل مجتمعة في تدهور الوضع الإنساني للنازحين، كما أسهمت جائحة كورونا بمفاقمة سوء الأوضاع، وخاصةً على الصعيدين الصحي والاقتصادي.

وأوصى تقرير المرصد الأورومتوسطي الحكومة العراقية بتهيئة الظروف الإنسانية المناسبة للنازحين بعد إغلاق مخيماتهم، والتوقف عن سياسة الإعادة القسرية للنازحين والإغلاقات المفاجئة للمخيمات.

وأوصى التقرير أيضاً بحماية النازحين العائدين إلى مناطقهم الأصلية من الهجمات المسلحة والتي تهدد حياتهم، وتتسبب بتكرار معاناة نزوحهم.

ودعا الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى دعم المخيمات القائمة وخصوصًا فيما يتعلق بالأمن الغذائي والرعاية الصحية، والاضطلاع بواجباته في دعم جهود إعادة الإعمار وتسريع وتيرتها، وتحفيز الجهود الرامية إلى تفعيل قيم التماسك الاجتماعي وسيادة القانون.

اقرأ أيضاً: هيومن رايتس ووتش: خطط إغلاق المخيمات في العراق غير ملائمة

قد يعجبك ايضا