غياب الشفافية في استخدام تقنيات المراقبة الرقمية في الشرق الأوسط

تختلف اتجاهات المراقبة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل كبير حيث أن جميع بلدان تلك المنطقة ليست متساوية من حيث القدرة على تطبيق التقنيات.

استثمرت دول الخليج في تكنولوجيا المراقبة على مدار العقدين الماضيين بشكل متزايد وأصبحت رائدة في مراقبة المواطنين.

في مطلع عام 2010، كرست حكومات دول الخليج مواردها للتحول الرقمي وللبنية التحتية لدعم طموحاتها لتتزعم العالم في مجال الخدمات المالية الرقمية وكذلك لإدارة الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية.

في الوقت الذي عانت فيه دول أخرى من أجل تحويل خدماتها بالكامل إلى الرقمنة، شهدت دول الخليج تحولاً رقمياً سريعاً أثناء الوباء.

سجلت البحرين على سبيل المثال ارتفاعاً في استخدام تطبيقات الأجهزة المحمولة الحكومية يقدر بـ 20 ضعفخلال 5 أشهر من عام 2020 مقارنة بنفس الفترة الزمنية في عام 2019.

تنخرط دول مجلس التعاون الخليجي في خطط تحول وطنية طموحة مثل رؤية 2030 في السعودية والرؤية الاقتصادية 2030 في أبو ظبي.

لضمان تحقيق هذه الرؤى، تستثمر دول مجلس التعاون الخليجي المزيد من الموارد في الرقمنة واعتماد تدابير تحت ذريعة كوفيد-19، مع زيادة الطلب، من حيث الوتيرة والإلحاح، على المزيد من تقنيات المراقبة.

حثت العديد من منظمات المجتمع المدني الحكومات على ضمان معايير عالمية لحقوق الإنسان عند وضع التقنيات الرقمية المستخدمة لتتبع ومراقبة الأفراد والتجمعات.

حذرت أكثر من 100 منظمة في بيان جماعي من زيادة في قدرات المراقبة الرقمية الحكومية، مثل الوصول إلى بيانات موقع الهاتف المحمول، مما قد يهدد خصوصية المواطنين وحرية التعبير وتكوين الجمعيات وانتهاك الحقوق.

وأوصت بالحذر من مثل هذه الإجراءات لأنها قد تشكل خطر التمييز وإلحاق الأذى بشكل غير متناسب على المجتمعات المهمشة.

فيما يتعلق باستخدام الحكومات لتقنيات الأمن السيبراني لتتبع مواقع مواطنيها بشكل سيء السمعة، كان لدى الحكومات القدرة على المراقبة، والتي زادت مع بداية وباء كوفيد-19.

تم التعامل مع استخدام هذه التقنيات على أنها أمر طبيعي تحت غطاء أخلاقي على اعتبار أنها تستخدم للحد من تفشي فيروس كورونا بين السكان، ولكنه ربما يخفي ورائه استخدامات أخرى للبيانات الشخصية لأغراض لا تتعلق بالصحة.

على الرغم من وجود قوانين لحماية البيانات في دساتير بعض دول الخليج، إلا أن تطبيقها كان متبايناً.

وبناء عليه، فإن التشابك بين السياسات القمعية الداخلية وغياب القوانين أو التطبيق الجائر لها هو موضوع دراستنا الحالية التي هي بتكليفٍ من مركز الخليج لحقوق الإنسان.

سلط هذا التقرير الضوء على أبرز النقاط الأولية المتعلقة بالتقنيات المستخدمة لتتبع كوفيد-19 وبعض القوانين المعمول بها في نفس السياق.

قامت دول الخليج بشراء تقنيات المراقبة العالمية واستخدامها كأسلحة ضد مواطنيها بشكل مستمر.

إن المشكلة الأساسية بالنسبة للمراقبة الرقمية، على وجه الخصوص، تكمن في أن المساحة أمام المواطنين لتفاديها أو حماية أنفسهم منها ضئيلة للغاية، على افتراض أنهم كانوا على دراية بوجودها في المقام الأول.

إن غياب الشفافية فيما يتعلق باستخدام هذه التقنيات يجعل مراقبة الأثر طويل المدى، ومنع إساءة الاستخدام، بالإضافة إلى مساءلة السلطات المسؤولة عن الانتهاكات أمراً شبه مستحيل.

اقرأ أيضاً: مطالبات بوقف بيع تكنولوجيا المراقبة للحكومات القمعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

قد يعجبك ايضا