انتهاك حقوق العمال المهاجرين في مزارع القات في اليمن

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – “القات” هي نبتة مخدرة تنبت في شرق أفريقيا واليمن. يقبل عليها اليمنيون بكثافة طلباً للنشوة والانتعاش النفسي.

في المقابل يدفع المهاجرون الأفارقة الثمن غالياً في ظل إجبارهم على أعمال أقرب ما تكون إلى السخرة في مزارع القات.

يعرف نبات القات بأنه يحتوي على مينوامين شبه قلوي يدعى الكاثينون وهو شبيه بفيتامين منشط. تسبب هذه المادة انعدام الشهية وحالة من النشاط الزائد.

وقد صنفته منظمة الصحة العالمية كعقار ضار من الممكن أن يتسبب في حالة خفيفة أو متوسطة من الإدمان.

ورغم مخاطره فإن القات يحظى بإقبال هائل في اليمن، وزيادة الطلب عليه وضعف تكاليف إنتاجه جعلت الفلاحين يجعلونه أولوية في مزارعهم واستقطبوا آلاف العمال لاسيما المهاجرين الأفارقة لزيادة أرباحهم.

يصل متوسط حجم الإنفاق السنوي على زراعة القات في اليمن نحو 1.2 مليار دولار، ويحتل المرتبة الأولى في المحاصيل النقدية بالبلد، وتمثل الأرباح السنوية له نحو 10% من نسبة إجمالي الدخل المحلي السنوي لليمن.

وكشف تقرير لمؤسسة إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان، أن الآلاف المهاجرين الأفارقة يعملون لساعات طويلة مقابل مبالغ لا تتجاوز 50 ألف ريال يمني (90 دولار) شهريا في مزارع القات دون أي حد أدنى من حقوقهم.

وذكر تقرير مؤسسة الفكر ومقرها لندن، أن التعسف بحقوق المهاجرين الأفارقة يبدأ في مزارع القات.

حيث يتم استغلالهم من قبل أصحاب المزارع من أجل زيادة محاصيلهم وأرباحهم من زراعة القات والاستفادة من كونهم وافدين بطريقة غير نظامية ولا يحملون أي أوراق رسمية.

وتعد مدن (الضالع) و(البيضاء) و(إب) في اليمن المسرح الأبرز لاستغلال المهاجرين الأفارقة في مزارع القات لاسيما كون تلك المدن تعد ممرا أساسيا في رحلة المهاجرين المفترضة إلى دول خليجية مجاورة لليمن.

وأظهرت إفادات حصلت عليها إمباكت، أن الغالبية العظمى من العمال المهاجرين في اليمن يضطرون للعمل في مزارع القات على أمل تأمين الطعام والمسكن وتكاليف استئناف رحلة التهريب إلى السعودية أو أي من دول الخليج الأخرى.

ورغم التدهور الشامل في أوضاع اليمن، يتواصل تدفق المهاجرين الأفارقة إلى البلاد في قوارب صغيرة عبر جيبوتي والصومال عبر البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب.

وينظر هؤلاء للبلاد باعتبارها معبرا للعثور على حياة آمن وفرصة عمل في بلد أخر مستقر.

وبحسب منظمة الهجرة الدولية وصل إلى اليمن خلال الفترة من عام 2010 إلى 2022، أكثر من مليون وربع من المهاجرين من القارة الأفريقية، غالبيتهم من إثيوبيا والصومال وإرتيريا، هربا من البطالة والنزاعات.

وذكر تقرير إمباكت أنه بينهما يصل المهاجرين الأفارقة اليمن بحاجة ماسة إلى العمل فإنهم لا يجدون بديلا عن الانخراط في مزارع القات وهو ما يعرضهم للاستغلال المفرط.

وجدت إمباكت أن متوسط الأجر الذي يتلقاه المهاجرين الأفارقة في مزارع القات لا يتجاوز 40 ألف ريال يمني (70 دولار) في الشهر.

هذا بالرغم أنهم يعملون لمدة 15 ساعة في المتوسط يوميا ويتعرضون لانتهاكات ترقى لمستوى الاستعباد وتشمل العنف الجسدي واللفظي والحرمان من السكن اللائق.

فضلا عن ذلك، يتعرض المهاجرون الأفارقة لسياسة تمييز ممنهجة مقارنة مع نظرائهم من العمال اليمنيين، وعلى رأس ذلك حرمانهم من أوقات الراحة رغم سعات العمل الطويلة والإجازة الأسبوعية ووجبات الطعام المناسبة.

وعليه دعت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان، السلطات المسئولة في اليمن إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف انتهاك حقوق المهاجرين الأفارقة العاملين في مزارع القات، وإخضاع تلك المزارع للتفيش الدوري ومسائله أصحابها.

وشددت على وجوب التزام اليمن بمسئولياته إزاء حماية العمال المهاجرين العاملين في مزارع القات من ضروب الاستغلال، عملا باتفاقية الهجرة وتعزيز تكافؤ الفرص والمعاملة للعمال المهاجرين الصادرة عن منظمة العمل الدولية.

كما دعت إمباكت الدول الخليجية المجاورة لليمن على تسهيل إجراءات استقبال المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة عبر الأراضي اليمنية وعدم تركهم فريسة لسوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية فضلا عن تداعيات النزاع المسلح المستمر في البلاد منذ سنوات.

قد يعجبك ايضا