شهر على الحرب: نزوح أكثر من نصف أطفال أوكرانيا، وهجمات تطال عشرات المرافق الصحية

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – بعد شهر على اندلاع الحرب في أوكرانيا، أكدت وكالات إنسانية أممية أن العنف المستمر في جميع أنحاء البلاد خلق أزمة حقوق طفل يمكن أن تستمر لأجيال.

وأشارت الوكالات إلى تعرّض 64 من المرافق الصحية للهجمات في أقل من شهر، مما قيّد الحصول على الخدمات الصحية.

وفي بيان صدر عن صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) يوم الخميس، أدّت الحرب التي دامت شهرا واحدا حتى الآن في أوكرانيا إلى نزوح 4.3 مليون طفل – أي أكثر من نصف عدد الأطفال الذين يُقدّر عددهم بنحو 7.5 مليون طفل في أوكرانيا.

وقالت الوكالة الأممية، إن ذلك يشمل أكثر من 1.8 مليون طفل عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة كلاجئين. و2.5 مليون نزحوا داخل أوكرانيا.

وقالت اليونيسف: “تسببت الحرب في واحدة من أسرع عمليات نزوح الأطفال على نطاق واسع منذ الحرب العالمية الثانية”.

وأضافت أن هذا “المعلم القاتم” يمكن أن يكون له عواقب دائمة للأجيال القادمة. وقالت: “إن سلامة الأطفال ورفاههم وإمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية، كلها مهددة من العنف المروّع المستمر”.

بحسب مكتب مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قُتل 78 طفلا، وأصيب 105 آخرون بجراح في أوكرانيا منذ اندلاع الحرب. مع ذلك، فإن هذه الأرقام لا تمثل سوى تلك التي تمكنت الأمم المتحدة من تأكيدها. ومن المرجّح أن تكون الخسائر الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.

كما كان للحرب عواقب وخيمة على البنية التحتية المدنية والوصول إلى الخدمات الأساسية. أبلغت منظمة الصحة العالمية على سبيل المثال عن هجمات أثرت على مرافق الرعاية الصحية في جميع أنحاء البلاد. بينما أبلغت وزارة التعليم والعلوم الأوكرانية عن أضرار لحقت بأكثر من 500 منشأة تعليمية.

علاوة على ذلك، يفتقر ما يُقدّر بنحو 1.4 مليون شخص الآن إلى المياه الصالحة للشرب. في حين أن 4.6 مليون شخص لديهم إمكانية محدودة للحصول على المياه أو معرّضون لخطر الانقطاع.

ويحتاج أكثر من 450,000 طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهرا إلى دعم غذائي تكميلي.

لاحظت اليونيسف أيضا انخفاضا في تغطية التطعيمات المتعلقة بالتطعيم الروتيني وتطعيم الأطفال. ويشمل ذلك التطعيم ضد شلل الأطفال والحصبة.

وحذرت من أن ذلك يمكن أن يؤدي ذلك بسرعة إلى تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات. خاصة في المناطق المكتظة حيث يحتمي الناس من العنف.

وقالت “كاثرين راسيل”: “في غضون أسابيع قليلة فقط، تسببت الحرب في مثل هذا الدمار لأطفال أوكرانيا. الأطفال بحاجة ماسة إلى السلام والحماية. إنهم بحاجة إلى الحصول على حقوقهم”.

وتواصل اليونيسف دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار وحماية الأطفال من الأذى.

ودعت اليونيسف إلى عدم تعريض البنية التحتية الأساسية التي يعتمد عليها الأطفال، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمباني التي تأوي المدنيين، للهجوم.

وكان لشهر واحد من الحرب أثر مدمّر على النظام الصحي في أوكرانيا، وقيّد بشدة الوصول إلى الخدمات. وتشكل البنية التحتية الصحية المدمرة وسلاسل الإمدادات الطبية المعطلة الآن تهديدا خطيرا لملايين الأشخاص.

ما يقرب من سبعة ملايين شخص نازحون داخليا، وعدد الأشخاص الذين فرّوا إلى البلدان المجاورة يقترب بسرعة من أربعة ملايين.

هذا يعني أن واحدا من كل أربعة أوكرانيين نزح قسرا الآن، مما يؤدي إلى تفاقم حالة أولئك الذين يعانون من الأمراض غير المعدية.

ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، يعاني واحد من كل ثلاثة من النازحين داخليا من مرض مزمن. ويُعتقد أن ما يقرب من نصف صيدليات أوكرانيا مغلقة، وكثير من العاملين الصحيين نازحون أو غير قادرين على العمل. وما يقرب من ألف منشأة صحية قريبة من خطوط الصراع أو في مناطق سيطرة متغيرة.

نتيجة لذلك، فإن الوصول المحدود – أو عدم الوصول إلى الأدوية والمرافق والمهنيين الصحيين – يعني أن علاج الحالات المزمنة قد توقف تقريبا.

وقال الدكتور “جارنو هابيتشت”، ممثل منظمة الصحة العالمية في أوكرانيا: “الهجمات على الرعاية الصحية انتهاك للقانون الإنساني الدولي، لكنها تكتيك حربي شائع ومقلق – إنها تدمر البنية التحتية الحيوية. ولكن الأسوأ من ذلك أنها تقضي على الأمل.”

واعتبارا من 22 آذار/مارس، تحققت منظمة الصحة العالمية من 64 حادثة هجوم على الرعاية الصحية في 25 يوما (بين 24 شباط/فبراير و21 آذار/مارس) وتسببت في 15 حالة وفاة و37 إصابة.

أي 2-3 هجمات في اليوم. وأدانت المنظمة هذه الهجمات بأقوى العبارات الممكنة.

في اليوم الذي بدأت فيه الحرب، قامت منظمة الصحة العالمية بتنشيط خطط الطوارئ الخاصة بها، وحوّلت التركيز إلى الاحتياجات الطارئة – لدعم النظام الصحي والعاملين في أوكرانيا.

وحاليا، ثمّة 36 طنا متريا من الإمدادات في طريقها إلى لفيف، مع 108 من الأطنان المترية الإضافية قيد الإعداد، تتكون من إمدادات الصدمات، وأدوية الأمراض المزمنة وأدوية الأطفال وإمدادات نقل الدم.

وقال “هابيتشت”: “ما نقدمه – وأين – يلبي احتياجات الناس على الأرض، حيث يعمل العاملون الصحيون الأوكرانيون على مدار الساعة في ظروف لا يمكن تصوّرها”.

وأضافت: “:يمكن لفريق من المتخصصين في الرعاية الصحية المدرّبين، استخدام مجموعة أدوات جراحية واحدة من منظمة الصحة العالمية تحتوي على المعدات الجراحية واللوازم الطبية المستهلكة والمطهرات – إنقاذ حياة 150 جريحا”.

وقالت “هابيتشت” أيضاً: “بعبارة أخرى، فإن تسليم 10 من هذه المجموعات يعني إنقاذ حياة 1,500 شخص”.

كجزء من قافلة للأمم المتحدة في 18 آذار/مارس، وصلت شاحنة تابعة لمنظمة الصحة العالمية أيضا إلى سومي في شمال شرق أوكرانيا، تحمل الإمدادات الطبية الحرجة الكافية لعلاج 150 مريضا بالصدمات وتوفير الرعاية الصحية الأولية لـ 15,000 مريض لمدة ثلاثة أشهر.

وقال “هانس هنري كلوغه”، مدير منظمة الصحة العالمية الإقليمي لأوروبا: “لقد رأيت بأم عيني الاستجابة الإنسانية الاستثنائية في البلدان المجاورة، لكن هذه الحالة الطارئة لم تنته بعد. نتوقع نزوح المزيد من الأشخاص – معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن – ممن لديهم احتياجات صحية أكبر في الأسابيع المقبلة.”

وأضاف أن هؤلاء قد يواجهون تحديات في الوصول إلى الخدمات والأدوية التي يحتاجون إليها – “وقد يكون لذلك عواقب مهددة للحياة.”

وفي أوكرانيا، قدمت اليونيسف إمدادات طبية إلى 49 مستشفى في تسع مناطق – بما في ذلك كييف وخاركيف ودنيبرو ولفيف – مما أدى إلى تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية لنحو 400,000 من الأمهات والمواليد والأطفال.

كما تعمل الوكالة الأممية على زيادة عدد فرق حماية الطفل المتنقلة التي تعمل داخل مناطق النزاع الحاد من 22 إلى 50 وقد سلّمت 63 شاحنة من الإمدادات المنقذة للحياة لدعم احتياجات أكثر من 2.2 مليون شخص.

قد يعجبك ايضا