تحسينات متواضعة في أحكام الهجرة تبرز الحاجة الملحة للإصلاح الشامل في ايطاليا

جنيف- وصف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان اليوم تعديل إيطاليا بعض بنود “المرسومين الأمنيين” المتعلقين بالهجرة واللجوء بالـ “خطوة في الاتجاه الصحيح”.

وأضاف المرصد بتأكيده بأنّ البنود الجديدة المقترحة بشأن الهجرة ما تزال بعيدة عن الإصلاح الهيكلي، الذي يفترض أن يتعامل مع الهجرة بصفتها ظاهرة طبيعية لا أزمة مؤقتة.

وأبرز المرصد الحقوقي الدولي في بيان صحفي اليوم، إعلان إيطاليا في 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري عن تعديلات جزئية في “المرسومين الأمنيين” اللذين قدمهما وزير الداخلية الأسبق ماتيو “سالفيني”، والخاصين بإدارة شؤون الهجرة وأعمال الإنقاذ في عرض البحر.

إذ تضمنّت التعديلات المذكورة والتي قدمها الوزير، بعض التحسينات التي من شأنها جعل نظام اللجوء في البلاد أكثر إنسانية.

وقالت الباحثة لدى الأورومتوسطي في شؤون الهجرة واللجوء “ميشيلا بولييزي” في مقال تعليقي عبر موقع الأورومتوسطي، إنّ الأحكام الجديدة خطوة مهمة إلى الأمام، لكنّ ما تزال بعض القضايا الرئيسية بحاجة إلى إعادة النظر في طريقة معالجتها بشكل جذري”.

ولفتت “ميشيلا” إلى “أنّ المرسوم الجديد فشل في إلغاء تجريم المنظمات غير الحكومية التي تنفّذ مهام البحث والإنقاذ في البحر، واستعاض عن ذلك بتقليل الغرامات المشينة على السفن.

وأضافت “ميشيلا” إن من غير المقبول التعامل مع عمليات إنقاذ الأرواح المنكوبة كجريمة تحت أي ظرف من الظروف”.

ووفق متابعة الأورومتوسطي فإنّ التعديل الأهم الذي ورد في مرسوم التعديلات، هو منح طالبي اللجوء والمهاجرين إمكانية إعادة تقديم تصريح الإقامة لأسباب إنسانية

وحسب المتابعة من قبل المرصد، فإن السلطات ستمنح هذا التصريح –سارٍ لعامين- والذي أطلق عليه “الحماية الخاصة”، لمن لديهم “أسباب قاهرة ذات طبيعة إنسانية، أو تلك الناتجة عن التزامات دستورية أو دولية لإيطاليا”.

وأوضح الأورومتوسطي أنّ هذا التعديل سيساعد عشرات الآلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء في تسوية أوضاعهم القانونية، إذ أشار إلى أنّ نحو 37 ألفًا منهم فقدوا الصفة القانونية للإقامة في البلاد بسبب إلغاء مرسومي الوزير “سالفيني” التصاريح الإنسانية منذ 2018.

وعلى صعيد عمليات الإنقاذ البحري لسفن المهاجرين وطالبي اللجوء، فيبقى المبدأ أنّ وزير الداخلية الإيطالي لديه صلاحية منع السفن غير العسكرية من المرور عبر المياه الإيطالية.

ولكن لا يشمل هذا القرار تلك السفن إذا نفّذت عمليات بحث وإنقاذ وفقًا للاتفاقيات الدولية وبالتنسيق مع السلطات المختصة أو الدولة التي تحمل السفن علمها.

أما في حالة ارتكاب السفن لأي انتهاك، فإنّ التعديلات الجديدة تنص على غرامات مالية مخفّفة تتراوح بين 10 آلاف و50 ألف يورو، في حين تقضي العقوبات المعمول بها حاليًا بغرامات مالية قد تصل إلى مليون يورو، إضافة إلى خطر السجن مدة تصل لعامين.

ومن أبرز التعديلات أيضًا السماح بإمكانية تحويل تصاريح الإقامة المختلفة إلى تصاريح عمل، وهو الذي لم يكن ممكنًا من قبل بموجب المرسومين الأمنيين، إذ تتيح التعديلات تحويل عدة فئات جديدة تصاريح إقامتهم إلى تصاريح عمل.

ويشمل ذلك أنواعًا متعددة من الإقامة منها: إقامة أصحاب الحماية الخاصة، والكوارث، والإقامة الاختيارية، وإقامة عديمي الجنسية، وطالبي الجنسية، والنشاط الرياضي، والعمل الفني، والأسباب الدينية، إضافةً إلى مساعدة القصر.

وبناءً على ذلك، تسهّل التعديلات الجديدة على حاملي التصاريح الأخرى عملية الحصول على تأشيرة عمل عادية، ما يحدّ من عمليات استغلال المهاجرين وطالبي اللجوء في العمل بوظائف غير قانونية ودون عقد وضمان اجتماعي وفي ظروف غير إنسانية.

وكما تحظر التشريعات الحالية عمليات الطرد والإعادة القسرية للدول التي يتعرض فيها طالبو اللجوء للتعذيب والمعاملة اللاإنسانية المهينة، تضيف التعديلات الجديدة خطر انتهاك الحق في احترام حياتهم الخاصة والعائلية، المنصوص عليه أيضًا في المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

وهذا يعني حظر إعادة أي شخص بنى حياة مستقرة في إيطاليا باستثناء الأسباب التي تتعلق بالأمن القومي. وفي حالة الإعادة إلى الوطن، يقلّل المرسوم الجديد الحد الأقصى للإقامة في مراكز الإعادة (CPR) من 180 إلى 90 يومًا.

وبالتركيز على عملية الإدماج لطالبي اللجوء وحاملي الحماية الدولية، يهدف المرسوم الجديد إلى استعادة ما يسمى بـ”نظام حماية طالبي اللجوء واللاجئين” (SPRAR)، وهو مثال جيد عرقلته المراسيم الأمنية التي أتاحت فقط للقصر غير المصحوبين بذويهم وأصحاب الحماية الدولية الاستفادة من النظام.

يتيح المرسوم الجديد لجميع المهاجرين وطالبي اللجوء الاستفادة من نظام(SPRAR)، والذي يوفّر خدمات متنوعات في مجالات الصحة والمساعدة القانونية والنفسية والتوجيه الوظيفي والوساطة الثقافية ودورات اللغة الإيطالية.

وطالت التعديلات أيضًا قانون الجنسية، ففي حين مددّ المرسومان الأمنيّان فترة الحصول على الجنسية من سنتين إلى أربع سنوات، قلّصت التعديلات المدة إلى 3 سنوات.

وحث المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات الإيطالية على إجراء إصلاحات شاملة وشجاعة لنظام اللجوء والهجرة، وعدم الاكتفاء بإصلاحات جزئية لن تؤدي سوى إلى تحسين محدود للواقع الصعب الذي يعيشه المهاجرون وطالبو اللجوء.

اقرأ ايضاً: خرق للقانون الدولي في اليونان بتصعيد عمليات قمع المهاجرين وطالبي اللجوء

قد يعجبك ايضا