نداء عاجل إلى Binance لإنهاء الحصار الرقمي والمالي على الفلسطينيين
أعرب منظمة سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان، عن بالغ قلقها إزاء الخطوات التعسفية التي تتخذها منصات وشركات عالمية بهدف تشديد الحصار الرقمي والمالي على الفلسطينيين في خضم الأزمة الإنسانية المروعة الحاصلة في قطاع غزة.
وتابعت سكاي لاين بقلق تصريحات أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في صناعة العملات المشفرة “راي يوسف”، الذي كشف على X (تويتر سابقًا) في 26 أغسطس 2024، بأن منصة (بينانس) Binance لتداول العملات المشفرة جمدت جميع محافظ العملات المشفرة الفلسطينية بناءً على طلب إسرائيلي.
وتشير سكاي لاين إلى أن هذا الإجراء، الذي يُقال إنه جزء من استراتيجية إسرائيل الأوسع نطاقاً لتعطيل تمويل الفصائل الفلسطينية، قد امتد إلى ما هو أبعد كثيراً من الأهداف المقصودة، ونتيجة لهذا فإن المستخدمين الفلسطينيين يواجهون الآن حالة من عدم اليقين المالي، حيث تم الاستيلاء على أموالهم دون تفسير كاف أو إشعار مسبق.
وفي حين يواجه الفلسطينيون في غزة صعوبات مالية شديدة بسبب الإبادة الجماعية المستمرة والحصار الاقتصادي، فإن الاستيلاء على أصول العملات المشفرة من قبل Binance يؤدي إلى تفاقم محنتهم.
ونظراً لأن معظم البنوك وأجهزة الصراف الآلي في غزة دمرت أو تضررت بشدة من قبل القوات الإسرائيلية في هجماتها العسكرية المتواصلة على القطاع منذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، فإن السكان يواجهون أزمة إنسانية ومالية عميقة بشكل متزايد.
ومع ارتفاع حركة المرور في فلسطين على منصة Binance بنسبة تزيد عن 80٪ منذ آب/أغسطس 2023، أصبحت العملات المشفرة مثل Bitcoin شريان حياة أساسي وضروري لاستدامة الحياة اليومية وتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية الحيوية.
ويؤدي فقدان الوصول إلى هذه الأموال الرقمية إلى تعميق الأزمة الحالية، مما يزيد من الضغط على قدرة السكان على الحصول على الضروريات الأساسية مثل الغذاء والإمدادات الطبية والملابس والخدمات الأساسية.
وعلى الرغم من أن منصة Binance نفت مصادرة أموال جميع المستخدمين الفلسطينيين، مشيرة إلى أن “عددًا محدودًا فقط من الحسابات المرتبطة بالمعاملات غير المشروعة تم حظرها” وتأكيدها على التزامها “بتشريعات مكافحة غسل الأموال المقبولة دوليًا”، إلا أن نطاق عمليات المصادرة يبدو أنه أثر على أكثر من مجرد أولئك الذين لديهم علاقات مشتبه بها مع فصائل فلسطينية.
فقد أبلغ العديد من المستخدمين الفلسطينيين عن قفل حساباتهم ظلماً دون سابق إنذار أو مبرر واضح، مما أدى إلى مزاعم بأن منصة Binance تنفذ قيودًا مالية بدوافع سياسية. ولم تقدم المنصة العالمية بعد تفاصيل محددة حول عدد المستخدمين المتضررين، أو متى تم فرض هذه القيود، أو المعايير المستخدمة لتجميد الحسابات.
بالإضافة إلى ذلك، أثار تورط إسرائيل في توجيه هذه الإجراءات، إلى جانب تاريخ منصة Binance في الامتثال لقوانين إنفاذ القانون الإسرائيلية، مخاوف جدية بشأن التجاوزات الحكومية للمؤسسات المالية الرقمية. وقد يؤدي هذا إلى تقويض الخصوصية المالية ويشكل سابقة خطيرة للمنصات والبورصات الأخرى.
وقد انتقد مجتمع العملات المشفرة منصة Binance بشدة على خلفية تجميد حسابات فلسطينية باعتبار أن مثل هذا الامتثال يمهد الطريق للحكومات للتلاعب بالمنصات والبورصات. وهذا لا يشكك في نزاهة Binance فحسب، بل ويخاطر أيضًا بتسهيل انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين من خلال التمييز المستهدف والقيود المالية التعسفية.
وعقبت “ديما سمارو” المديرة التنفيذية لمنظمة سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان: “إن الممارسات الغامضة لشركات مثل Binance تعمل كحصار رقمي يقطع الفلسطينيين في غزة عن الموارد المالية الأساسية”.
وأضافت أنه بالنسبة للفلسطينيين الذين يواجهون النزوح والجوع والهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، فإن الوصول المالي إلى الأموال ليس مجرد راحة، بل هو شريان حياة أساسي للبقاء على قيد الحياة.
وأبرزت سكاي لاين أنه عندما تتصرف منصة Binance من دون تواصل شفاف، أو مبرر سليم، أو بذل العناية الواجبة، وخاصة في أوقات الإبادة الجماعية، فإنها لا تفشل في الوفاء بالتزاماتها الأخلاقية فحسب، بل إنها تؤدي أيضًا إلى تفاقم معاناة الفلسطينيين وتكثيف الأزمة الإنسانية الكارثية بالفعل. ويهدد هذا الافتقار إلى الوضوح بفرض المزيد من الحواجز المالية التمييزية ضد أولئك الذين هم بالفعل في حاجة ماسة.
وحتى الآن، لم تقدم منصة Binance ردًا مفصلاً على الادعاءات المتعلقة بمصادرة الأموال الفلسطينية. وعلى الرغم من أن المنصة تدعي الامتثال للوائح المحلية والعقوبات الدولية، إلا أن افتقارها إلى التواصل الشفاف أدى فقط إلى تعميق انعدام الثقة العامة.
وحذرت سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان من أن غياب الإجراءات القانونية الواجبة والعناية الواجبة بحقوق الإنسان للمتضررين يزيد من تآكل الثقة في التزام منصة Binance بالمبادئ الأخلاقية والمساءلة.
ودعت سكاي لاين منصة Binance إلى توضيح المدى الكامل لمصادرة الأموال من حسابات فلسطينية على الفور، والكشف عن المعايير المستخدمة لتحديد الحسابات المستهدفة، وتوفير عملية واضحة وكافية للمستخدمين المتضررين لاستئناف القرار.
كما حثت منصة Binance على رفع تجميد وتعليق الحسابات التابعة للمدنيين الفلسطينيين وضمان عدم فرض قيود مالية تعسفية على سكان غزة الذين يعانون بالفعل من صعوبات بالغة حيث قُتل أكثر من 40 ألف فلسطيني ويواجه غالبية السكان مخاطر المجاعة.
وختمت سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان بأنه في أوقات الحرب لا ينبغي استغلال الحصار المالي الرقمي الإسرائيلي كأداة للقمع ضد الفلسطينيين، وينبغي لمنصة Binance إعادة النظر بشكل نقدي في دورها في تسهيل مثل هذه التدابير المجحفة.