هيومن رايتس ووتش: الأردن ترحيل طالبي لجوء يمنيين وآخرون يواجهون قرارات إبعاد
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن السلطات الأردنية رحّلت على الأقل أربعة طالبي لجوء يمنيين مسجلين لدى “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” (مفوضية اللاجئين).
وأضافت أن السلطات الأردنية أصدرت قرارات إبعاد بحق آخرين تقدموا بطلبات لجوء. أصدرت السلطات معظم قرارات الإبعاد بعد أن حاول اليمنيون التقدم بطلب للحصول على تصاريح عمل وتصويب وضعهم كمهاجرين في البلاد.
يذكر أنه حتّى 16 مارس/آذار 2021، استضاف الأردن 13,843 لاجئا وطالب لجوء يمنيّ وفقا لمفوضية اللاجئين.
منذ يناير/كانون الثاني 2019، منعت تعليمات أردنية مفوضية اللاجئين فعليا من الاعتراف بأي لاجئ باستثناء السوريين، ما حرم الكثيرين من الخدمات الإنسانية وعرّضهم لخطر الترحيل.
قال “مايكل بَيْج”، نائب مدير الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش“: “ستُشوه سمعة الأردن في الترحيب باللاجئين إذا ما أُبعد المعرّضون لخطر جسيم في بلدانهم”.
وأضاف “بَيْج”: ينبغي للسلطات الأردنية أن تقرن أقوالها بالأفعال وتسمح للأفراد بتقديم طلبات اللجوء بأمان والحصول على الخدمات المتاحة للاجئين الآخرين مثل تصاريح العمل”.
قابلت “هيومن رايتس ووتش” 13 طالب لجوء ولاجئا يمنيين بين أواخر يناير/كانون الثاني ومنتصف مارس/آذار، بينهم أربعة رُحلوا إلى اليمن منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وثمانية في الأردن يواجهون قرارات إبعاد يمكن تنفيذها في أي لحظة.
قال ثمانية منهم إن قرارات الإبعاد صدرت بعد أن تقدموا إلى وزارة الداخلية بطلبات موافقة على تصاريح عمل.
تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا في فبراير/شباط إلى لاجئة يمنية متطوعة لمساعدة طالبي اللجوء المحتجزين في الحصول على المساعدة القانونية.
قالت المتطوعة إن الاعتقالات، وقرارات الإبعاد، والإبعادات الفعلية زادت كلها منذ منتصف 2020. وأضافت أنه قبل منتصف 2020، لم تطلب السلطات عادة من اليمنيين التخلي عن صفتهم كلاجئين أو طالبي لجوء للحصول على تصاريح عمل.
قال الذين أُبعدوا إنهم احتجزوا لمدة شهر على الأقل، وإنهم أُبعِدوا رغم أنهم أظهروا للسلطات وثائق اللجوء الخاصة بهم الصادرة عن مفوضية اللاجئين، والتي تُجدَّد سنويا. قال أحدهم إن وثيقته كانت قد انتهت صلاحيتها، رغم أنه لم يسع إلى تغيير وضعه.
قال اثنان من الموجودين الآن في العاصمة اليمنية، صنعاء، إنهما يعيشان في حالة خوف. قال أحدهما، والذي دخل الأردن قبل بلوغه 18 عاما بقليل، إنه تقدم بطلب تصريح عمل عدة مرات قبل توقيفه في يوليو/تموز 2020، لكن طلباته رُفضت.
أوقفته السلطات أثناء محاولته العبور إلى مدينة العقبة في جنوب الأردن، وأخبرته أن وجوده في البلاد غير قانوني.
بقي الرجل موقوفا ثمانية أشهر، تقدمت خلالها عائلته الموجودة في الأردن بطلب إلى وزارة الداخلية لإلغاء قرار الإبعاد، لكنه قوبل بالرفض.
ثم أصرّت السلطات على أن يغادر البلاد على نفقته الخاصة رغم أنه أظهر وثيقة اللجوء الخاصة به. لم تتمكن عائلته من تحمل تكاليف رحلة العودة إلى اليمن إلا في مارس/آذار.
قال إنه يخشى التجنيد الإجباري من قبل جماعة الحوثي المسلحة، المعروفة أيضا بـ “أنصار الله”، والتي تسيطر على صنعاء منذ 2014. قال: “لم أغادر منزلي منذ عودتي إلى صنعاء. لا يعرف الناس أنني عدت إلى هنا. كنت في سجن في الأردن وأنا في سجن في اليمن – إنه الشيء نفسه”.
قال مُرّحَل يمني آخر، تسجل لأول مرة كطالب لجوء في الأردن في 2016، لـ هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف في فبراير/شباط إنه تقدم بطلب للحصول على تصريح عمل أواخر 2019، لكنّه رُفض.
أفاد أن مسؤولا بوزارة الداخلية قال إن عليه التنازل عن وثيقة اللجوء لتقديم طلب تصريح عمل، لكنّه رَفض ذلك. في ديسمبر/كانون الأول 2020، أوقفته الشرطة في أحد شوارع عمّان.
أمضى حوالي 25 يوما في مركز احتجاز في عمّان قبل أن يتمكن من اقتراض المال لدفع تكاليف رحلة عودته إلى اليمن. قال إن حياته في خطر في اليمن.
قال أربعة ممن لا يزالون في الأردن إنهم احتُجزوا بعد أن أوقفتهم دوريات الشرطة وأمرتهم بإبراز هوياتهم وقيل لهم إن هناك أوامر ترحيل بحقهم. قال أربعة إنهم تمكنوا من العثور على كفلاء أردنيين لإخراجهم من مراكز التوقيف، لكن أوامر الترحيل ما زالت سارية.
تنص المادة 37 من “قانون الإقامة وشؤون الأجانب لسنة 1973” على أنه يمكن لوزير الداخلية أن يأمر بالإبعاد دون تفسير، ولكن يمكن للأشخاص الاستئناف أمام “المحكمة الإدارية” الأردنية.
قالت محامية تعمل في منظمة تقدم المساعدة القانونية لبعض اليمنيين المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش إنّهم “طعنوا في العديد من قرارات الإبعاد ولم يتم إلغاؤها”.
في حالتين أخريين، تقدم أصحاب عمل أردنيون بطلبات تصاريح عمل لموظفيهم اليمنيين، لكن وزارة الداخلية أبلغتهم بعد أسبوعين من تقديم طلباتهم بأنها رُفضت وأن اليمنيين معرضين لقرارات إبعاد.
قالت امرأة يمنيّة تعيش في مدينة السلط إن وقف التسجيل منعها هي وأسرتها من التسجيل كطالبي لجوء لدى المفوضية. قالت إن الشرطة أوقفت زوجها في حافلة في يناير/كانون الثاني بعد أن طلبت منه هويته كجزء من تفتيش أمني وقيل له إن هناك أمر بإبعاده.
احتُجز زوجها يومين قبل أن تتمكن عائلته من تكفيله من خلال التوقيع على وثيقة يتعهد فيها بمغادرة الأردن خلال شهر. قالت المرأة إنها تقدمت بطلب إلى وزارة الداخلية منتصف يناير/كانون الثاني لإلغاء أمر الإبعاد، لكنها لم تنجح: “قالوا إن عليه مغادرة البلاد، لكن أين سنذهب؟ لا نملك المال. بعنا كل شيء لنأتي إلى الأردن بحثا عن الحماية. من أين سأحصل على المال للسفر؟”
قال رجل آخر من محافظة تعز اليمنية يعيش في الأردن منذ 2014 إنه حصل على وثيقة طالب لجوء منذ 2015 وتمكن أيضا من الحصول على تصريح عمل في أواخر 2019. في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عندما حاول تجديد تصريح عمله، قال إن وزارة الداخلية طلبت منه مراجعة “دائرة المخابرات العامة”، حيث قال له المسؤولون أن “يحزم أمتعته ويسلم نفسه للسلطات خلال أسبوعين”.
يحظر المبدأ القانوني الدولي الخاص بعدم الإعادة القسرية على الدول إعادة أي شخص على أراضيها أو خاضع لولايتها القضائية إلى دولة قد يواجه فيها الاضطهاد، أو التعذيب، أو غيره من الأضرار الجسيمة. هذا المبدأ جزء من القانون الدولي لحقوق الإنسان النافذ من خلال معاهدات صادق عليها الأردن بالإضافة إلى القانون الدولي العرفي، وهو ملزِم لجميع الدول.
بموجب “ميثاق الأردن”، وهو اتفاق وقّع في 2016 بين الحكومة الأردنية والدول المانحة لتحسين سبل عيش اللاجئين السوريين، أصدرت السلطات آلاف تصاريح العمل للاجئين السوريين منذ 2016.
بحسب ورقة قانونية أعدتها “منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية” (أرض)، وهي منظمة غير حكومية محلية، أن الأردن أنشأ ما يسمى “تصريح العمل الحرّ” كجزء من ميثاق الأردن، والذي يمكن للسوريين الحصول عليه دون رسوم للعمل بحرية في قطاعَي الزراعة والبناء.
حتى سبتمبر/أيلول 2019، كان رئيس الوزراء قد وافق على توسيع نفس النظام ليشمل جميع العمال غير الأردنيين في البلاد مقابل رسوم لا تقل عن 600 دينار أردني (846 دولار أمريكي)، بحسب نوع التصريح، باستثناء غرامات تجاوز مدة التأشيرة والفحص الطبي. كان معظم اليمنيين يتقدمون بطلبات للحصول على “تصاريح عمل حرّة”.
تم توجيه كل التمويل تقريبا في “خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية” إلى السوريين والأردنيين الأكثر فقرا. لا يتمتع اللاجئون من دول أخرى غير سوريا بالإمكانية نفسها للحصول على الخدمات الأساسية في الصحة والتعليم والمأوى، كما يتمتعون بحقوق قانونية أقل. في أواخر 2015، فرض الأردن تأشيرة مسبقة على اليمنيين الراغبين في دخول البلاد.
على مدى ست سنوات من النزاع المسلح، الذي قتل وأصاب أكثر من 18,569 مدنيا، يواجه اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم.
وثقّت هيومن رايتس ووتش مجموعة واسعة من الاعتداءات والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها أطراف النزاع في اليمن.
قال بَيْج: “بوقف تسجيل طالبي اللجوء الجدد والانتقام من اليمنيين الذين يتقدمون للحصول على تصاريح عمل، يبدو أن الأردن يغلق السبل القانونية أمام اليمنيين لطلب الحماية. تصرفات الأردن تترك الناس عرضة للإعادة القسرية والأذى في اليمن”.
اقرأ أيضاً: الفدرالية الدولية تدين نقل الأردن لاجئين سوريين إلى مخيم حدودي بشكل قسري