مصر: السلطات تصعّد من معاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان

قالت منظمة العفو الدولية إن المعاملة القاسية واللاإنسانية التي تعرض لها في السجن جاسر عبد الرازق، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، هي معاملة مروعة.

وعقبت العفو الدولية على ما يحدث بأنه تصعيد حملة القمع هذه ضد المدافعين عن حقوق الإنسان من قبل السلطات المصرية.

وبالأمس، مثل جاسر عبد الرازق أمام النيابة لاستجوابه، وعُقد اجتماع للسفراء لدى مجلس حقوق الإنسان في جنيف لمناقشة الرد الدولي بخصوص هذه القضية.

وفي نفس اليوم، أضافت السلطات القضائية المدافع عن حقوق الإنسان ومؤسس مركز عدالة للحقوق والحريات، محمد الباقر، إلى “قائمة الإرهابيين” لمدة خمس سنوات، إلى جانب المدون والناشط البارز علاء عبد الفتاح، وغيره من السياسيين المعارضين، دون أن توجه لهما تهم بارتكاب جريمة جنائية، ولا منحهما فرصة للاطلاع والرد على الأدلة.

“فبدلاً من الاستجابة للدعوات العالمية لوضع حد للاعتداءات غير المسبوقة على المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تواصل السلطات المصرية إضافة المزيد إلى سلسلة الانتهاكات المرتكبة ضد حقوق الإنسان من خلال تعمد إساءة معاملة جاسر عبد الرازق في الحبس الانفرادي دون الحصول على الضروريات الأساسية.

وذلك كعقاب لنشاطه الرائد في مجال حقوق الإنسان. وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية توثق وتناهض مثل هذه الانتهاكات منذ 18 عاماً، ويدفع موظفوها الآن ثمناً باهظاً”.

“إن اعتقال موظفي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عقب اجتماع مع دبلوماسيين، والمعاملة العقابية لجاسر عبد الرازق أثناء الاحتجاز، وتصنيف المدافعين عن حقوق الإنسان على أنهم إرهابيون، هو أحدث الأمثلة على مدى عمق وكارثية أزمة حقوق الإنسان في مصر”.

“ولا يمكن للدول والجهات الفاعلة في الأمم المتحدة الاستمرار في التسامح مع الوضع الراهن الذي يتم فيه عزل المجتمع المدني وقمعه دون عواقب؛ فيجب عليها، قولاً وفعلاً، المطالبة بإجراء تحسينات ذات مغزى لحالة حقوق الإنسان في مصر”.

“وكجزء من هذه الاستجابة الأوسع نطاقاً، فقد حان الوقت لكي يتخذ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خطوات فورية نحو إنشاء آلية لرصد حالة حقوق الإنسان في مصر”.

وتخشى منظمة العفو الدولية من أن يكون جاسر عبد الرازق محتجزاً عمداً في ظروف مزرية لمعاقبته على عمله في مجال حقوق الإنسان.

ومنذ نقله إلى سجن ليمان طرة، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، احتُجز جاسر عبد الرازق، وهو مدافع مخضرم عن حقوق الإنسان، وأب لطفلين، في الحبس الانفرادي في زنزانة باردة، وحُرم من الحصول على ملابس دافئة أو فراش. وتمت مصادرة جميع متعلقاته الشخصية وأمواله.

ومنعته سلطات السجن من الخروج خارج زنزانته، في أي وقت، بما في ذلك من أجل التريض. كما منعته من شراء الضروريات الأساسية من مقصف السجن. وبالأمس، مثل جاسر عبد الرازق أمام نيابة أمن الدولة العليا لاستكمال التحقيق.

وقامت سلطات السجن بحلق رأسه تماماً، وهي خطوة غير عادية بالنسبة للمحتجزين على ذمة التحقيقات، مما أثار مزيداً من القلق بشأن المعاملة التمييزية والعقابية التي يتعرض لها.

وجاسر عبد الرازق، ومدير وحدة العدالة الجنائية كريم عنارة والمدير الإداري محمد بشير، محتجزون جميعًا على ذمة التحقيقات بتهم زائفة تتعلق بـ “الإرهاب”، نتيجة فقط لعمل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحقوقي.

وقد تم اعتقالهم بشكل تعسفي بين 15 و19 نوفمبر/ تشرين الثاني انتقاما لعقدهم اجتماعاً مع دبلوماسيين غربيين، في وقت سابق من هذا الشهر.

أما الموظف الرابع، وهو باتريك جورج زكي، فكان في السجن منذ اعتقاله في فبراير/شباط2020، عند عودته من إيطاليا حيث كان يدرس.

وتستخدم السلطات المصرية بانتظام تهماً لا أساس لها من الصحة تتعلق بـ “الإرهاب” لسجن المدافعين عن حقوق الإنسان، وإخضاعهم لإجراءات عقابية دون محاكمة.

فالمدافعون عن حقوق الإنسان محمد الباقر وإسراء عبد الفتاح وماهينور المصري وسلافة مجدي محتجزون على ذمة التحقيق في نفس القضية بتهم مشابهة تتعلق بـ “الإرهاب”.

وقامت منظمة العفو الدولية بتوثيق استخدام السلطات المصرية الروتيني والمنهجي لتشريعات مكافحة الإرهاب لمقاضاة الآلاف من المنتقدين السلميين وتعليق توفير ضمانات المحاكمة العادلة.

وقد أعرب العديد من خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم بشأن كيفية تسهيل قوانين الإرهاب في مصر لانتهاكات الحقوق، وكيف يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان المسجونون في مصر لخطر جسيم من الإصابة بفيروس كوفيد – 19.

فلدى مصر تاريخ حافل من الأعمال الانتقامية ضد المجتمع المدني للعمل مع مسؤولي الأمم المتحدة. ومع ذلك، وعلى حد علمنا، هذه هي الحالة الأولى للانتقام من المجتمع المدني لمشاركته مع مجموعة من الممثلين الدبلوماسيين، مما يمثل تصعيداً في حملة القمع التي تشنها السلطات.

وفي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، أعرب المتحدث باسم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عن قلقه العميق “من أن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين الآخرين، فضلاً عن القيود الإضافية المفروضة في البلاد على حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي، لها تأثير عميق على المجتمع المدني المصري الضعيف أصلاً”.

وفي اليوم نفسه، أعرب الأمين العام عن تأييده، من خلال المتحدث باسمه، لهذا البيان. وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني، شاركت منظمة العفو الدولية، إلى جانب منظمات أخرى، في اجتماع، استضافه عدد من سفراء حقوق الإنسان، ركز على كيفية الرد على الاعتقالات ضد موظفي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وعلى السياق الأوسع للقمع ضد المجتمع المدني.

واختتم فيليب لوثر قائلاً: “تستخدم السلطات المصرية بانتظام توجيه تهم تتعلق “بالإرهاب” لا أساس لها لاحتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان، والتشهير بهم في أعين الجمهور المصري، والمجتمع الدولي.

بل في الواقع، تنظر السلطات المصرية إلى العمل المشروع في مجال حقوق الإنسان، مثل: الدفاع عن حقوق مجتمع الميم، ومعارضة عقوبة الإعدام، والدفاع عن الأقليات الدينية، وتعزيز الحق في الصحة، على أنه إرهاب.

“فيجب على المجتمع الدولي أن يظهر لمصر أنه يرفض تماماً موازاة الدفاع عن حقوق الإنسان بالإرهاب، وأن يواصل المطالبة بالإفراج فوراً، ودون قيد أو شرط، عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين في مصر”.

اقرأ أيضاً: مصر: السلطات تعتقل أحد موظفي منظمة حقوقية بارزة انتقاماً من لقاء مع دبلوماسيين

قد يعجبك ايضا