هيومن رايتس ووتش: السلطات الكردية تدين اعتقالات ردع احتجاجات في البلاد

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” إن قوات الأمن في إقليم كردستان العراق اعتقلت عشرات الصحفيين، والنشطاء، والسياسيين في 5 و6 أغسطس/آب 2022، قبل مظاهرات كان مخطط لها.

في 1 أغسطس/آب، دعا رئيس حزب “حراك الجيل الجديد” “شاسوار عبد الواحد” إلى مظاهرات في السليمانية، وإربيل، ودهوك لمواجهة تفاقم “الفساد والفقر والبطالة” في الإقليم.

قال “آدم كوغل“، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “استخدام القمع التعسفي لقمع الاحتجاجات وترهيب النشطاء والصحفيين سيفاقم مظالم سكان إقليم كردستان العراق”.

وأضاف “كوغل“: “لمعالجة غضب الناس، من الأفضل ضمان احترام الحقوق والحريات الأساسية، ومنها الحق في الاحتجاج السلمي”.

وثّقت هيومن رايتس ووتش في السنوات الأخيرة تصاعد استهداف وسائل الإعلام المستقلة والصحفيين المستقلين في إقليم كردستان العراق.

استخدمت السلطات الاتحادية وسلطات الإقليم مجموعة من الأحكام القانونية المتعلقة بالتشهير والتحريض ضد المنتقدين. ولم تستثني السلطات في أحكامها صحفيون، ونشطاء، وأصوات معارضة أخرى.

رحمن غريب“، مدير “مركز ميترو” المختص برصد حرية الإعلام في الإقليم، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن المركز حدد 78 انتهاكا حقوقيا على يد قوات الأمن ضد 60 صحفيا ووسيلة إعلامية أثناء الاعتقالات.

اعتقلت قوات الأمن ما لا يقل عن 26 صحفيا، وصادرت معدات 23 صحفيا، ومنعت 16 صحفيا من تغطية الاحتجاجات.

قال “غريب“: “أصبح واضحا لنا أن قوات الأمن تستهدف الصحفيين أثناء الاحتجاجات بدل حمايتهم. قوات الأمن تخشى عدسات الكاميرا لأنها تكشف سلوكها غير القانوني”.

قال رئيس تحرير موقع “ويستغا نيوز” الإخباري المستقل “سيروان غريب” إنه احتُجز في السليمانية يوم الاحتجاجات، في 6 أغسطس/آب، لعدة ساعات مع العديد من زملائه.

قال “غريب“: “عندما وصلنا لتغطية الاحتجاجات، صوّرتنا طائرة بدون طيار تابعة للأسايش [قوات الأمن الداخلي] من مسافة قريبة لترهيبنا، فلوّحتُ ببطاقتي الصحفية حتى يعلموا أننا صحفيون”.

وأضاف إنه سعى إلى ضمان ظروف آمنة لتغطية الاحتجاجات من خلال الاتصال مسبقا برئيس بلدية السليمانية “آوات محمد” مطالبا إياه بتخصيص مكان للصحفيين في ساحة السرايا، موقع الاحتجاج، لكن رئيس البلدية لم يستجب.

قال صحفيون ونشطاء إن عناصر الأسايش كانوا في الساحة قبل وصولهم. مع بدء الاحتجاج، أطلقت قوات الأسايش الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين والصحفيين، رغم أن الشهود قالوا إنهم لم يروا أي عنف يمكن أن يبرر استخدام الغاز المسيل للدموع أو الاعتقالات.

قال “غريب” إنه، مع استمرار الاحتجاجات، اعتقلت الأسايش مصوره زانيار مريوان. ثم، وبينما كان زملاؤه يحاولون مساعدته، اعتقلت الأسايش بقية الطاقم – لانيا بختيار، وأركان عبد القادر، وهيفار هيوا، بالإضافة إليه أيضا.

قال: “نُقلنا جميعا في حافلة صغيرة إلى مقرات الأمن التابعة للأسايش، حيث صادروا هواتفنا الخلوية وعاملونا مثل المجرمين”.

وأضاف “غريب“: “لكن تغطية الأخبار حق أساسي وليست جريمة. أثناء التحقيق قالوا لي إنه ليس لدينا إذن [لتغطية الاحتجاجات]”.

وتابع: “قلت لهم إنني صحفي، ولست بحاجة إلى إذن عند تغطية المظاهرات”.

أطلِق سراحهم بعد ساعات قليلة دون توجيه تهمة إليهم.

قال القيادي في حراك الجيل الجديد طه أحمد سعيد لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأسايش اعتقلت 86 من أعضاء الحزب، بعضهم قبل الاحتجاجات والبعض الآخر منذ بدايتها.

قال إنه في 6 أغسطس/آب داهمت الأسايش منزله، ثم منزل والده، وكلاهما في السليمانية، واعتقلته في منزل والده دون إبراز مذكرة توقيف. صادروا هاتفه الخلوي وهاتفَيْ أخيه وأخته، وفتشوا الهواتف ثم أعادوها.

احتجزت قوات الأمن سعيد في سجن كاني كومة في السليمانية لأربعة أيام، ثم أفرجت عنه بعد أن دفع كفالة، لكنها لم تخبره ما إذا كانت هناك أي تهم معلقة ضده.

قال سعيد: “أثناء التحقيق، سألني أحد الضباط: لماذا حرّضتم على التظاهر؟ قلت له إن الحق في التجمع حق أساسي للأحزاب السياسية ولأي مواطن. فكيف يكون جريمة؟ ”

قال عضو البرلمان العراقي عن حراك الجيل الجديد ريبوار عبد الرحمن إن النائبين في البرلمان العراقي عن الحزب أُميد محمد وبدرية إبراهيم اعتُقلا في طريقهما للمشاركة في الاحتجاجات.

قال “عبد الرحمن“: “الساعة 4:30 بعد الظهر، اعتقلتني الأسايش مع زميلي على بعد 200 متر فقط من ساحة المظاهرة. وضعونا في حافلة صغيرة وقادونا في جميع أنحاء المدينة لأربع ساعات، ثم أنزلونا في شارع الستين”.

وأضاف: “لم تظهر لنا [قوات الأمن] مذكرة توقيف، فقط قالوا لنا إن لديهم أوامر باعتقالنا. هم يريدون فقط ألّا يحدث الاحتجاج”. وأردف إنهم لم توجَّه إليهم تهمة.

قال مدير مكتب شبكة “ناليا” الإعلامية المحلية في دهوك طائف غوران إن قوات الأمن اعتقلت 18 من موظفي المؤسسة في إربيل، ودهوك، والسليمانية.

قال “غوران” إنه في 5 أغسطس/آب، عندما غادر مع المراسل بريار نيرواي مكتبهما، اعتقلتهما الشرطة المحلية. وصادرت  الشرطة معداتهما، بما فيها كاميرا وجهازين للبث المباشر، واقتادتهما إلى مقر شرطة طوارئ دهوك.

من بين الموظفين الآخرين الذين اعتُقلوا مصور مكتب ناليا في دهوك “عادل صبري“، ومراسلة الشبكة في مكتب شيخان “صباح صوفي“، اللذان نُقلا إلى مقر شرطة الطوارئ في دهوك.

قال “غوران“: “لم تقدم إلينا قوات الأمن أي سبب قانوني لاعتقالنا. واعتقلوا 11 ناشطا أيضا. كنا 15 محتجزا”.

بعد 27 ساعة من الاحتجاز، أفرجت قوات الأمن عن الـ 15 جميعا بكفالة 5 ملايين دينار عراقي (3,430 دولار). لكنها لم تخبرهم بالتهم الموجهة إليهم.

غالبا ما تستخدم سلطات كردستان قوانين الإقليم، مثل قانون الصحافة وقانون منع إساءة استخدام معدات الاتصالات، ضد الصحفيين والنشطاء الذين يمارسون الحقوق الأساسية مثل حرية التجمع.

يحظر هذان القانونان، من بين جملة أمور، إساءة استخدام الهواتف الخلوية والبريد الإلكتروني – أو، على نطاق أوسع، الإنترنت – لتهديد شخص ما، باستخدام ألفاظ نابية..

وتحظر القوانين نشر المعلومات المضللة، ومشاركة الصور التي تتعارض مع القيم العامة، ومشاركة المعلومات الخاصة، حتى لو كانت صحيحة.

يتطلب القانون الكردي لتنظيم المظاهرات في إقليم كردستان العراق إذنا كتابيا لجميع الاحتجاجات من وزير داخلية الإقليم أو وحدة الإدارة المحلية. إذا رُفض الإذن، يمكن اتهام المتظاهرين بارتكاب جريمة.

قال “كوغل“: “غالبا ما تروّج السلطات الكردية لازدهار الإقليم واستقراره مقارَنةً بأجزاء أخرى من العراق”.

وأضاف: “لكن الاعتقال الاستباقي بحق النشطاء، والسياسيين المعارضين، والصحفيين لمجرد تنظيم احتجاجات سياسية سلمية، وحضورها، وتغطيتها ليس مدعاة للفخر”.

قد يعجبك ايضا