عودة الطوابير المهينة للكرامة البشرية في مناطق سيطرة النظام السوري

لا يمكن القول أن مشاهد الطوابير عادت لتغزو مواقع التواصل الاجتماعي السورية، فالصور المهينة للكرامة البشرية لم تختف أصلاً من الفضاء العام خلال السنوات الأخيرة، مع تفاقم أزمات النظام في توفير الضرورات الأساسية للحياة في مناطق سيطرته، والتي تختلف بحسب الموسم، لا أكثر.

وإلى جانب أزمة الكهرباء التي تشهد تقنيناً شديداً في الأشهر الأخيرة، تفاقمت أزمتا الخبز والبنزين، بعد قرارات جديدة أصدرها النظام قضت تخفيض مخصصات تلك المواد، ما أدى لزيادة أعداد الطوابير في البلاد وسط مخاوف بشأن فيروس كورونا.

وتداولت صفحات موالية صوراً تظهر تفاقم أزمة المحروقات في مختلف المدن السورية من دمشق إلى حلب واللاذقية وطرطوس وغيرها، بعدما تجاوز سعر ليتر البنزين الواحد في السوق السوداء حاجز الـ 2000 ليرة سورية، كما الحال في مادة الخبز الأساسية التي وصلت إلى 700 ليرة للربطة الواحدة، في وقت خفف فيه إعلاميو النظام ومسؤولوه من الموضوع. 

وبلغت الوقاحة حداً كبيراً عند مدير عام المخابز زياد هزّاع الذي قال في تصريحات لوسائل إعلام محلية، لاقت استهجاناً واسعاً، أن “السبب الرئيسي لنقص الخبز، هو زيادة الطلب عليه، لكونه أصبح جزءاً أساسياً من قوت الأخوة المواطنين، بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية”.

ويعني ذلك لوماً مباشراً للسوريين الذين لم يعد بإمكانهم سوى تناول الخبز المدعوم من “الدولة”، ومطالبة ضمنية لهم بعدم تناول الخبز، لتخفيف الضغط الحالي.

وفيما كانت تصريحات المسؤولين في وزارة النفط، أقل وقاحة، إلا أن الوزارة حاولت إبعاد تهمة التقصير عنها بالقول أن مجهولين يتلاعبون بالأسعار عبر التلاعب بالبطاقة الذكية وتهريب البنزين إلى السوق السوداء.

وبموازاة ذلك كانت تصريحات الموظفين في الإعلام الرسمي ووزارة الإعلام، تنفي وجود المشكلة، بالقول أن من يشتكي من وجود الطوابير يشكل “طابوراً خامساً”، وأن الطوابير تتواجد في أرقى الدول الغربية من أجل أمور بسيطة مثل الوقوف على الدور في مكتب البريد.

ومن الصعوبة حقاً الرد على تلك المقولات الخالية من المعنى، فهي بالجدية التي يتحدث بها أصحابها، تمتلئ بالهزلية، مع تحول النظام إلى نسخة كاريكاتورية مما كان عليه قبل سنوات. ولهذا كانت معظم التعليقات تأخذ شكل نقل العبارات السابقة مع ضحكات من دون الكثير من الكلمات.

وكان معاون وزير التموين التابع للنظام رفعت سليمان، كشف عن آلية جديدة لبيع مادة الخبز عبر البطاقة الذكية حيث سيتم منح المخصصات “كل يومين” بدلاً من كل يوم، وسيتم توزيع 4 ربطات لكل عائلة بذريعة تخفيف الازدحام على الأفران.

فيما شهدت الأفران في البلاد تخفيضاً في توزيع مادة الطحين من دون توضيح للأسباب.

وبرر بعض الموالين للنظام الموقف بالقول أن مشهد الطوابير هو تعبير عن الشرف والبطولة لأن “الدولة” في حالة حرب، وأن الوقوف على الطابور أشرف من انتظار المساعدات في مخيمات اللاجئين.

 

اقرأ أيضاً: “الصليب الأحمر” تحذر من كارثة في شمال شرق سوريا بسبب نقص المياه وتردي النظام الصحي

قد يعجبك ايضا