العفو الدولية: الخطاب العنصري للرئيس التونسي يُحرّض على موجة عنف ضد الأفارقة السود

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – كانت تونس في عام 2018، أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تضع قانوناً تنص مواده على معاقب ممارسي التمييز العنصري.

وكان القانون يجيز لضحايا العنصرية السعي للحصول على سبيل انتصاف عن الإساءة اللفظية أو الأفعال العنصرية.

وفي الأشهر الأخيرة، اكتسحت حملة كراهية معادية للسود وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام.

ويتلقى حزب يُسمّى الحزب القومي التونسي – ينادي بأيديولوجية “الاستبدال العظيم”.

حيث رأى الحزب أن وجود الأفارقة السود في تونس هو جزء من “مؤامرة لتغيير تركيبة المجتمع”.

طالبت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية بوضع حد فوري لموجة الهجمات التي تُشن ضد المهاجرين الأفارقة السود في شتى أنحاء تونس.

حيث بدأت الانتهاكات في مطلع فبراير/شباط وتسارعت وتيرتها. وذلك في أعقاب تعليقات عنصرية تتسم بكراهية الأجانب أدلى بها الرئيس قيس سعيِّد في 21 فبراير/شباط.

ودعت المنظمة السلطات إجراء تحقيق ومساءلة الجناة. وطالبت بالأخص التحقيق في حالة تورط أفراد من الشرطة في الاعتداء.

وطالبت أمنستي بالإفراج عن جميع المهاجرين الذين احتُجزوا تعسفاً وضمان عدم إعادتهم بصورة غير طوعية.

لقد تسببت ملاحظات الرئيس سعيِّد خلال اجتماع لمجلس الأمن الوطني عُقد في 21 فبراير/شباط بزيادة أعمال العنف العنصرية المعادية للسود.

حيث نزلت مجموعات من الأشخاص إلى الشارع وهاجموا المهاجرين والطلاب وطالبي اللجوء السود. واحتجز أفراد الشرطة العشرات منهم، وعمدوا إلى ترحيلهم.

وقال الرئيس سعيِّد إن: “جحافل المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء” تدفقوا إلى تونس “مع ما يؤدي إليه هذا الوضع من عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة”.

وقال إن هذا “وضع غير طبيعي” وجزء من “ترتيب إجرامي يرمي إلى تغيير التركيبة الديمغرافية” وتحويل تونس إلى “دولة إفريقية فقط ولا انتماء لها للأمتين العربية والإسلامية”.

وقالت هبة مرايف مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “يتعين على الرئيس سعيِّد التراجع عن الملاحظات التي أدلى بها”.

وأضافت مرايف: “يجب إصدار أمر بإجراء تحقيقات لإعطاء إشارة واضحة إلى أنه لن يتم التسامح مع العنف العنصري ضد السود”.

وتابعت بقولها: “ينبغي على الرئيس الكف عن إيجاد كبش فداء للمشاكل الاقتصادية والسياسية التي تعانيها تونس”.

وأردفت: “إن مجتمع المهاجرين الأفارقة السود في تونس يتملكه الخوف الآن من التعرُّض للاعتداءات أو الاعتقال التعسفي والترحيل بإجراءات موجزة”.

وأكملت ممثلة العفو الدولية حديثها قائلة: “وسعت السلطات التونسية، حتى الآن، إلى التقليل من شأن هذه الهجمات العنيفة وحتى إنكارها جملة وتفصيلاً”.

وأكدت: “يجب على السلطات أن تعطي الأولوية للتحقيق في حوادث عنف الشرطة ضد المهاجرين السود. ويجب أن تضع حداً فورياً لعمليات الإعادة القسرية الجارية حالياً”.

وأضافت أيضاً: “يجب على الحكومة أن تحول دون وقوع مزيد من الهجمات النابعة من دوافع عنصرية. والتي تشنها عصابات أو عناصر تابعة للدولة”.

وعلى مدى أسبوعين نفت السلطات وقوع أعمال عنف ضد الأفارقة السود.

وعقب الاحتجاجات الدولية التي أثارتها تعليقات الرئيس، أعلنت السلطات “تدابير جديدة” في 5 مارس/آذار لتسهيل الإقامة القانونية للمهاجرين.

هذا علاوة على بدء عملية عودة “الراغبين بالمغادرة الطوعية للبلاد” إلى أوطانهم، لكن الهجمات وأعمال العنف قد استمرت.

وقد أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 20 شخصًا في تونس العاصمة، بينهم خمسة طالبي لجوء. بالإضافة إلى 15 مهاجراً لا يحملون وثائق قانونية: من الكاميرون، وسيراليون، وغانا، ونيجيريا، وغينيا، وساحل العاج.

وقد تعرضوا جميعهم لاعتداءات من قبل مجموعات. وفي ثلاث حالات، على الأقل، كانت الشرطة حاضرة، لكنها تقاعست عن التدخل لوقف الهجمات أو إلقاء القبض على المعتدين.

ومنذ بداية فبراير/شباط أكدت منظمة محامون بلا حدود أن ما لا يقل عن 840 مهاجرًا، وطالبًا، وطالب لجوء من الأفارقة السود اعتُقلوا في عدة مدن في تونس.

وقد قال العديد ممن أجريت مقابلات معهم إن العنف والأعمال العدوانية هما سمة عادية من سمات حياتهم في تونس. بيد أن 20 شاهدًا قالوا إن الهجمات تصاعدت عقب خطاب الرئيس.

هجمات عنصرية شنتها مجموعات معادية عقب التحريض من جانب الرئيس

وصف الشهود لمنظمة العفو الدولية كيف أنه في أعقاب خطاب الرئيس نزل رجال تونسيون – مسلحون بالهراوات والسكاكين أحيانًا – إلى شوارع العاصمة، وهاجموهم أو داهموا منازلهم.

وفي ثماني حالات قال عمال مهاجرون وطالبو لجوء إن عصابات أخرجتهم عنوة من منازلهم، وإن أمتعتهم سُرقت أو أُتلفت.

وأبلغ عشرة منهم منظمة العفو الدولية أن المالكين طردوهم بعدما هددت السلطات بمعاقبة كل من يؤوي أو يُشغّل “مهاجرين غير شرعيين”.

وكان بعض الذين أجريت مقابلات معهم يقيمون في أوضاع غير صحية في مخيم مؤقت أمام مكتب المنظمة الدولية للهجرة في تونس العاصمة، بدون الحصول على الطعام – ما عدا بعضه الذي وزعته مجموعات من المواطنين المتطوعين – أو مراحيض، أو ملابس دافئة، بعد أن فقدوا كل أمتعتهم.

اعتداءات الشرطة

أكدت منظمة العفو الدولية أن ثلاثة شهود أبلغوها بأنهم تعرضوا للاعتداء أو الاعتقال من جانب الشرطة التونسية.

الاعتقال والإعادة القسرية

استعرضت منظمة العفو الدولية مقاطع فيديو وصوراً حديثة التُقطت من داخل مركز الوردية – وهو مركز احتجاز في تونس العاصمة – يظهر فيها عناصر الأمن وهم يعتدون بالضرب على المهاجرين.

وفي أحد مقاطع الفيديو جرجر أفراد الأمن قسرًا رجلًا أسود إلى أسفل درجات السلّم.

وفي الأيام الأخيرة، تعرّض المئات من الأفارقة السود للترهيب كي يعودوا إلى بلدانهم.

وقد تم ترحيل ما لا يقل عن 300 شخص من مواطني مالي وساحل العاج إلى بلادهم في 4 مارس/آذار في إطار ما وُصف بأنه “إجلاء طوعي”. كما تم أيضًا ترحيل مجموعة من المهاجرين الغينيين إلى بلدهم في 1 مارس/آذار.

قد يعجبك ايضا