تقرير: المهاجرون الأفارقة… رحلة الموت بحثًا عن الأمل

نتيجة للظروف الاقتصادية والسياسية والصراعات التي تشهدها القارة الأفريقية، أصبحت ظاهرة الهجرة غير الشرعية بالإضافة إلى مشكلة اللاجئين والنازحين تشكل أحد أكبر التحديات التي تواجه القارة الأفريقية.

منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، باتت اليمن إحدى وجهات الهجرة الأفريقية من (أثيوبيا وأرتيريا والصومال).

وتحوّل اليمن إلى ممر وطريق للمهاجرين من إفريقيا إلى السعودية عبر رحلة طويلة وقاسية محفوفة بالمخاطر؛ وذلك هربًا من الفقر والملاحقات الأمنية في بلدانهم، وبحثًا عن فرص العمل في المملكة العربية السعودية.

ويحاول عشرات إلى مئات الآلاف من إفريقيا سنويا الهجرة من بلدانهم، رغم جملة ما يتعرضون له من صنوف الانتهاكات.

فمنذ عام 2010، نزل أكثر من 337 ألف مهاجر ولاجئ بالساحل اليمني على البحر الأحمر وخليج عدن، و زادت الأعداد كثيراً ثم انحسرت مرة أخرى في يوليو/تموز 2013، بسبب حملة السعودية على العمال المهاجرين غير الشرعيين، ثم زاد العدد مرة أخرى في مارس/آذار 2014، واستمر سنويا بأعداد تقدر بعشرات الآلاف.

وأعلن الاتحاد الأفريقي أن عام 2019 هو عام “اللاجئين والعائدين والمشردين”، وذلك نظرًا لأهمية مشكلة اللاجئين والنازحين في القارة الأفريقية، والتي تحتوي على ثلث المشردين في العالم.

ومن بين العمال المهاجرين في السعودية الذين جاوز عددهم 10 مليون عامل، ما يناهز الـ 500 ألف عامل إثيوبي، وفد الكثير منهم بشكل غير رسمي إلى السعودية مرورا باليمن سالكين ممرات وطرق خطرة.

وعلى الرغم من أن العوامل الاقتصادية هي الدافع الأبرز للهجرة من إثيوبيا وعموم إفريقيا؛ إلا أن هناك أعدادًا لا يستهان بها تفر من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ارتكبتها حكومات بلادهم.

ويعاني اليمن حاليًا من نزاع مسلح، أطرافه الحكومة اليمنية والتحالف بقيادة السعودية وبمشاركة الإمارات، في مواجهة جماعة الحوثي.

وقد وصفت الأمم المتحدة ما يجري في اليمن بأنه أسوأ وأكبر أزمة إنسانية في العالم؛ وعلى الرغم من ذلك استمر تدفق المهاجرين الباحثين عن الفرص في بلاد النفط العربي مرورا باليمن.

ففي اليمن هناك أنشطة تقدر بملايين الدولارات من الإتجار بالمهاجرين وابتزازهم، مع مرورهم بالأراضي اليمنية، لذلك لم يكن غريبا وصول أكثر من 50 ألف مهاجر من الصومال وإثيوبيا – بينهم 30 ألف طفل –لليمن بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2017، بحسب “المنظمة الدولية للهجرة”.

ووفق إحصائيات منظمة الهجرة الدولية؛ فإن أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى اليمن عام 2018، بزيادة ناهزت 50% مقارنة بعام 2017م. أما عام 2019 فقد شهد وصول 107 آلاف.

ووفق متابعة مجلس جنيف للحقوق والحريات، والمعطيات المتوفرة من المنظمة الدولية للهجرة، فإنه على الرغم من انخفاض أعداد المهاجرين الأفارقة القادمين إلى اليمن بشكل كبير في عام 2020 بسبب القيود الحدودية المتعلقة بـ COVID-19 ، وصل ما يزيد قليلاً عن 35000 مهاجر إلى اليمن في عام 2020.

وبعدما لم يتمكن آلاف المهاجرين من الوصول إلى السعودية، علقوا في اليمن وباتوا يعيشون في ظروف بالغة الصعوبة وتفتقر لأدنى مقومات الصحة والحماية من وباء كورونا المستجد.

ويتضح من معلومات أولية جمعها المجلس عن معاناة المهاجرين الأفارقة تعرضهم لانتهاكات متعددة خلال رحلة الهجرة القاسية بحثا عن تحسين ظروفهم المعيشية.

ويواجه هؤلاء المهاجرين تحديات كبيرة على صعيد الوصول للأراضي اليمنية، كما يتعرضون لمخاطر بالغة تؤدي بحياة العشرات منهم على الطريق، ويخضعون لظروف قاسية تفرضها السلطات اليمنية فور نقلهم إلى مراكز الاحتجاز.

كما أن أزمة كورونا عمقت من معاناة المهاجرين بحسب تقديرات مجلس جنيف وتقارير المنظمات الصحية الدولية، عن احتمالية أن يصاب أكثر من نصف سكان اليمن بالفيروس، في ظل مؤشرات خطرة تهدد من خطر انتشار الفيروس وامكانية أن يتسبب بوفاة 42 ألف شخص في اليمن جراء كورونا.

واستعرض هذا التقرير في المحور الأول الدوافع التي أجبرت آلاف المهاجرين على ترك أوطانهم وحجم وطبيعة المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها.

وفي المحور الثاني تناول التقرير أعداد هؤلاء المهاجرين ومصيرهم داخل اليمن وأبرز التحديات التي تواجههم.

وفي المحور الثالث استعرض التقرير أهم الانتهاكات ونرصد شهادات حية لأشخاص تعرضوا للتعذيب أو كانوا شهودا على وقائع الاغتصاب والتعذيب والقتل وغيرها من الانماط الوحشية.

وفي المحور الرابع نتناول دور الحكومة اليمنية والإمارات في قضية تعذيب المهربين وطبيعة الوحدة التي تشرف على تعذيب المعتقلين ونستعرض جانب من تواطؤ الضباط مع المهربين لابتزاز المعتقلين.

ثم ختم التقرير بجملة من النتائج والتوصيات أبرزها:

  1. أزمة كورونا أثرت على المهاجرين في اليمن وأدت إلى إغلاق الدول حدودها وحالت دون وصول المهاجرين إلى دول الخليج أو عودتهم إلى بلدانهم.
  2. منذ اندلاع أحداث 2011 في اليمن تحديداً، أصبح من الصعب على الحكومة السيطرة على الكثير من الأراضي، بما في ذلك الحدود البرية والبحرية، وهو الأمر الذي شجع المُتجِرين وزاد من الهجرة.
  3. العمل مع الحكومات المانحة والوكالات الدولية لجعل مراكز احتجاز المهاجرين تستجيب للمعايير الدولية وفقا لـ “قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء “قواعد مانديلا”.

اقرأ أيضاً: حريق داخل مركز احتجاز مكتظ بالمهاجرين في صنعاء يستدعي فتح تحقيق بشكل فوري

قد يعجبك ايضا