الناشطات النسويات ما زلن عالقات بين الدولة المعادية للمرأة وتقاعس المجتمع الدولي في إيران

أصبح وضع حقوق الإنسان في إيران مدعاة للقلق لجميع منظمات ومجتمعات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، ولا سيما الانتهاكات ضد حقوق المرأة.

عبّر مركز الخليج لحقوق الإنسان عن قلقه بشأن الأحكام الهزلية التي صدرت بحق النساء، بما في ذلك أحكام بالسجن لعشرات السنوات والجلد، ومختلف أنواع التعذيب التي باتت أمراً معتاداً بسبب أنشطة حقوق الإنسان الأساسية، بالإضافة إلى كون إيران حاملة اللقب متصدرة الرقم القياسي العالمي للدول الأكثر إعداماً للنساء.

بعد أن ضرب الوباء العام الماضي ضربة حادة مخلفاً ورائه آثار وعواقب غير مرغوب فيها، خاصةً فيما يتعلق بحقوق الإنسان، حيث لا يزال المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان مهددون بالخطر، لا سيما أولئك الذين أصيبوا بكوفيد-19 في السجن.

ساهمت القيود الجديدة المفروضة في إطار إجراءات مواجهة كوفيد-19 في التأثير على الحقوق الأساسية، وتقييد الوصول إلى الخدمات الصحية والأمان والحماية والدعم.

عوضاً عن زيادة الضغط على إيران من أجل التوقف عن انتهاك حقوق المرأة كرد فعل على ما تقوم به، كوفئت بمقعد في هيئة تابعة للأمم المتحدة مسؤولة عن شؤون المرأة.

لا يزال من الصعب استيعاب الأخبار التي مفادها أن 43 دولة من أصل 54 في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة قامت بانتخاب إيران في لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة (UN-CSW) لمدة أربع سنوات بداية من العام المقبل.

إن اللجنة، وهي الهيئة الدولية الرئيسية على مستوى الحكومات في الأمم المتحدة والمخصصة لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، لا يمكن أن تشرف عليها إيران، وهي دولة لديها سجل حافل في انتهاكات حقوق المرأة.

صوتت ما لا يقل عن 15 دولة أوروبية وغربية سريا الا انه ما لا يقل عن اربع من هذه الدول صوتت لصالح إيران، بما في ذلك أستراليا والنمسا وكندا وفنلندا وفرنسا وألمانيا وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

من خلال بحثنا، توصل مركز الخليج لحقوق الإنسان إلى أنه يتم استخدام قوانين بعينها بشكل ممنهج لاستهداف المدافعات عن حقوق الإنسان في إيران.

تندرج هذه القوانين في الغالب ضمن ثلاث فئات رئيسية:

  1. القوانين المتعلقة بقدسية الدين.
  2. التعاون مع القوات الأجنبية والتجسس.
  3. تهديد الأمن القومي، وكذلك نشر الدعاية ضد الدولة.

إن جميع القوانين غامضة وفضفاضة، مما يفتح الباب أمام تأويلها، وهو ما أدى إلى التلاعب بالقضايا لتتماشى مع المعايير.

لقد وقعت جمهورية إيران الإسلامية على العديد من الاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى حماية وضع حقوق المرأة، من بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وغيرها من الاتفاقيات.

على الرغم من هذه الالتزامات، فإن سجل حقوق الإنسان في البلاد مترد، مصحوباً بتضييقيات على حرية التعبير والصحافة والدين، وبات حبس الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان أمراً شائعاً.

أشار “جاويد رحمان”، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران، في كلمة ألقاها بمناسبة انتخاب إيران في لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة إلى “بعض الخطوات الايجابية” فيما يتعلق بالنساء والفتيات الإيرانيات في مجال التعليم وحقوق المواطنة.

لكنه قال إن: “التمييز الفاضح القائم على النوع الاجتماعي لا زال مستمراً في القانون والممارسة والسلوكيات المجتمعية، مما يحرم النساء والفتيات من المشاركة والمساهمة في المجتمع”.

قالت “وئام يوسف”، مديرة برنامج المدافعات عن حقوق الإنسان في مركز الخليج، “تُعامل النساء في إيران كأنصاف مواطنات إن لم يكن أقل من ذلك، حيث أن القانون يقف ضد النساء في جميع مناحي الحياة والممارسات أكثر تمييزاً في الواقع.

إن دولة تعادي المرأة وتستخدم كل ما أوتيت من سلطات، بما في ذلك التشريع، للحد من قدرة المرأة على أن تصبح مواطنة كاملة، لا ينبغي أن تدعمها الديمقراطيات الغربية ليصبح لها شرعية في تعزيز وقيادة حقوق المرأة.”

على الرغم من أن البرلمان الإيراني قد صادق على قانون تخفيض الأحكام في 11 مايو/أيار 2020، والذي ساعد على تخفيف الأحكام وإطلاق سراح بعض المدافعين عن حقوق الإنسان، إلا أنه لا تزال الكثير من المدافعات عن حقوق الإنسان خلف القضبان بسبب احتجاجهن من أجل الحصول على حقوقهن الأساسية في إيران.

في حقيقة الأمر تم زيادة الأحكام على العديد من المدافعات البارزات عن حقوق الإنسان في الأشهر القليلة الماضية. وبالحقيقة العديد من اولائك هم مدافعات عن حقوق الانسان البارزات و الاتي تم تمديد سجنهن لعدة اشهر أخرى.

على سبيل المثال حُكم على الناشطة الإيرانية “نرجس محمدي” في 24 مايو/أيار 2021 بعقوبة إضافية بالسجن لمدة سنتين ونصف و80 جلدة، وغرامتين منفصلتين بسبب نشاطها في مجال حقوق الإنسان.

في 5 مايو/أيار 2015، حُكم على محمدي في البداية بالسجن 16 عاماً بسبب نشاطها السلمي في مجال حقوق الإنسان، ولكن أُطلق سراحها في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بعد أن أمضت خمس سنوات وحُظرت من السفر.

حصلت “محمدي” على جائزة أندريه ساخاروف لعام 2018 من الجمعية الفيزيائية الأمريكية، وجائزة حقوق الإنسان لعام 2016 من مدينة فايمار الألمانية، وجائزة بير أنجر عام 2011، والجائزة الدولية للحكومة السويدية لحقوق الإنسان.

بتاريخ 5 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعيدت محامية حقوق الإنسان والمدافعة البارزة عن حقوق الإنسان “نسرين ستوده” إلى السجن وهي ضعيفة ومريضة بسبب الأعراض الناجمة عن الإصابة بكوفيد-19 والإضراب عن الطعام.

لقد أعادتها السلطات بوحشية إلى السجن عشية حفل جوائز رايت لايفليهود، وهي واحدة من أربعة فائزين بها في عام 2020.

اعتقلت “ستوده” في 13 يونيو/حزيران 2018، لكنها كانت تخرج وتسجن لعدة مرات منذ عام 2010. بتاريخ 11 مارس/آذار 2019، حُكم عليها بعقوبتين مدمجتين بـ 148 جلدة والسجن 38 عاماً، في قضيتين تتعلقان بعملها ضد عقوبة الإعدام، ودعم الحركة المناهضة للحجاب الإلزامي.

تظهر “ستوده” في فيلم وثائقي جديد تم تصويره سراً على مدى بضع سنوات في إيران: https://www.nasrinfilm.com

في أبريل/نيسان 2021، حُكم على كل من “نازانين زغاري راتكليف” و”غولروخ ابراهيمي إيرايي” بالسجن سنة إضافية، علاوة على الأحكام السابقة الصادرة ضدهن.

حكم الفرع 26 من محكمة الثورة في طهران على “إيرايي” غيابياً بتهمة “الدعاية ضد الدولة”. وتسجن حالياً في أمول بمقاطعة مازندران شمال إيران، وهي مدينة نُقل عنها أن لديها أحد أعلى نسب وفيات بسبب كوفيد-19.

تم القبض على “إيرايي” وزوجها، “آرش صادقي”، من منزلهما في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2016 وحُكم عليهما بالسجن. أطلق سراحها ثم أعيد اعتقالها في عام 2019 وتقضي عقوبة بالسجن ثلاث سنوات وسبعة أشهر.

كذلك في أبريل/نيسان 2021، حُكم على زغاري راتكليف، وهي مواطنة بريطانية إيرانية، بالسجن لمدة عام آخر ومنعها من مغادرة البلاد لمدة عام.

وقد أدانتها المحكمة بتهمة “نشر دعاية ضد النظام” لمشاركتها بمظاهرة أمام السفارة الإيرانية في لندن في عام 2009 وتحدثها إلى صحفي في بي بي سي فارسي.

في منتصف مارس/آذار 2020، تم إطلاق سراح “زغاري راتكليف” مؤقتاً من سجن إيفين في طهران، حيث حُكم عليها بالسجن خمس سنوات في عام 2016.

كرر مركز الخليج لحقوق الإنسان دعواته للسلطات الإيرانية للإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن جميع المدافعات عن حقوق الإنسان في إيران، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهن، وكذلك إعلاء حقوق المرأة، واحترام التزاماتها الدولية تجاه حقوق الإنسان والمساواة.

دعا مركز الخليج لحقوق الإنسان جميع الحلفاء والدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الاعتراف بمسؤوليتهم عن عدم تعيين وانتخاب الدول التي لها باع في انتهاكات حقوق الإنسان – مثل المملكة العربية السعودية وإيران وسوريا – لمختلف مناصب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بدلاً من المساءلة من خلال آليات الأمم المتحدة.

حث مركز الخليج لحقوق الإنسان المجتمع الدولي على عدم غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان والاستهداف الممنهج للنساء في إيران. استمعوا وبادروا بالعمل بشكل استباقي مع المدافعات الإيرانيات عن حقوق الإنسان لمساءلة إيران وفحص سجلها في مجال حقوق الإنسان.

اقرأ أيضاً: سكاي لاين: منح إيران عضوية “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” قبول ضمني للإنتهاكات

قد يعجبك ايضا