العراق: إغلاق مخيمات النازحين وإعادتهم إلى مناطقهم قد يعرض حياتهم للخطر

أعرب المرصد الأورومتوسطي عن بالغ قلقه من قرار وزارة الهجرة والمهجرين العراقية بإغلاق مخيمات النازحين في العراق مطلع العام القادم باستثناء الموجودة في إقليم كردستان، وإعادة النازحين إلى مناطق سكنهم الأصلية غير الآمنة.

وقال المرصد الأورومتوسطي ومقره جنيف في بيانٍ صحفيٍ اليوم، إنّ قرار الوزارة الصادر يوم الأحد الماضي 08 نوفمبر/تشرين الثاني يقضي بإغلاق المخيمات الموجودة في كركوك، وصلاح الدين، وأحد المخيمات الموجودة في الأنبار ومخيم عامرية الفلوجة نهاية الشهر الجاري، في حين سيتم إغلاق باقي المخيمات بحلول العام المقبل، موضحًا أن ذلك سيشمل إعادة حوالي المليون ونصف المليون نازح إلى مناطقهم الأصلية.

وبيّن الأورومتوسطي أنّ القرار قد يترك مئات الآلاف من النازحين بلا مأوى بعد تدمير منازلهم أثناء المواجهات السابقة مع تنظيم “داعش”، في ظل عدم وجود خطة واضحة لإعادة إعمار مناطقهم التي تفتقر مقومات الحياة الأساسية من ماء وكهرباء، ولا تتوفر فيها أبسط المعايير اللازمة للحياة الكريمة.

ووفق إفادات جمعها فريق المرصد الأورومتوسطي، لا يرغب كثير من النازحين في العودة إلى مناطقهم لعدم وجود ضمانات بحمايتهم من هجمات الميليشيات المسلّحة التي تتواجد في مناطق سكنهم الأصلية، إذ يخشون التعرّض إلى عمليات انتقامية أو هجمات عشوائية كما حدث أخيرًا في مجزرة “الفرحاتية” وكذلك الانتهاكات التي تعرض لها أهالي الطارمية خلال الصيف المنصرم.

قال أحد النازحين العائدين (فضل عدم ذكر اسمه) للمرصد الأورومتوسطي: “لو كنت أعلم أنّ الوضع بعد العودة سيكون بهذه الصورة لما عدت إلى منطقتي. نعاني من غياب أي مقومات للحياة الطبيعية ونتعرض للابتزاز والضغط من بعض الميليشيات المسلحة لإرغامنا على العودة إلى المخيم. يتملكنا الخوف من حدوث أي ضرر لنا خصوصًا بعد ما حصل في مجزرة الفرحاتية”.

ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ إعادة النازحين إلى محافظاتهم ينبغي أن يترافق مع توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة ووضع خطة فاعلة تشمل إعادة إعمار المناطق المدمرة، وتوفير الحماية لهم بعد عودتهم، وتنفيذ برامج الدمج المجتمعي التي تكفل عودتهم لممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

وفي مقابلة أجراها المرصد الأورومتوسطي مع الناشط الإغاثي في محافظة نينوى “إبراهيم خالد” (اسم مستعار) قال: “من خلال تواصلنا مع النازحين في مختلف المخيمات الموجودة في الموصل رصدنا مطالبات من النازحين للحكومة بالتريث بعد قرار وزيرة الهجرة الأخير بإغلاق المخيمات كونه أتى متسرعًا.

وأضاف أن عملية إعادة الإعمار لم تكتمل، وما تزال منازل وممتلكات عدد كبير من النازحين مدمرة جراء الحرب مع تنظيم “داعش”، إذ لا تزال عاجزة عن إنجاز عملية إعادة الإعمار نظرًا للأزمة المالية التي تمر بها، وبالتالي إذا تم تنفيذ قرار إغلاق المخيمات فإن هؤلاء النازحين سيصبحون بلا مأوى”.

وأشار الأورومتوسطي إلى أن عدد النازحين الكلي في العراق منذ عام 2014 بلغ أكثر من 4 ملايين و500 ألف نازح من مختلف المدن العراقية بسبب الحروب والصراعات المستمرة منذ سنوات.

بدوره قال الباحث في المرصد الأورومتوسطي “عمر العجلوني”: “إن إغلاق المخيمات دون توفير البديل الآمن للنازحين وإجبارهم على مغادرتها يشكل خرقًا واضحًا للمادة (51) من الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف لعام 1977 والتي نصت على “يتمتع السكان المدنيون والأشخاص المدنيون بحماية عامة ضد الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية ويجب، لإضفاء فعالية على هذه الحماية مراعاة القواعد التالية دومًا بالإضافة إلى القواعد الدولية الأخرى القابلة للتطبيق”.

كما جاء الدستور العراقي ليضمن للمواطنين الحق في الحرية والأمان، حيث نصت المادة (15) من الدستور على “لكل فردٍ الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرارٍ صادرٍ من جهةٍ قضائيةٍ مختصة”.

كذلك كفل الدستور للمواطنين الحق في الحصول على المقومات الأساسية للعيش والمسكن الملائم، حيث نص الدستور في المادة (30) منه على “تكفل الدولة للفرد وللأسرة ـ وبخاصة الطفل والمرأة ـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرةٍ كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم”.

ودعا المرصد الحقوقي الدولي في نهاية بيانه الحكومة العراقية إلى إلغاء قرارها التعسفي، والعمل على تقديم خطة واضحة لإغلاق المخيمات، ومشاركة النازحين بالمعلومات اللازمة عن تطورات الإعمار في مناطقهم، وإعطائهم مهلة كافية لاتخاذ التدابير الملائمة لعمليات الانتقال.

وحث المرصد الأورومتوسطي السلطات على ضمان أمن النازحين حال عودتهم إلى مناطق سكنهم الأصلية، والعمل بشكل حثيث على إنهاء تواجد الميليشيات في تلك المناطق، والتأكد أنّ النازحين لن يتعرضوا إلى أعمال انتقامية أو حوادث عنيفة، بالإضافة إلى وضع برامج محدّدة لمساعدتهم في الاندماج المحلي بعد أهوال الحرب التي عاشوها.

قد يعجبك ايضا