أحدث أساليب اليونان القاسية وغير القانونية لحرمان طالبي اللجوء من الوصول لأوروبا

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – بينما تُظهر أوروبا احتضانًا للاجئين الأوكرانيين، تقوم العديد من دول الاتحاد الأوروبي منع المهاجرين وطالبي اللجوء “غير الغربيين” من الوصول إليها.

أصبح تحصين الحدود بالجدران والأسوار والمراقبة والحراس وصد قوارب المهاجرين في البحر سلوكيات سائدة واقعيًا.

هذه الإجراءات تتبعها تقريبًا جميع الدول الأوروبية المستقبلة للمهاجرين وطالبي اللجوء.

لكنّ النمط الجديد الذي أخذ بالشيوع هو التعامل العنيف مع القلة التي تنجح في دخول حدود دول الاتحاد الأوروبي رغم كل هذه الإجراءات.

إذ باتوا يتعرضون للتعرية والسرقة والإجبار على المغادرة قبل النظر في طلبات لجوئهم، ولا سيما على الحدود الكرواتية-البوسنية، والبولندية-البيلاروسية، واليونانية-التركية.

ومن مظاهر هذا الإمعان في العداء، ما أُبلغ عنه أخيرًا من استغلال الشرطة اليونانية لطالبي اللجوء اليائسين، وإكراههم على صد أقرانهم من المهاجرين وطالبي اللجوء على الحدود التركية.

تحتجز الشرطة اليونانية طالبي اللجوء والمهاجرين الذين يعبرون نهر إفروس، وتضربهم بالهراوات، وتقتادهم إلى مركز للشرطة.

حيث يُجردون من ملابسهم ومتعلقاتهم ويُوضعون في زنازين مكتظة. ثم تُحدد بعض المحتجزين وتعرض عليهم منحهم مذكرة شرطة تسمح لهم بالبقاء لمدة شهر في اليونان مقابل نقل قوارب مطاطية مكدسة بطالبي اللجوء عبر النهر سريع الجريان إلى تركيا.

لا تقدم الشرطة أي أجر للمهاجرين لقاء نقلهم أقرانهم -الذين يتركون نصف عراة- إلى تركيا. بل يُعرض عليهم اختيار أشياء من متعلقات المهاجرين. أما في حال رفضوا العرض، يتم تهديدهم بالضرب، أو الإعادة إلى تركيا، أو الاتهام بتهريب البشر، أو السجن.

قدم ستة من طالبي اللجوء على الأقل روايات مباشرة عن إجبارهم على هذه “الصفقة”. وأشاروا إلى أنّ الشرطة اليونانية كانت تعيدهم للاحتجاز بعد كل عملية إعادة للمهاجرين وطالبي اللجوء، وتضربهم إذا حدث أي خطأ أثناء عمليات الإعادة.

ويُطلق طالبو اللجوء المُطلعون على هذه الممارسة بـ “مرحلة العبودية” في رحلتهم إلى ملجأ آمن.

تهريب البشر العكسي هذا وإكراه طالبي اللجوء على القيام بعمل غير قانوني وخطير وبدون أجر تحت التهديد يتعارض مع التزامات اليونان بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.

يعد الاستخدام القسري لرعايا الدول الثالثة اليائسين كوكلاء في عمليات الإعادة غير قانونية أحد أحدث الأمثلة على الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمنع الناس من ممارسة حقهم في طلب اللجوء، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عرقهم أو دينهم.

مفوضية الاتحاد الأوروبي انتقدت عمليات الصد والإعادة العنيفة لليونان، بل وهددت بقطع المساعدات عنها.

إذ قالت مفوضة الشؤون الداخلية “إيلفا يوهانسون” إنه بينما يقع على عاتق اليونان “التزام” بحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي من “الدخول غير القانوني”، فإنّ “عمليات الترحيل العنيفة وغير القانونية للمهاجرين يجب أن تتوقف الآن”.

لكن المشكلة تكمن في أن عمليات الصد العنيفة والترحيل غير القانوني لليونان ليست حدثًا جديدًا، فهي ممارسة مستمرة وممنهجة منذ آذار/ مارس 2020 على الأقل.

وقد أعرب الاتحاد الأوروبي مرارًا وتكرارًا عن انتقاده لعمليات الصد، لكن هذا لم يؤد إلى أي تغيير كبير في سياسات وممارسات اليونان المثيرة للجدل ضد طالبي اللجوء والمهاجرين.

علاوة على ذلك، فإنّ عدم وجود طرق لجوء آمنة وقانونية يفتح المجال أمام الخلط بين حماية حدود الاتحاد الأوروبي من “الدخول غير القانوني” وممارسة عمليات الصد العنيفة والترحيل غير القانوني.

فعلى سبيل المثال، كيف ستمنع اليونان “الدخول غير القانوني” دون إحباط محاولة طالبي اللجوء الوصول إلى أراضيها عن طريق البر أو البحر عندما يكون “الدخول غير القانوني” هو طريقهم الوحيد للبحث عن ملاذ آمن؟

يتطلب الخروج من الحلقة المفرغة هذه أن يبذل الاتحاد الأوروبي جهودًا جادة في إنشاء طرق لجوء آمنة وقانونية لإنهاء حاجة المهاجرين وطالبي اللجوء إلى القيام برحلات خطرة بحثًا عن الأمان.

كما يستلزم أيضًا أن يقدم الاتحاد الأوروبي التعاون والمساعدة لتحسين ظروف البلدان غير الأوروبية، مثل تركيا ولبنان، التي تتحمل نصيبًا غير متناسب من استضافة اللاجئين وطالبي اللجوء.

أخيرًا، طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الاتحاد الأوروبي بإنشاء آلية التضامن التي طال انتظارها، والتي تتقاسم من خلالها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مسؤولية إعادة التوزيع الداخلي لطالبي اللجوء أو تقديم المساعدة المالية للدول الأعضاء التي يعاني نظام اللجوء فيها من عبء زائد.

قد يعجبك ايضا