القوات الأمنية العُمانية تقمع احتجاجات شعبية تطالب بتوفير فرص عمل للشباب
دعا مركز الخليج لحقوق الإنسان والجمعية العُمانية لحقوق الإنسان، السلطات العٌمانية إلى احترام حرية التعبير والتجمع بعد انتشار الاحتجاجات في عدة مناطق من البلاد، ومحاولة السلطات تقييد وسائل الإعلام من تغطية المظاهرات.
بتاريخ 23 مايو/أيار 2021، انطلقت في مدينة صحار، التي تبعد عن العاصمة مسقط 234 كم شمالاً، احتجاجات قام بها الشباب العُماني من العاطلين عن العمل أو المسرحين من وظائفهم حيث رفعوا شعارات عديدة منها:
إذا كان الشباب ثروة الوطن!!! فلماذا يهدر؟؟؟
(المواطن العماني) يطالب بأبسط حقوقه!!!
لقد تجمعوا أمام المديرية العامة للعمل في المدينة وأحاطت بهم قوات أمنية كبيرة راجلة وسيارات، حيث أكدت تقارير موثوقة استلمها مركز الخليج لحقوق الإنسان والجمعية العُمانية لحقوق الإنسان، اعتقال عدداً من المحتجين، وتم نقلهم بعيداً عن مكان التجمع إلى جهة مجهولة.
وكانت وزارة العمل قد أصدرت بياناً في اليوم نفسه أكدت فيه، “تجمع عدد من المواطنين أمام مبنى المديرية العامة للعمل بمحافظة شمال الباطنة مطالبين بإيجاد فرص عمل وحل مشكلة بعض المسرحين منهم.” إن محافظة شمال الباطنة تضم ستة من الولايات منها ولاية صحار.
وبالرغم من اعتقال مجموعة منهم بالأمس، فقد تجمع العشرات من المواطنين مرة أخرى في مدينة صحار في اليوم التالي الموافق 24 مايو/أيار 2021، أمام مكتب محافظ شمال الباطنة، حيث قامت قوات باستخدام الغاز المسيل للدموع بكثافة من أجل تفريقهم.
أكدت الأخبار الواردة لمركز الخليج لحقوق الإنسان والجمعية العُمانية لحقوق الإنسان، حصول المزيد من الاعتقالات في صفوف المحتجين ومصادرة هواتفهم النقالة. هناك تقارير تقول ان القوات الأمنية قد أحاطت بالمحتجين واعتقلتهم وقامت بنقلهم جميعاً إلى جهة مجهولة.
انطلقت لاحقاً وفي نفس اليوم، مسيرة حاشدة للمواطنين المتحمسين، وهي تردد هتافات تتضمن، ” اطلع اطلع يا مظلوم.. طالب حقك مهما يكون”.
أكدت مصادر محلية موثوقة لنا إنه جرى في مساء يوم 24 مايو/أيار 2021، إطلاق سراح جميع المعتقلين من المحتجين في صحار.
وفي ظفار تم توزيع نداءٍ في 23 مايو/آذار 2021، ورد فيه، “إلى كل باحث عن عمل وكل شخص تهمه مصلحة الشباب في هذا الوطن. غداً هناك نقطتين تجمع سلمي تضامناً مع إخواننا في صحار، في ميدان الاحتفالات، ووزارة العمل.”
لقد انطلقت التظاهرات الحاشدة في اليوم التالي واشترك فيها المئات من المواطنين في هاتين النقطتين وجوبهت بتحشيد كبير من قبل القوات الأمنية، وتم اعتقال مجموعة منهم ثم تم الافراج عنهم في وقت لاحق من نفس اليوم.
كذلك، هناك تقارير إخبارية تؤكد حصول تظاهرات واحتجاجات في صلالة حيث قامت برفع نفس المطاليب التي طالب بها المحتجون في المناطق الأخرى وتتضمن توفير فرص العمل للشباب من العاطلين عن العمل وإعادة المسرحين إلى وظائفهم وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين بشكلٍ عام.
كما أصبح الوسم الأكثر تداولا في عُمان على تويتر في 24 مايو/أيار2021، هو #عبري_تستجيب
إن عبري هي احدى مدن محافظة الظاهرة، وتم توزيع نداء ورد فيه إلى، “كل شباب الظاهرة (عبري) العاطلين عن العمل والمسرحين، غدا ننظم وقفة تجمع سلمي الثامنة صباحا قرب وزارة العمل، وذلك للتضامن مع إخواننا في صحار وباقي الولايات، للمطالبة بالإصلاحات ولفت أنظار المسؤولين في البلد إلى الأوضاع التي وصل إليها المواطن.”
ذكرت مصادر موثوقة في عُمان، ان تعميماً شديد اللهجة صدر من جهات عليا الى كافة وسائل الإعلام وبضمنها الصحف اليومية بعدم التطرق لموضوع التجمع السلمي في صحار، ظفار، وصلالة وبقية المناطق العُمانية، وبخلافه سيتم سحب التصريحات.
لقد اضطرت السلطات للتراجع عن هذا القرار لاحقا بعد قيام العديد من وسائل الاعلام العالمية بالتغطية عن هذه الأحداث.
إن أحداث غزة الأخيرة وصمود مواطنيها في وجه اعتداء غاشم، قد حفزت المواطنين في عُمان على القيام باحتجاجاتهم الحالية.
كانت الاحتجاجات العمانية الأولى قد انطلقت ايضاً من ولاية صحار في 25 فبراير/شباط 2011، بعد ان اجتاحت الوطن العربي، وخاصة مصر وتونس، موجة واسعة من الاحتجاجات العارمة.
لقد قاد هذه الاحتجاجات ناشطو المجتمع المدني العمانيون وشارك فيها المواطنون بمختلف فئاتهم وخاصة الشباب، الذين اعتصموا في مسقط، صحار، وصلالة، وهي المناطق التي تركزت فيها الاحتجاجات.
لقد طالبوا بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة. استخدمت القوات الأمنية الرصاص المطاطي وخراطيم المياه لتفريق المحتجين واعتقلت عدداً كبيراً من الناشطين، الذين واجهوا محاكمات غير عادلة، التي أصدرت ضدهم أحكاماً جائرة بالسجن والغرامات.
لقد تم إطلاق سراحهم جميعاً بعد اصدار السلطات السابق قابوس بن سعيد عفوه السلطاني عنهم، وذلك قبل إكمالهم مدة الحكم بفترة وجيزة.
في الوقت الذي يعلن فيه مركز الخليج لحقوق الإنسان والجمعية العُمانية لحقوق الإنسان تضامنهم المطلق مع المواطنين العُمانيين الذين استخدموا حقهم في التظاهر والتجمع السلمي من أجل المطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية، فأنهم يستنكرون بشدة قيام القوات الأمنية بترهيب المحتجين السلميين وقمعهم واعتقال عدداً كبيراً منهم.
على الحكومة العُمانية الإنهاء الفوري لسياسة تكميم الافواه ومصادرة الحريات العامة وبضمنها حرية التظاهر السلمي وحرية الصحافة. يجب على السلطات في عُمان احترام الحريات العامة وبضمنها حرية التعبير والرأي على الإنترنت وخارجه.
على القوات الأمنية القيام بواجباتها في حماية المواطنين وليس قمعهم وهم يقومون بكل سلمية بالمطالبة بحقوقهم المدنية والإنسانية.
اقرأ أيضاً: عمان: تقرير الاستعراض الدوري الشامل يجد أن توصيات الفضاء المدني لم يتم الوفاء بها