الحقوق في الصحراء الغربية رهينة لتفضيل الشركات الأرباح على أخلاقيات العمل

لأجل مواجهة معتقدات شعبها المناهضة لدعم إسرائيل، أعلنت الحكومة الأمريكية أنها ستعترف بأحقية المغرب بالصحراء الغربية متجاهلة بذلك القانون الدولي وحقيقة أنه لا ينبغي لها تحديد هوية ومصير الشعوب.

أقر قرار للأمم المتحدة عام 1979 بحق الصحراويين في “تقرير المصير والاستقلال”، وعلى الرغم من فشل المجتمع الدولي في متابعة وتسهيل عملية تصويتهم بخصوص مصيرهم، إلا أن قرار الأمم المتحدة بقي الغالب.

وبناءً على ذلك، رد الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” على الإجراء الأمريكي بقوله أنه “يجب أن يستند حل مسألة الصحراء الغربية إلى قرارات مجلس الأمن، فموقف الأمم المتحدة لم يتغير.”

ولسوء الحظ، أظهرت التجربة أن تصريحات الأمم المتحدة لن تكون كافية لتخفيف تأثير “الغوريلا” الأمريكية (فلسطين نموذجًا). لذلك، فإنه يجدر اليوم أكثر من أي وقت مضى، أنه ينبغي على الشركات أن تتخذ موقفًا جديًا وتتوقف عن العمل مع الحكومة المغرب للاستفادة من الموارد الطبيعية للصحراء الغربية.

ولإعطاء خلفية حول قضية الصحراء الغربية، يجدر التذكير أن إسبانيا احتلتها حتى منتصف السبعينات، حين استسلمت لضغوط الشعب، بما فيها التمرد المسلح وانسحبت من الإقليم عام 1975.

لكن ولسوء الحظ، لم تدم حريتهم طويلاً، فبينما أعلنت جبهة “البوليساريو” استقلال الصحراء الغربية، وأطلقت عليها اسم “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، تحركت القوات المغربية للمطالبة بالأرض لصالحها.

تبع ذلك حرب استمرت 16 عامًا، وانتهت بوقف إطلاق النار عام 1991، حيث سيطرت المغرب على معظم الأراضي وحفزت شعبها على الاستقرار في الصحراء الغربية لتغيير التوازن الديموغرافي، بينما أُجبر آلاف اللاجئين الصحراويين على العيش في مخيمات في الجزائر.

ورغم أن معظم الحكومات تعتبر حركة إعادة التوطين هذه غير قانونية، إلا أنه لم يتم اتخاذ الإجراءات الكافية لمعاقبة المغرب عليها. (مرة أخرى يذكرنا بنموذج فلسطين)

وافقت جبهة “البوليساريو” على وقف إطلاق النار عام 1991 بناءً على الوعد بإجراء استفتاء على الاستقلال، لكن لم يتم إجراؤه بعد بسبب مقاومة المغرب.

وفي الشهر الماضي تحديدًا، نفذت المغرب توغلاً عسكريًا في المنطقة العازلة الخاضعة لسيطرة الأمم المتحدة بين الجانبين، وردت جبهة “البوليساريو” بإعلانها أن وقف إطلاق النار يعد باطلًا، ثم جاء القرار الأمريكي لـ “يصب الزيت على النار.”

ما الذي يمكن أن يحدث فرقًا الآن؟ يمكن للرئيس الأمريكي المنتخب “جو بايدن” أن يصرّح بأن إدارته لا توافق على إجراء “دونالد ترامب”، ومواصلة دعم تسوية الأمم المتحدة والعمل بفعالية لتحقيقها.

ولكن ربما يكون من الأكثر فاعلية لتحقيق هذه التسوية هو أن تحترم الشركات الإجماع الدولي أيضًا، بغض النظر عن أي قرارات سياسية.

على سبيل المثال، أن تتعاون شركة “سيمنس جاميسا للطاقات المتجددة” التابعة لشركة “سيمنس” الألمانية العملاقة مع الشركة المغربية الحكومية “ناريفا” لتشغيل حقول الرياح في الأراضي المحتلة.

كما تعمل الشركة الإيطالية لصناعة الطاقة البديلة “إنل جرين باورد” في الأراضي المحتلة وستبدأ قريبًا ببناء مزرعة رياح بقوة 300 ميغاواط.

يقول “تيم سوير” من “مرصد ثروات الصحراء الغربية” إنه “بالنسبة لمشاريعهم على الأراضي المحتلة، فإن شركتي “سيمنس” و”إنل” تتعاونان مع شركة ليست مملوكة لمَلك النظام المحتل فحسب، ولكن يُقال الآن أيضًا أنها تجني ثمار خطوة باعت النظام القانوني الدولي، وكذلك شعوب فلسطين والصحراء الغربية”، يقول “تيم سوير” من “مرصد ثروات الصحراء الغربية”.

في أسواق صيد السمك، هناك وضع مماثل أيضًا، فقد قضت أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2016 بأنه لا يمكن إدراج الصحراء الغربية في اتفاق التجارة مع المغرب، لأنه يجب أخذ موافقة الشعب الصحراوي.

مع ذلك، يواصل الاتحاد الأوروبي استيراد منتجات الأسماك من الصحراء الغربية المحتلة، ويدعم بشكلٍ غير مباشر مطالبة المغرب غير القانونية بالمنطقة.

ويعد استيراد دقيق وزيت السمك جزءًا مربحًا من هذه التجارة، وتعد شركة “كوستر مارين بروتين” ومقرها بريمن أكبر مستورد للمساحيق السمكية من الصحراء الغربية، حيث تمتلك الشركة محطة “كوستر تيرمينال” في المدينة، وهي أكبر محطة للمساحيق السمكية في القارة، وتعلن عن نفسها أنها الموزع الرائد للمساحيق السمكية في أوروبا.

وصرحت الشركة على موقعها الإلكتروني أنها تشتري مسحوق السمك من المغرب، دون ذكر الصحراء الغربية. مع ذلك، أفاد “مرصد ثروات الصحراء الغربية” أن شركة “كوستر مارين بروتين” قد استوردت مساحيق السمك من 16 دولة فيما مضى، مضيفًا أن “هذا التنوع في الموردين يشير إلى أنه من الممكن للشركة استخدام موردين من دول أخرى إذا اختارت القيام بذلك”.

ما تزال هناك صناعة أخرى تستغل الصحراء الغربية عبر المغرب وهي استخراج الفوسفات لصناعة الأسمدة. على سبيل المثال، تواصل “شركتي ريفنز داون” و “Ballance Agri-Nutrients” في نيوزيلندا استيراد صخور الفوسفات من الصحراء الغربية المحتلة.

وفي وقت سابق من هذا العام، كتب وزير الخارجية النيوزيلندي أن “الحكومة لطالما أوضحت للشركات المستوردة من الصحراء الغربية أن عليها الامتثال للقانون الدولي والتماس المشورة القانونية المستقلة”، مضيفًا أنهم “يستوردون على مسؤوليتهم الخاصة”.

لطالما أثبت التاريخ في مناطق أخرى من العالم (مرة أخرى، منها فلسطين) أنه سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن تفرض الأمم المتحدة احترام قراراتها إذا لم تكن الشركات هي التي تقود الطريق. فبدلاً من وضعها الأرباح والمنفعة على رأس سلم أولوياتها وتهميشها حقوق الإنسان،

اقرأ أيضاً: هناك حاجة ماسة لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية أكثر من أي وقت مضى

قد يعجبك ايضا