الأقلية الهندية في ماليزيا.. القومية في مواجهة التطرف الهندوسي
حمل المهاجرون الهنود إلى ماليزيا تقاليدهم وثقافتهم واحتفظوا بلغتهم التاميلية التي يتحدث بها نحو 95% منهم، حيث تعود أصولهم لولاية تاميل نادو الواقعة جنوب الهند، مشكلين أقلية في هذا البلد تقدر نسبتها بأقل من 9% من السكان البالغ عددهم نحو 32 مليونا.
لكن هذه الأقلية المتنوعة دينيا بين الإسلام والهندوسية والمسيحية بدأت تشعر بخطر التطرف الهندوسي، وهو ما تؤكده الفتاة العشرينية تاميل تيندران بنتشياران، التي تنتمي للجيل الثالث من المهاجرين الهنود.
إن التحدي الجديد يكمن في مواجهة التطرف الهندوسي، وذلك بعد أن دأبت الأقلية الهندية على الكفاح من أجل حقوق المواطنة والمساواة في فرص التعليم والعمل منذ استقلال ماليزيا عام 1957.
وانضمت بنتشياران إلى حملة تقودها نخبة من التاميل الماليزيين للتحذير من خطر التطرف الهندوسي الذي يعتقدون أنه بات يهدد النسيج الاجتماعي للأقلية، من ذلك إضفاء صبغة هندوسية على لغة التاميل وثقافتهم في البلاد، ويكمن الخطر الذي يستشعرونه برأيها في رفض المتطرفين الهندوس للتنوع ومحاولات تجيير الثقافة التاميلية إلى مصالح سياسية ضيقة تخدم فئة معينة من المجتمع الهندي.
ونظرا لأن أغلب الهنود الذين جاؤوا إلى ماليزيا في حقبة الاستعمار البريطاني للبلدين كانوا يعملون في الزراعة، فإن عيد الحصاد (غوندول) يحظى بأهمية خاصة بينهم.
ويقول كومارا فيلو رئيس مؤتمر “حركة اتحاد التاميل الماليزيين” إن سخطا واسعا يعم الطبقة المثقفة للأقلية التاميلية بسبب محاولات متطرفين هندوس إضفاء صبغة دينية هندوسية على الأعياد التقليدية.
وأعرب في حديثه عن اعتقاده بأن من يقف وراء “اختطاف الثقافة واللغة” منظمة المتطوعين الوطنيين (آر إس إس) الهندوسية المتطرفة، وهي المنظمة التي انبثق عنها حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم حاليا في الهند.
وكان اعتقال شخصيات بارزة من الأقلية الهندية عام 2019 بتهم التعاون مع منظمات إرهابية خارجية أول مؤشر واضح على تصاعد التطرف الهندوسي بماليزيا.
وفي مؤتمر عقدته حركة اتحاد التاميل مؤخرا، ناقش قادة المنظمات التاميلية سبل حماية مجتمعهم (الماليزي) من حركات التطرف والحفاظ على هويتهم وثقافتهم.
وعاد فيلو ليقول إن الممثلين عن المنظمات السياسية والاجتماعية في مؤتمر حركة اتحاد التاميل اتخذوا 3 توصيات: مطالبة الحكومة (الماليزية) بالاعتراف بالتاميلية لغة قومية، ولا علاقة لها بالديانة الهندوسية، والتأكيد على أن احتفالات “غوندول” عيد تقليدي يعكس ثقافة جميع التاميل بمختلف أديانهم، واعتماد الأسس الثقافية والتاريخية ووفق التقويم القمري لبداية السنة التاميلية، ورفض ربطه بالديانة الهندوسية.
ويقول “عثمان محمد” رئيس مجلس الشباب الهندي المسلم في ماليزيا إن ما أعلنته جماعات مرتبطة بحزب بهاراتيا جاناتا في الهند، من اعتبار التاميلية لغة هندوسية، يعني تجريد المسلمين وغيرهم من انتمائهم القومي، وخروج عن إجماع مجتمع التاميل سواء في ماليزيا أو الوطن الأم تاميل نادو.
ويضيف أن المسلمين من أصول تاميلية يقدر عددهم بنحو مليون نسمة، وهم ثلث الأقلية الهندية، وأن التاميل في ماليزيا موحدون على رفض تلبيس اللغة والتقاليد ثوبا دينيا، ورفض توجهات المنظمات الهندوسية المتطرفة بتجيير الثقافة واللغة والتقاليد لمصلحة حزب معين.
أما “بنتتشاران” فتقول إنها لم تعد متمسكة بديانة والديها الهندوسية، وإنها اختارت أن تكون بلا دين، لكنها متمسكة بلغة التاميل والثقافة والتقاليد والتراث، وتكرر “التاميل هويتي” ونحن فخورون بثقافتنا التي تمتد إلى آلاف السنين.
اقرأ أيضاً: يمنيون مقيمون في الهند مهددون بالاحتجاز والترحيل بحجة الاقامة غير الشرعية