مؤتمر المناخ في دبي: الأنظار تتجه صوب تمويل الفئات الأكثر ضعفا لمواجهة الأزمة المناخية
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – تم عقد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP28)، يوم الاثنين الماضي 4 ديسمبر/كانون أول 2023.
هذا وتركزت المناقشات في المؤتمر على مسألة توفير الدعم المالي للفئات الأكثر عرضة للخطر، وفي صدارتها النساء والشباب، حيث سلط ناشطون الضوء على الآثار المدمرة للاضطرابات المناخية على مجتمعاتهم.
ومن بين هؤلاء مغنية الراب الشابة السنغالية أومي غاي – واسمها الفني OMG – والتي نشطت في العمل المناخي بعدما دمر ارتفاع منسوب مياه البحر موطن أجدادها في بارجني شرق العاصمة السنغالية داكار.
تتعاون غاي مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) لمناصرة القضايا الإنسانية في منطقة الساحل – وهي واحدة من أسرع حالات الطوارئ الإنسانية تفاقما في العالم.
كما تشارك في مشروع “My Sahel” (ساحلي) مع خمسة فنانين آخرين من المنطقة، حيث أطلقوا معا مقطوعة موسيقية يتم تقسيم عائداتها بين الفنانين المساهمين والصندوق الإنساني لغرب ووسط أفريقيا الذي يديره مكتب الأوتشا.
وفي حديثها مع فريق أخبار الأمم المتحدة، وصفت غاي المأزق المتزايد الذي يمر به أقرانها في الوطن، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة ومستويات سطح البحر إلى تدمير سبل العيش والمنازل، مما يزيد الفقر والعنف والهجرة.
وقالت إن الشباب “يجازفون بالسفر عن طريق البحر من أجل تحسين وضعهم” ويفقد بعضهم حياتهم – مما يشكل مأساة لمجتمعاتهم ومستقبل بلدانهم.
فيما تتجه الأنظار في مؤتمر المناخ في دبي صوب التأثير الإنساني لأزمة المناخ، أطلق مكتب الأوتشا حسابا للعمل المناخي كوسيلة إضافية لتمويل الاستجابات الإنسانية للكوارث المرتبطة بالمناخ مثل الفيضانات والجفاف والعواصف والحرارة الشديدة، وبناء القدرة على الصمود.
سيكون الحساب الجديد جزءا من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ التابع للأمم المتحدة الذي يديره مكتب الأوتشا والذي يصرف ما بين ربع إلى ثلث تمويله بالفعل على مواجهة الكوارث المرتبطة بالمناخ.
وشددت نائبة منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، جويس مسويا، على أهمية زيادة هذا التمويل “بينما ننتقل إلى عالم يمسك فيه تغير المناخ ‘بسيف ديموقليس’ على عدد متزايد من الناس”.
وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، يعيش نحو 3.5 مليار شخص، أي ما يقرب من نصف البشرية، في مناطق معرضة بشدة لآثار تغير المناخ.
بحسب تقرير “متحدون في العلوم” الذي تقوده المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فإن تكلفة الظواهر المناخية الشديدة مذهلة، حيث أشار التقرير الذي نشر في وقت سابق من هذا العام أنه بين عامي 1970 و2021، تسببت حوالي 12 ألف كارثة مرتبطة بالمناخ في خسائر اقتصادية بقيمة 4.3 تريليون دولار – معظمها في البلدان النامية.
ولدعم البلدان الضعيفة في مواجهة أسوأ عواقب الاضطرابات المناخية، تم تفعيل صندوق الخسائر والأضرار في افتتاح مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين – والذي كانت الدول قد وافقت عليه في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين في شرم الشيخ.
ويعتبر هذا أول إنجاز كبير لمؤتمر دبي وتم الترحيب به باعتباره أداة رئيسية لحقيق العدالة المناخية.
وأشارت تقارير إلى التعهد بأكثر من 650 مليون دولار حتى الآن لتمويل الصندوق، وشدد المدافعون عن المجتمعات الضعيفة المشاركون في المؤتمر على ضرورة ضمان استفادة الأشخاص الأكثر تضررا من التمويل.
هناك أكثر من 110 ملايين شخص حول العالم نزحوا قسرا من منازلهم، وتُضطر نسبة متزايدة منهم للفرار بسبب المخاطر المناخية.
وفي هذا الصدد، نظمت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة وشركاؤهما فعالية خلال المؤتمر سلطت الضوء على المدافعات عن النساء من المجتمعات المتضررة.
وقد وصفت جويل هانجي، من منظمة المنتدى العالمي للعمل المدني، التحديات التي واجهتها أثناء إقامتها في مخيم كاكوما في كينيا كلاجئة من جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقالت إن الافتقار إلى الوصول الموثوق والمستدام إلى الكهرباء كان من بين أكثر الأمور إلحاحا، وهو واقع يواجهه أكثر من 94 في المائة من النازحين، ويمكن تخفيفه من خلال زيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة.
وأضافت: “الظلام يعني أنك لست آمنا وتتعرض لكثير من المخاطر. لقد رأيت العديد من الأشخاص الذين لم يتمكنوا من اغتنام الفرص التي يمكن أن تغير حياتهم فقط بسبب عدم توفر الكهرباء”.
وتعمل هانجي حاليا على تغيير هذا الواقع للنازحين، والمساعدة في تحسين اتصالهم بالإنترنت ودعم التحول إلى خيارات الطهي النظيفة.
كما تحدث فريق أخبار الأمم المتحدة مع مشاركة أخرى في المؤتمر وهي كارولين تيتي من منظمة العطاء المباشر (Give Directly) ومقرها نيروبي، وتتعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين.
وسلطت تيتي الضوء على الطبيعة التمكينية للتحويلات النقدية المباشرة للأشخاص الذين يعانون من آثار أزمة المناخ.
وضربت مثالا بمشروع تم تطبيقه في موزمبيق، وجرى من خلاله إرسال الأموال إلى المجتمعات قبل أسبوع من وقوع الفيضانات الهائلة الناجمة عن إعصار فريدي في وقت سابق من هذا العام.
وعن ذلك قالت: “لقد مكنهم ذلك من البدء في الاستعداد للمغادرة، والتواصل مع أقاربهم للاستعداد للفيضانات، والبدء في تعزيز مبانيهم حتى لا تجرفها المياه”.
وأشارت أيضا إلى مشروع قيد التنفيذ في ملاوي تلقى بموجبه الأشخاص المعرضون للمخاطر المناخية تحويلات بقيمة 800 دولار ليتمكنوا من الانتقال إلى مناطق مرتفعة.
وشددت على أنه إذا تم الاستثمار في التخفيف من آثار تغير المناخ: “يمكننا وضع حلول قليلة التكلفة وسريعة وبسيطة يمكنها أن تقطع شوطا طويلا في الاستجابة لبعض التحديات المناخية”.
دعا الناشطون في مجال المناخ إلى التحول إلى “عمل إنساني أكثر شمولا وابتكارا” يستفيد من تجربة النازحين في تطوير الحلول وتساعد على “إنهاء دائرة الاعتماد”.
وفي هذا السياق، تحدث بيرنهارد كواتش، رئيس برنامج تسريع الابتكار التابع لبرنامج الأغذية العالمي قائلا إن: “الابتكارات يمكن أن تظهر بارقة أمل أيضا على المدى القصير وتثبت أن التغيير ممكن الآن”.
وقال إن هناك حاجة إلى المزيد من الاستثمار في الابتكارات عالية التأثير التي يمكن أن تساعد في تخفيف العواقب الأكثر خطورة لتغير المناخ.
ومن الأمثلة على ذلك مشاريع برنامج تسريع الابتكار التي تستخدم التأمين الخاص لصالح المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، أو تمكنهم من اتخاذ قرارات للتكيف مع المناخ، استنادا إلى صور الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي، إلى جانب قروض التمويل الصغيرة للمزارعات ورائدات الأعمال الأكثر تضررا من الكوارث المناخية واللواتي يتم استبعادهن من الحصول على تمويل تقليدي.