رسالة مفتوحة إلى الجمعية العامة للإنتربول: مطالبةٌ برفضِ ترشيح اللواء أحمد ناصر الريسي لرئاسة الإنتربول

أعرب عدد من المنظمات الحقوقية عن قلقهم العميق إزاء ترشيح اللواء “أحمد ناصر الريسي”، المفتش العام بوزارة الداخلية في دولة الإمارات العربية المتحدة، لرئاسة منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول).

وقالت المنظمات أن الريسي بصفته المفتش العام، يشرف على التحقيق في الشكاوى ضد قوات الشرطة والأمن الإماراتية – وهي أهمُّ أدوات القمع الإماراتي.

وبالنظر إلى مجموعة كبيرة من الأدلة الموثوقة التي تبين إخفاق السلطات الإماراتية في إجراء تحقيق سليم في الاداعاءات المتعلقة بالتعذيب وإساءة المعاملة في مراكز الاحتجاز والسجون، وبالنظر إلى ما يضطلع به الريسي من دور في الإبقاء على حالة إفلات الجُناة في قوات الشرطة والأمن الإماراتية من العقوبة، فإنَّه يتعيَّن على الجمعية العامة أن ترفض ترشيح “الريسي”.

في مارس/آذار 2020، دعا خبراء حقوقيون مستقلون تابعون للأمم المتحدة دولة الإمارات إلى التحقيق في “ظروف الاحتجاز المهينة” وإصلاحها، وهي ظروف تبلغ أن تُعدَّ من ضروب “التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.

ومع ذلك، وعلى الرغم من المناشدات المتكررة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات معنية بحقوق الإنسان من أجل التحقيق في الادعاءات الموثوقة عن التعذيب وإساءة المعاملة من قبل أفراد قوات الأمن الإماراتية، فإنَّ انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة هذه مستمرة بلا رادع.

وينبغي أن يكون من دواعي القلق العميق لدى الجمعية العامة للإنتربول أنَّ مرشحاً مثل الريسي، الذي يشرف بشكل مباشر على مسلك عناصر الشرطة وقوات الأمن في الإمارات العربية المتحدة ويتحمل مسؤوليته، يسعى إلى رئاسة أكبر منظمة شرطية في العالم.

كما ينبغي أن تكون الجمعية على علم بالدعاوى القضائية المقامة ضد الريسي. فعلى سبيل المثال، قدَّم مركز الخليج لحقوق الإنسان شكوى رسمية ضد الريسي لدى مكتب المدعي العام الفرنسي في يونيو/حزيران 2021، استناداً إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، بسبب الظروف غير الإنسانية التي يُحتجز فيها حالياً المدافع عن حقوق الإنسان “أحمد منصور”.

وقد تمكَّن “منصور”، الذي يقضي حكماً بالسجن لمدة عشر سنوات بسبب عمله في مجال حقوق الإنسان، من تسريب رسالة من زنزانته في سجن الصدر سيئ الصيت مؤخراً، وصف فيها ما يلاقيه منذ مارس/آذار 2017 من الحبس الانفرادي لأجل غير مسمى، وحرمانه من الضروريات الأساسية كمنحه فراشاً وسريراً.

بالإضافة إلى ما سبق، وفي قضية منفصلة أُقيمت كذلك في فرنسا نيابة عن مواطنَين بريطانيَّين استنادا إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، وُجِّهت إلى “الريسي” وستة مسؤولين إماراتيين آخرين اتهاماتٌ بالمسؤولية عن اعتقال الرجُلَين وإساءة معاملتهما أثناء وجودهما في السجون الإماراتية.

اعتُقل “ماثيو هيدجز”، وهو أكاديمي بريطاني، في الإمارات العربية المتحدة في مايو/أيار 2018 للاشتباه في قيامه بالتجسس. وقد وصف احتجازه في الحبس الانفرادي، وتعرُّضَه إلى التعذيب، وإجباره على الإدلاء باعتراف كاذب، قبل أن يتم إطلاق سراحه بموجب عفو ٍفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

وبالمثل، وصف “علي عيسى أحمد أحمد”، الذي احتجزته السلطات الإماراتية في يناير/كانون الثاني 2019 بسبب ارتدائه قميصاً يحمل العلم القطري، ما لقيه من الضرب من قبل ضباط شرطة يرتدون ملابس مدنية، كما تعرَّض إلى الطعن أثناء احتجازه. وقد أُطلق سراحه أيضاً بعد ثلاثة أسابيع تقريباً، بعد أن وافق على دفع غرامة بدعوى “إضاعة وقت الشرطة”.

إنَّه ينبغي للجمعية العامة أيضاً أن تكون متنبِّهة إلى المخاطر الجمَّة التي قد تجيء بها رئاسة “الريسي” والإمارات العربية المتحدة على سلامة نظام الإنتربول للإشعار الأحمر.

في تقرير صدر في 07 أبريل/نيسان 2021، خلص المدير السابق للنيابة العامة في المملكة المتحدة، السير ديفيد كالفرت سميث، إلى أنَّ ثمة أدلة موثوقة تشير إلى أن الإمارات العربية المتحدة قد عمدت بالفعل إلى إساءة استخدام نظام الإشعار الأحمر لاستهداف أولئك الذين ينظر إليهم على أنهم مصدر تهديد سياسي.

إنَّ الإمارات دولة تصدر قرارات وزارية لإدراج المدافعين عن حقوق الإنسان على قائمة الحكومة المتعلقة بالإرهاب، وبالتالي فإنَّ قيامها بمزيد من إساءة استخدام نظام الإشعار الأحمر لتحقيق مكاسب سياسية هو خطرٌ كبير محتمل الحدوث.

إن سعيَ دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تولي رئاسة الإنتربول هو في نهاية الأمر مدفوع بالرغبة في استخدام وإساءة استخدام المنابر الدولية لتقوية وإدامة سجلها المشين في مجال حقوق الإنسان دون عواقب. ولذا، فإنَّه ينبغي للجمعية العامة أن ترفض رئاسة الريسي لمنع تحول الإنتربول إلى منظمة تعمل لصالح الحكومات الاستبدادية.

اقرأ أيضاً: “الإنتربول”: ترشيح مسؤول إماراتي يدق ناقوس الخطر بشأن حقوق الإنسان

قد يعجبك ايضا