مطالب بالتحقيق في اعتداء على ناشط حقوقي سعودي محتجز في بلغاريا

قالت “هيومن رايتس ووتش” إن على السلطات البلغارية التحقيق فورا في مزاعم اعتداء عناصر شرطة على ناشط حقوقي سعودي أثناء احتجازه لديهم.

وقال مصدر مطلع لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر الأمن في “مركز بوزمانتسي لإيواء المهاجرين” اعتدوا على الناشط الحقوقي السعودي عبد الرحمن الخالدي في 31 مارس/آذار 2024، وخنقوه وضربوه على وجهه والجزء العلوي من جسمه.

والخالدي، الذي أمضى عقدا من الزمن في فضح الانتهاكات الحقوقية السعودية، كان قد طلب اللجوء في بلغاريا في أكتوبر/تشرين الأول 2021. وهو معرض لخطر الترحيل الوشيك إلى السعودية، حيث سيكون عرضة لخطر الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والمحاكمة الجائرة.

قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: “بعد أن أمضى عبد الرحمن الخالدي أكثر من عقد في فضح الانتهاكات الحقوقية في السعودية، ها هو نفسه الآن يتعرض للانتهاكات في بلغاريا. على السلطات البلغارية إجراء تحقيق سريع ومحايد في سلوك عناصر الشرطة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات”.

فيما قال المصدر المطلع إن الشرطة اعتدت بالضرب المبرح على الخالدي بعد محاولته تقديم الطعام إلى عائلة صائمة في مركز الاحتجاز مساء 31 مارس/آذار. وبعد أن منعه العناصر، على ما يبدو، من تقديم الطعام، اندلع شجار.

ضربه شرطيان بشدة على وجهه وصدره، وأمسك شرطي آخر بيده وثبّته من الخلف، فيما ضربه الآخر وخنقه بشدة، بحسب المصدر المطلع، الذي قال إن الضرب استمر ساعةً.

وأضاف أنه، بعد الاعتداء، لم يتلقَّ الخالدي أي رعاية طبية أو فحص طبي شرعي، رغم طلبه ذلك. في 3 أبريل/نيسان، راجعت هيومن رايتس ووتش التماسا عاجلا من الخالدي إلى النائب العام البلغاري يطلب فيه الخضوع لفحص طبي.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات البلغارية التحقيق في الاعتداء المزعوم، ومحاسبة المسؤولين عن أي أفعال غير قانونية، وتوفير الرعاية الطبية للخالدي فورا. في 2013، وثّقت هيومن رايتس ووتش الظروف السيئة والاكتظاظ في مركز بوزمانتسي، فضلا عن الضرب والمعاملة شديدة الإساءة من قبل عناصر الشرطة.

في أكتوبر/تشرين الأول 2021، عبر الخالدي إلى بلغاريا سيرا على الأقدام لطلب اللجوء بعد إقامته في المنفى قرابة عقد.

ورفضت “وكالة الدولة لشؤون اللاجئين” البلغارية في البداية طلب اللجوء الذي قدمه الخالدي لأنها لم تعترف بخطر تعرضه للاضطهاد، معتبرة أن السعودية “اتخذت تدابير لجعل المجتمع ديمقراطيا”.

في 7 فبراير/شباط 2024، أصدر “جهاز الأمن الوطني” البلغاري أمرا بترحيل الخالدي، ما يعرّضه لخطر الترحيل الوشيك. استأنف الخالدي القرار. وأصدر القضاء البلغاري أمرا بالإفراج عنه في 18 يناير/كانون الثاني، لكن “جهاز الأمن الوطني” البلغاري أبطل الأمر.

نظرا لتفشي التعذيب وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة في النظام الجنائي السعودي، ستنتهك بلغاريا مبدأ عدم الإعادة القسرية إذا رحّلت منتقدا بارزا للحكومة السعودية إلى المملكة.

بين 2011 و2013، بينما كان الخالدي مقيما في السعودية، دافع عن حقوق السجناء في المملكة في إطار “جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية”، المعروفة أيضا بـ “حسم”. شارك في مظاهرات عدة في الرياض لدعم المعتقلين السعوديين.

وفي مارس/آذار 2013، فر الخالدي من السعودية خوفا على سلامته، بداية إلى مصر، ثم قطر، وأخيرا تركيا.

في المنفى، تابع نشاطه وعمل كصحفي معارض. ونشط أيضا في حركة سعودية على الإنترنت أنشأها الصحفي الراحل جمال خاشقجي تسمى “جيش النحل”، سعت إلى مواجهة الحملات الدعائية الموالية للحكومة السعودية وجيوشها الإلكترونية.

وفي أعقاب قتل خاشقجي العام 2018 في القنصلية السعودية بإسطنبول، خشي الخالدي على سلامته. لم يجدد وثائق هويته، وهو ما كان من الممكن أن يتطلب منه الحضور إلى القنصلية نفسها التي قُتل فيها خاشقجي. في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، فر مجددا وعَبَر إلى بلغاريا لطلب اللجوء هناك.

انتقدت هيومن رايتس ووتش مرارا وتكرارا الانتهاكات المتفشية في نظام العدالة الجنائية السعودي.  انتهاكات حقوق المتهمين جوهرية ومنهجية لدرجة أنه يصعب التوفيق بين النظام الجنائي السعودي والمبادئ الأساسية لسيادة القانون والمعايير الحقوقية الدولية.

تطبق السعودية تفسيرها غير المدوَّن للشريعة كقانونها الوطني. بغياب قانون عقوبات مدوَّن أو لوائح دقيقة الصياغة، يمكن للقضاة والمدعين العامين إدانة الأشخاص في مجموعة واسعة من الجرائم بموجب تهم فضفاضة وشاملة مثل “الخروج على ولي الأمر” أو “محاولة تشويه سمعة المملكة”.

قد يشكّل ترحيل الخالدي انتهاكا لالتزامات بلغاريا الدولية، بما يشمل المادة 3 من “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، التي تنص على أنه “لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده (“أن ترده”) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب”.

قد تخرق أيضا المادة 33 من “الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين”، التي تنص على أنه “لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو ترده بأية صورة من الصور إلي حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية”. بلغاريا موقِّعة على كل من الاتفاقيتين.

قالت شيا: “ما يزال السجل الحقوقي السعودي مزريا بالرغم من مليارات الدولارات التي ضخها حاكمها الفعلي محمد بن سلمان لغسل انتهاكاته. يواجه الخالدي خطرا بالغا يتمثل في الاعتقال التعسفي والتعذيب إذا أعادته بلغاريا قسرا”.

قد يعجبك ايضا