عمليات تعذيب واحتجاز غير قانوني لمتظاهرين في إقليم كردستان العراق
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه إزاء استمرار اعتقال سلطات إقليم كردستان العراق عشرات الناشطين والنقابيين.
وقامت السلطات الكردية باعتقال الناشطين والنقابيين على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في أغسطس/آب 2020 بسبب الأزمة الاقتصادية التي تسببت بارتفاع نسب الفقر والبطالة في الإقليم النفطي.
وقال المرصد الحقوقي الأوروبي في بيانٍ صحفيٍ اليوم الأحد، إنّ 26 ناشطًا ونقابيًا ما يزالون رهن الاعتقال في سجن يتبع لقوات الأمن الداخلي (الأسايش) في محافظة أربيل، بعد اعتقالهم من مسلحي الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك) والقوات التابعة لرئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني منذ 13 أغسطس/آب 2020.
وأوضح الأورومتوسطي أنّ المعتقلين يعانون من ظروف احتجاز غير إنسانية، إذ يجبرون على الاعتراف بالتهم المنسوبة إليهم تحت التعذيب البدني والنفسي الشديد على أيدي قوات “الباراستن” – وهو جهاز الاستخبارات- التابع للحزب الديمقراطي (حدك).
وفق معلومات اطلع عليها المرصد الأورومتوسطي، تستمر (الأسايش) باحتجاز بعض المعتقلين رغم صدور قرارات بالإفراج عنهم، مثل الناشط النقابي المعلم “بدل برواري” -أُجبر على تسليم نفسه بعد اختطاف نجله وتعذيبه- الذي أصدرت محكمة الاستئناف في دهوك قرارًا بالإفراج عنه ولكنّه ما يزال معتقلاً حتى الآن.
وحصل الأورومتوسطي على نسخة من قرار قضائي بتاريخ 4 أكتوبر/تشرين الأول 2020 صادر عن محكمة الاستئناف بدهوك يقضي بتبرئة الناشط “برواري” من التهم المنسوبة إليه وغلق الدعوى وإخلاء سبيله.
وأفادت الصحفية والناشطة الحقوقية “نياز عبد الله” لفريق الأورومتوسطي أنّ “المعتقلين يواجهون ظروفًا صعبة للغاية.
فعلى سبيل المثال، اعتقل الصحفي “شيروان شيرواني” من منزله وأمام أطفاله بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020، حيث تم إيداعه لمدة شهرين في السجن الانفرادي.
وتم أخذ اعترافات غير صحيحة منه تحت التعذيب، وأرغموه على فتح هاتفه وحاسوبه الشخصي وأخذوا كل الملفات الموجودة فيهما، ولم يسمح له بمقابلة محاميه إلا مرة واحدة لمدة قصيرة وتحت مراقبة ضابط أمني.
كما نقل محاميه أن الاعترافات المكتوبة في ملف القضية تحوي أمورًا لم يذكرها “شيروان” في اعترافه الذي انتُزع تحت التعذيب، ويواجه اليوم تهمة التجسس لصالح جهات أجنبية، فضلاً عن أنه يواجه ضغوطًا نفسية كبيرة بسبب وفاة والده أثناء وجوده في السجن”.
ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ السلطات سمحت أخيرًا لعدد محدود من أهالي المعتقلين بزيارتهم لمرة واحدة ولمدة 10 دقائق فقط وتحت مراقبة قوات الأمن، إذ لاحظ الأهالي ترديًا كبيرًا في صحة المعتقلين، لدرجة أنّ بعض العائلات لم تتمكن من التعرف على أبنائها.
وقال الباحث القانوني لدى المرصد الأورومتوسطي “عمر العجلوني إن “سلطات إقليم كردستان العراق ملزمة باحترام الحريات السياسية للمواطنين وعدم انتهاك حقهم في التعبير عن آرائهم.
وهذا ما أكد عليه الدستور العراقي والعهود والمواثيق الدولية ذات العلاقة، حيث جاءت المادة (38) من الدستور العراقي لتكفل للمواطنين ممارسة حريتهم في التعبير عن آرائهم حينما نصت على أنه “تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:
أولاً:- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً:- حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر. ثالثاً:- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون”، وهو ذات الأمر الذي نصت عليه المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي جاء فيها “لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود”.
وأضاف أنّ حرمان المعتقلين من ضمانات المحاكمة العادلة عبر إرغامهم على الاعتراف بالتهم المسندة إليهم تحت التعذيب وحرمانهم من رؤية ذويهم يشير إلى أن هناك “نوايا انتقامية” لمعاقبتهم على ممارساتهم السلمية، ويقوض حرية الرأي والتعبير في الإقليم.
ودعا المرصد الأورومتوسطي سلطات إقليم كردستان العراق إلى الإفراج الفوري وغير المشروط على جميع المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الشعبية، وفتح تحقيق فوري في حوادث التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، ومحاسبة جميع المتورطين في تلك الممارسات غير القانونية، والتوقف عن تقييد ممارسة المواطنين لحقوقهم وحرياتهم، وفي مقدمتها الحق في التجمع السلمي والحق في التعبير عن الرأي.
وحثّ الأورومتوسطي السلطات على الالتزام بالدستور والعهود والمواثيق الدولية والقوانين المحلية ذات العلاقة، والكف عن الاستخدام التعسفي للقوانين لمعاقبة المواطنين على ممارستهم لحقوقهم المشروعة، واحترام استقلالية القضاء، وعدم استخدامه للانتقام من المعارضين والنشطاء المدنيين.
اقرأ أيضاً: كردستان العراق: القمع نهج معتمد ضد التظاهرات السلمية وحرية الإعلام