بلومبيرغ: شبكات التواصل الاجتماعي هاجس حقيقي يقض مضاجع الطغاة

تساعد شبكات التواصل الاجتماعي، مثل واتساب وتيك توك وفيسبوك، على إبقاء شرارة الاحتجاجات متقدة، من روسيا وبيلاروسيا وصولا إلى تايلند وميانمار.

وفي تقرير نشره موقع “بلومبيرغ” (Bloomberg) الأميركي، قالت كلارا فريرا ماركيس إن اعتقال روسيا رئيس تحرير موقع إخباري مستقل بسبب مزحة أعاد تغريدها عبر حسابه على تويتر يعتبر انتهاكا لحرية التعبير.

وتأتي موجة اعتقال الصحفيين على خلفية الاحتجاجات التي جابت جميع أنحاء روسيا بعد اعتقال المعارض أليكسي نافالني الشهر الماضي. ويدل ذلك على التهديد الذي تمثله شبكات التواصل على الحكومات “الاستبدادية”.

الصين لم تسلم بدورها من هذا التهديد رغم جدار الحماية الذي تفرضه منذ عقدين. وليس من قبيل الصدفة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اختار الحديث عن عمالقة التكنولوجيا بخطابه في دافوس، وأن المزارعين المحتجين في الهند تمكنوا من تلقي رسائل تضامن من نجمة البوب ​​ريهانا والناشطة المناخية غريتا ثونبرغ مما دفع الحكومة إلى حظر حسابات تويتر الخاصة بالنشطاء وبقية المعارضين.

وفي ميانمار، حُظر فيسبوك بشكل وقتي إثر انقلاب الجنرالات، قبل أن يتم قطع الإنترنت بشكل تام.

أصبح دور شبكات التواصل وتطبيقات الرسائل، لا سيما تلك التي تستخدم التشفير الكامل، ملحوظا بشكل متزايد في الاحتجاجات المناهضة للحكومات السنوات القليلة الماضية، من مظاهرات هونغ كونغ وتشيلي إلى الحركات التي يقودها الطلاب في تايلند والمسيرات في بيلاروسيا. لقد ساعدت شبكات التواصل المتظاهرين على التعلم من بعضهم البعض في جميع أنحاء العالم.

إن حيز الحرية التي تتيحه موسكو على الإنترنت أكبر من بكين، لذلك يلجأ الإعلاميون وخاصة الصحفيين الاستقصائيين إلى هذا الفضاء. لكن السلطات تُضيّق الخناق على المعارضة.

وفي محاولة لقمع المظاهرات بعد اعتقال نافالني، أمرت موسكو شبكات التواصل بإزالة مقاطع الفيديو والمنشورات الأخرى، وهددت بقطع الإنترنت إذا لزم الأمر.

لكن التكلفة الاقتصادية لهذا التهديد ستكون باهظة، حيث قدرت إحدى الدراسات أن التكلفة الفورية لقطع الإنترنت في بيلاروسيا لإخماد الاحتجاجات التي أعقبت انتخابات العام الماضي بلغت 336 مليون دولار مقابل 218 ساعة ضائعة.

مثّلت شبكات التواصل وسيلة تعبئة على مدى عقد من الزمان، حتى لو كان دورها الحاسم محل نقاش. وفي الوقت الحالي، يكمن الفرق في كثرة انتشارها.

حيث أصبح معظم رواد الإنترنت يستخدمونها لتحقيق الأهداف على نطاق واسع، انطلاقا من نشر المعلومات إلى التمويل الجماعي للعلاج الطبي، وقد زادت نسبة الوقت المقضى في تصفح شبكات التواصل أكثر من أي وقت مضى.

لا شك أن هذه الشبكات أصبحت قوة مزعزعة لاستقرار الحكومات الاستبدادية. ويعزى ذلك جزئيًا إلى مدى انتشارها ومساهمتها في تغذية المظالم المتفرقة، وتوحيد الناس على اختلاف مشاربهم.

ويعتبر التعامل مع هذا الأمر أكثر صعوبة للقادة الاستبداديين، نظرًا لميلهم إلى اللجوء للوسائل (القمعية) للبقاء على رأس السلطة التي باتت مهددة.

وذكرت الكاتبة أن المراقبة المشددة على الإنترنت تشير إلى مدى عزلة الأنظمة الاستبدادية، كما هو الحال مع النخبة الملكية والعسكرية في بانكوك التي فوجئت باستقطاب شبكات التواصل لشخصيات المعارضة مثل ثاناتورن جوانغروونغكيت البالغة 42 عاما.

إن ذلك يولد صراعا بين من يسيطرون على وسائل الإعلام القديمة وأولئك الذين يتحكمون بوسائل الإعلام الجديدة. وستبين روسيا ما إذا كانت شبكات التواصل قادرة على إبقاء الاحتجاجات متواصلة حتى موعد الانتخابات البرلمانية في سبتمبر/أيلول المقبل.

ويبقى الجدل حول الصلة بين شبكات التواصل والاحتجاجات قائما. ومع ذلك، تشير دراسة نشرها الاقتصادي سيرغي جورييف إلى أن ثقة الناس في قادتهم تتراجع مع توسع شبكات المحمول من الجيل الثالث.

لقد خففت الرقابة الرقمية من تأثير شبكات التواصل الاجتماعي، لكن إعادة الإنترنت إلى ما كانت عليه في السابق يشكل تحديا متزايدا.

واختتمت الكاتبة تقريرها بتأكيد أن الكثير من المعلومات المضللة الأكثر قتامة تنتشر عالميا عبر الإنترنت، دون بذل جهود كافٍ لاحتوائها. ولكنها مع ذلك تظل الهاجس الحقيقي الذي يقض مضاجع الطغاة.

اقرأ أيضاً: ادانة اعتقال صحفيين ومدونين في مصر ضمن انتهاك الحق في الحصول على المعلومات

قد يعجبك ايضا