ووتش تدعو بلغاريا لوقف ترحيل الناشط السعودي “عبد الرحمن الخالدي”
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – أصدر “جهاز الأمن الوطني” البلغاري أمرا بترحيل ناشط حقوقي سعودي إلى السعودية في 7 فبراير/شباط 2024 لدفاعه عن المعتقلين السعوديين.
حبث فر الناشط عبد الرحمن الخالدي من السعودية في 2013 خوفا على سلامته بسبب أنشطته. ووصل إلى بلغاريا في أكتوبر/تشرين الأول 2021 سيرا على الأقدام لطلب اللجوء بعد إقامته في المنفى لقرابة عقد.
هذا وقد طالبت “هيومن رايتس ووتش” اليوم السلطات البلغارية بتعليق أي خطط لترحيله فورا، فقد يعرض اعادته قسراً إلى السعودية خطر الاعتقال التعسفي، والتعذيب، والمحاكمة الجائرة إذا رُحّل إلى المملكة.
يذكر أن عبد الرحمن الخالدي هو ناشط حقوقي منذ أكثر من عقد، إذ يدافع عن حقوق السجناء في السعودية ويواجه الدعاية الرقمية الحكومية، بما في ذلك جيوشها الإلكترونية.
قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: “أمضى عبد الرحمن الخالدي قرابة عقد يدافع عن حقوق الإنسان ويعرّض نفسه لمخاطر كبيرة، لكنه مهدد الآن بشكل كبير بالاحتجاز والتعذيب إذا رحّلته السلطات البلغارية إلى السعودية”.
وأضاف: “رغم الجهود الهائلة لغسيل سمعة السعودية التي يبذلها حاكمها الفعلي محمد بن سلمان، ما يزال سجل الحقوقي للمملكة مزريا، وسيواجه الخالدي خطر الاعتقال التعسفي والتعذيب الوشيكَيْن إذا أُعيد قسرا”.
بين 2011 و2013، كان الخالدي مقيما في السعودية ويدافع عن حقوق السجناء في المملكة في إطار “جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية”، المعروفة أيضا بـ “حسم”.
شارك في مظاهرات عدة في الرياض لدعم المعتقلين السعوديين. في مارس/آذار 2013، فر الخالدي من السعودية خوفا على سلامته، بداية إلى مصر، ثم قطر، وأخيرا تركيا.
في المنفى، واصل الخالدي نشاطه وعمل كصحفي معارض لسبع سنوات، كتب فيها مقالات تنتقد الحكومة السعودية.
وكان أيضا نشطا في حركة سعودية على الإنترنت أنشأها الصحفي الراحل جمال خاشقجي تسمى “جيش النحل”، سعت إلى مواجهة الحملات الدعائية الموالية للحكومة السعودية وجيوشها الإلكترونية.
في أعقاب مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول، خشي الخالدي على سلامته ولم يجدد وثائقه نظرا لاحتمال اضطراره إلى مراجعة المحتملة للقنصلية ذاتها التي قُتل فيها خاشقجي.
في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، فر مجددا وعَبَر إلى بلغاريا لطلب اللجوء هناك، حيث يواجه الآن الترحيل الوشيك.
نظرا لتفشي التعذيب وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة في النظام الجنائي السعودي، ستنتهك بلغاريا مبدأ عدم الإعادة القسرية إذا رحّلت منتقدا بارزا للحكومة السعودية نتيجة مخاطر تعرضه للاضطهاد بسبب آرائه السياسية أو للتعذيب.
تُظهر منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي راجعتها هيومن رايتس ووتش تعرُّض الخالدي لسيل من الهجمات من مؤثرين على الإنترنت مرتبطين بالحكومة السعودية.
وصف أحد هذه المنشورات الخالدي بـ “الخائن” واتهمه بـ”العمالة” وكذلك التآمر “للسعي إلى تدمير الوطن وبيعه للأعداء”. وهدد آخر بأن “الأشهر المقبلة ستكون كارثية”.
انتقدت هيومن رايتس ووتش مرارا الانتهاكات المتفشية في النظام الجنائي السعودي، بما في ذلك الاحتجاز المطوّل بدون تهمة أو محاكمة، والحرمان من المساعدة القانونية، واعتماد المحاكم على الاعترافات التي يشوبها التعذيب كأساس وحيد للإدانة.
انتهاكات حقوق المتهمين جوهرية ومنهجية لدرجة أنه يصعب التوفيق بين النظام الجنائي السعودي ونظام قائم على المبادئ الأساسية لسيادة القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
تطبق السعودية تفسيرها غير المدوَّن للشريعة الإسلامية باعتباره قانونها الوطني، ويمكن للقضاة والمدعين العامين، في ظل غياب قانون عقوبات مكتوب أو لوائح محددة الصياغة، إدانة الأشخاص بطيف واسع من الجرائم بموجب تهم فضفاضة مثل “الخروج على ولي الأمر” أو “محاولة النيل من سمعة المملكة”.
قد يشكّل ترحيل الخالدي انتهاكا لالتزامات بلغاريا الدولية، بما في ذلك المادة 3 من “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، التي تنص على أنه “لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو تعيده (“أن ترده”) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، اذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب”، والمادة 33 من “الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين”، التي تنص على أنه “لا يجوز لأية دولة متعاقدة أن تطرد لاجئا أو ترده بأية صورة من الصور إلي حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية”. بلغاريا موقِّعة على كل من الاتفاقيتين.
قالت شيا: “على بلغاريا ألا تعيد عبد الرحمن الخالدي قسرا إلى السعودية نظرا للتعذيب المنهجي، وسوء المعاملة، وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة في النظام الجنائي السعودي”.