الأمم المتحدة تصف منطقة البحر الكاريبي بأنها “نقطة الصفر” لحالة الطوارئ المناخية
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قام الأمين العام للأمم المتحدة برحلة دامت 90 دقيقة لزيارة سورينام بمنطقة الأمازون، ولاحظ التهديدات التي تواجهها الغابات المطيرة جراء أنشطة التنقيب وتغير المناخ.
المحمية مندرجة على لائحة مواقع التراث العالمي لليونسكو وهي منطقة خضراء هائلة تغطي حوالي 11 في المائة من الأراضي الوطنية.
وهي معروفة أيضاً بجبالها الشامخة وتنوعها البيولوجي اللامتناهي ويصعب الوصول إليها في الغالب مما يحد من تأثير النشاط البشري عليها.
من السماء، تظهر الغابات المطيرة وكأنها مرسومة بدرجات لا تحصى من اللون الأخضر، مع ظهور بعض الأشجار المغطاة بأمواج من الزهور البرتقالية أو حتى البنفسجية.
وعلى طول الطريق، تدفق نهر كوبينام العظيم إلى جانب الأشجار، وكذلك الأجزاء العليا من أنهار لوسي وساراماكا وسورينام، فيما يشبه لوحة من المناظر الطبيعية.
ورغم ذلك وقبل الوصول إلى المنطقة المحمية، رأى أمين عام الأمم المتحدة بأم العين التهديد الخطير الذي تشكله أنشطة قطاع التعدين وإنتاج الأخشاب على غابات سورينام.
فوسط الغطاء الأخضر الهائل، يمكن رؤية البقع التي أزيلت فيها الغابات وآثار الفيضانات وتعدين الذهب المدمر.
على الرغم من أن سورينام جزء من قارة أمريكا الجنوبية، إلا أنها تعتبر دولة كاريبية بسبب تاريخها وثقافتها والتحديات المماثلة التي تواجهها مع الدول الجزرية الصغيرة.
في وقت لاحق من اليوم الأحد، وصل الأمين العام إلى مركز أسوريا للمناسبات في باراماريبو، لحضور افتتاح المؤتمر الثالث والأربعين للجماعة الكاريبية (كاريكوم).
قوبل وصول السيد “غوتيريش” بأربعة عروض موسيقية وثقافية متميزة. عرضت المسيرة القصيرة التنوع العرقي الفريد لسورينام، وهو نتاج عن تاريخها الطويل والاستعمار الهولندي.
قدم السوريناميون المنحدرون من أصول أفريقية وهندية وصينية وجاوية ومن الشعوب الأصلية رقصاتهم التقليدية ونغماتهم الفولكلورية.
في كلمته أمام المؤتمر، سلط الأمين العام الضوء على التنوع في المنطقة وقيادتها في العمل المناخي، كما حدد سلسلة إجراءات يجب اتخاذها في مواجهة أزمة المناخ، وجائحة كوفيد-19 المستمرة، والتحديات المالية العالمية.
وقال السيد غوتيريش لرؤساء دول وحكومات المنطقة “تعد أشجار المانغروف – (كونها) غنية بالتنوع وتوحد الأرض والبحر وتحمي النظم البيئية الساحلية الهشة – رمزا مناسباً لدول منطقة البحر الكاريبيىى التي تواجه التحديات، وتغتنم الفرص، وتحافظ على هبات الطبيعة،” مستوحياً من زيارته لهذه الأشجار الساحلية العجيبة في باراماريبو في اليوم السابق.
وأقر الأمين العام بأن الدول الجزرية الصغيرة ذات السواحل المنخفضة في منطقة البحر الكاريبي معرضة بشكل خاص لما أسماه “التحدي الأكبر الذي يواجه عالمنا اليوم” – أزمة المناخ.
وأضاف: “منطقة البحر الكاريبي هي نقطة الصفر بالنسبة لحالة الطوارئ المناخية العالمية”، مشدداً على أن هذا ليس التحدي الوحيد الذي تواجهه المنطقة لسوء الحظ”.
وقال: “تأتي قمة الجماعة الكاريبية هذا العام في لحظة خطر قصوى – للناس والكوكب على حد سواء”، في إشارة إلى الآثار المدمرة لجائحة كوفيد-19 على النظم الصحية والسياحة، وكذلك على النمو الاقتصادي والاستثمار الأجنبي، والتي تفاقمت الآن بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأبلغ الأمين العام قادة الجماعة الكاريبية أن الحلول الجريئة ضرورية لمعالجة هذه القضايا، وسلط الضوء على ثلاثة منها.
1. مطابقة العمل المناخي مع حجم الأزمة وإلحاحها
دعا السيد “غوتيريش” إلى خفض الانبعاثات بشكل عاجل وتحويلي لوقف الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، ودعم التكيف مع تأثيرات المناخ، وتقديم المساعدة المالية لضمان المرونة.
وقال: “أشكر قادة منطقة البحر الكاريبي على مساعدتهم في تبين الطريق قدما. لقد ألهمتني جهودكم العديدة لحماية تنوعكم البيولوجي المذهل وهداياكم الطبيعية، بما في ذلك جهود مجتمعات الشعوب الأصلية”.
وشدد على الحاجة إلى مزيد من الطموح والعمل المناخي من قبل الجميع، ولكن بشكل خاص من قبل مجموعة العشرين المسؤولة عن 80 في المائة من الانبعاثات العالمية.
“لا يمكن أن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى قرارات قصيرة النظر تغلق الباب على (هدف) 1.5 درجة مئوية. بالالتزامات المسجلة حاليا، لا يزال من المتوقع أن تنمو الانبعاثات بنسبة 14 في المائة بحلول عام 2030. هذا فعليا انتحار ويجب عكسه”.
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أنه يجب على البلدان الأكثر ثراء أن تقود الطريق إلى “ثورة في الطاقة المتجددة” عادلة ومنصفة، كما يجب عليها الوفاء بوعودها بتقديم 100 مليار دولار لتمويل التكيف المناخي اعتباراً من هذا العام.
وقال: “حان الوقت لإجراء مناقشة صريحة لاتخاذ القرار فيما يتعلق بالخسائر والأضرار التي تعاني منها بلدانكم بالفعل”.
2. إصلاح النظام المالي العالمي “المفلس أخلاقياً” وتحفيز الانتعاش المستدام
شدد الأمين العام على أن الاقتصادات النامية بحاجة إلى الحصول على تمويل مجاني أو منخفض التكلفة، وكذلك تخفيف وإعادة هيكلة الديون.
وقال: “فيما يتعلق بالديون، نحتاج إلى تخفيف فوري للبلدان النامية التي توشك أن تصبح ديونها مستحقة”.
وأضاف السيد غوتيريش أنه يؤيد بشكل كامل إنشاء صندوق مرونة كاريبي وإصلاح النظام المالي الدولي لمساعدة المنطقة على الاستجابة بشكل أفضل ومنع تعرضها بشكل كبير للصدمات الخارجية.
وقال الأمين العام: “من الواضح أن مقاييسنا القديمة قد خذلتنا. لقد حان الوقت لتغييرها”، مقترحاً تجاوز انشغال النظام المالي بدخل الفرد في الدول، وإنشاء “مؤشر ضعف متعدد الأبعاد” لتحديد الوصول إلى الدعم المالي.
وقال لرؤساء دول وحكومات منطقة البحر الكاريبي: “بالنسبة لبلدانكم، فإن هذا يعني ضمان استيعاب العوامل المعقدة والمترابطة للديون وتأثير تغير المناخ في أي تحليل للأهلية لتخفيف عبء الديون والتمويل”.
3. الاستمرار في مكافحة جائحة كوفيد-19
دفع الأمين العام الحكومات والمنظمات وشركات الأدوية للعمل معاً بشكل أفضل لإنتاج الاختبارات واللقاحات والعلاجات محليا. وأكد الأمين العام أننا “لم نخرج من المأزق بعد”.
وشدد على ضرورة مواصلة العمل معاً بشكل وثيق “لوقف انتشار الفيروس عبر منطقة البحر الكاريبي من خلال تدابير الصحة العامة التي أثبتت جدواها والاستعداد للأوبئة المستقبلية من خلال الاستثمارات الجريئة في التأهب والتدريب”.
كما أكد السيد غوتيريش من جديد دعم الأمم المتحدة لمنطقة البحر الكاريبي للعمل من أجل هذه الحلول.