مجلس الأمن يبحث الأوضاع السياسية والإنسانية في سوريا في خضم انتشار الكوليرا
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – عقد مجلس الأمن الدولي جلسة الثلاثاء 25 نوفمبر/تشرين ثاني 2022، لبحث الأوضاع السياسية والإنسانية في سوريا.
وذلك بالتزامن مع استمرار الجمود السياسي واستمرار العمليات العسكرية وانتشار مرض الكوليرا في جميع أنحاء البلاد.
وأكد المبعوث الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام مستدام في سوريا.
وأعرب بيدرسون عن أسفه معللاً: “لأننا بعيدون جدا عن هذا الهدف في الوقت الحالي”.
وعزا ذلك إلى التحديات الدبلوماسية والحقائق على الأرض التي تجعل التقدم نحو حل شامل أمرا صعبا. وقال: “لكن ثمة سبل للمضي قدما”.
مقدما إحاطته عبر الفيديو، ذكّر بيدرسون بأن العملية السياسية التي يقودها ويملكها السوريون تهدف إلى الوصول إلى حل سياسي تفاوضي لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وشدد المبعوث الأممي على ضرورة أن يرتكز هذا الحل على سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامتها الإقليمية.
وقال: “ينبغي أن يمكّن الشعب السوري من أن يقرر بشأن مستقبله، عبر عملية تتوج بانتخابات حرة ونزيهة تُدار تحت إشراف الأمم المتحدة، بمشاركة جميع السوريين المؤهلين بمن فيهم السوريون في الشتات”.
وأشار بيدرسون إلى اللقاءات الواسعة التي أجراها خلال الأسابيع الماضية، مع نظرائه الدبلوماسيين خلال اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك، وفي واشنطن وبرلين، وجنيف ودمشق وعمان.
وأكد أنه سيواصل ذلك خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أنه يدفع جميع أصحاب المصلحة للمشاركة في تدابير بناء الثقة “خطوة مقابل خطوة” بهدف المساعدة في تحقيق تقدم بشأن القرار 2254.
وقال المبعوث الأممي إنه مستمر في تذليل العقبات التي تعترض استئناف انعقاد اللجنة الدستورية، بما في ذلك القضايا المتعلقة بمكان انعقادها.
وأشار إلى أنه ناقش هذا المسألة مع نظرائه الروس والسويسريين ومع وزير الخارجية السوري والرئيس المشارك المعين من قبل الحكومة السورية في دمشق.
وحتى مع افتراض استئناف الجلسات في جنيف، قال بيدرسون إن ذلك لن يكون كافياً لاستعادة مصداقية اللجنة في نظر معظم السوريين وأصحاب المصلحة الدوليين.
ولهذا السبب، أوضح أنه سيسعى إلى العمل مع الأطراف والرئيسين المشاركين كي تكون هناك إرادة سياسية، عند استئناف الاجتماعات.
وقال: “بروح التوافق، بوتيرة أسرع وأساليب عمل أفضل وأكثر تعمقا في معالجة المواضيع”.
وحذر من استمرار الجمود الاستراتيجي في خضم استمرار الصراع في جميع أنحاء سوريا، مشيرا إلى أن تنظيم داعش الإرهابي لا يزال يشكل تهديدا خطيرا.
كما تطرق بيدرسون إلى الغارات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل ضد أهداف في سوريا، بما في ذلك تجدد القصف على مطاري دمشق وحلب الدوليين.
وجدد دعوته إلى جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، والحفاظ على قنوات فض الاشتباك واتفاقات خفض التصعيد والبناء عليها، من أجل وقف إطلاق النار الكامل على الصعيد الوطني.
كما دعا الأطراف إلى مواصلة السعي لإيجاد طرق تعاونية لمواجهة الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة مجلس الأمن بطريقة تحترم القانون الإنساني الدولي وتحافظ على الاستقرار وسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها.
وقال المبعوث الأممي: “من غير المقبول أن تستمر الأعمال العدائية في إحداث خسائر في صفوف المدنيين، بمن فيهم العديد من الأطفال”.
وأضاف: “لقد نقلنا مخاوفنا مرة أخرى إلى أصحاب المصلحة الرئيسيين في الأسابيع الأخيرة وسنواصل إثارة هذه المخاوف مع أعضاء فرقة العمل المعنية بوقف إطلاق النار في جنيف”.
في غضون أيام قليلة، ستحل الذكرى السنوية الثانية والعشرين لقرار مجلس الأمن 1325.
وقال بيدرسون إنه على مدار ما يقرب من 12 عاما من الصراع، لم تتبق إهانة لم تذقها النساء والفتيات في سوريا:
وفسر قائلاً: “الفقر وسوء التغذية؛ الاحتجاز والاختفاء والاختطاف؛ الاعتداء الجنسي والاغتصاب؛ الزواج القسري والمبكر؛ العنف بمختلف أنواعه أثناء الإنجاب؛ الحرمان من التعليم وسبل العيش”.
وأردف قائلاً: “غالبا ما يتم استهداف الناشطات في المجتمع المدني بالعنف عند محاولتهن الانخراط في الحياة العامة”.
وتابع بقوله: “تناضل القيادات النسائية السياسية والمدنية لتأمين مقعدهن الشرعي على طاولات المفاوضات”.
من ناحية أخرى، حذرت رينا غيلاني مديرة قسم العمليات والمناصرة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية(أوتشا) من أن وباء الكوليرا ينتشر بسرعة في جميع أنحاء سوريا، وقد تفاقم الوضع بسبب النقص الحاد في المياه في البلاد.
قالت: “تم الإبلاغ عن أكثر من 24 ألف حالة اشتباه بالكوليرا، وتم تأكيد الحالات الآن في جميع المحافظات الـ 14. ولقي ما لا يقل عن 80 شخصا مصرعهم حتى الآن. هذه مأساة، لكن لا ينبغي أن تكون مفاجأة”.
وقالت، في إحاطة افتراضية، إن ملايين الأشخاص في جميع أنحاء سوريا يفتقرون إلى إمكانية الحصول على المياه الكافية والمأمونة، وقد تأثر النظام الصحي بشدة بسبب الصراع المستمر منذ أكثر من عقد.
وتابعت: “إن عدم كفاية الأمطار وضآلة توزيعها في العديد من الأماكن، والظروف الشبيهة بالجفاف الشديد، وانخفاض مستويات المياه في نهر الفرات، وتضرر البنية التحتية للمياه، كلها عوامل تؤدي إلى تفاقم هذا التفشي لمرض الكوليرا”.
وأشارت إلى أنه من المرجح أن تزداد الأزمة سوءا، إذ تشير التوقعات من الآن إلى كانون الأول/ديسمبر إلى زيادة احتمال هطول الأمطار دون المستوى الطبيعي وارتفاع درجات الحرارة فوق العادية.
وحذرت من أنه إذا تحقق هذا، فسوف يؤدي إلى تفاقم أزمة المياه الرهيبة بالفعل.
وأكملت غيلاني قائلة: “المعادلة بسيطة: عندما يشرب الناس نفس المياه الملوثة التي يستخدمونها لري محاصيلهم”.
وأوضحت: “عندما لا يكون لديهم ما يكفي من المياه لممارسة النظافة الصحيحة، تنتشر الأمراض المنقولة بالمياه، مما يتسبب في إصابة الناس، وخاصة الأطفال، بالمرض وموتهم في بعض الأحيان”.
تتطلب خطة الاستجابة للكوليرا التي مدتها ثلاثة أشهر، والتي تنسقها الأمم المتحدة، 34.4 مليون دولار لمساعدة 162 ألف شخص بالخدمات الصحية و5 ملايين شخص بالمياه والصرف الصحي والنظافة.
وقالت المسؤولة الأممية إن صندوق المساعدات الإنسانية لسوريا والصندوق الإنساني عبر الحدود لسوريا سيوفران حوالي 10 ملايين دولار للشركاء في جميع أنحاء البلاد.
وأعربت عن امتنانها للمانحين الذين تعهدوا بتقديم دعم جديد للاستجابة للكوليرا، ولكنها قالت إن هناك حاجة إلى المزيد.
ومع اقتراب فصل الشتاء في سوريا، أشارت رينا غيلاني إلى ازدياد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة للتصدي لصعوبات فصل الشتاء بنسبة مذهلة بلغت 30 في المائة في جميع أنحاء البلاد مقارنة بالعام السابق.
قالت: “في الشمال الغربي، يعتمد حوالي مليوني شخص على المساعدات الشتوية لتلبية احتياجاتهم الأساسية”.
وأضافت: “معظمهم من النساء والأطفال الذين يعيشون في المخيمات مع وصول محدود أو معدوم للتدفئة أو الكهرباء أو المياه أو الصرف الصحي”.
وقالت إن الشركاء في المجال الإنساني أطلقوا نداء خاصا بفصل الشتاء، لكنه لا يزال يعاني من نقص شديد في التمويل، حيث تم تمويل قطاع المأوى والمواد غير الغذائية بنسبة 10 في المائة فقط.
وحذرت من أن العائلات لن تحصل على التدفئة والوقود والبطانيات والملابس الشتوية التي هي في أمس الحاجة إليها للتدفئة، في حال عدم سد هذه الفجوة في التمويل.
نقلا عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، أفادت رينا غيلاني بمقتل ما لا يقل عن 92 مدنيا وإصابة 80 آخرين في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر.
ولقي 27 من هؤلاء المدنيين حتفهم بسبب المتفجرات من مخلفات الحرب، مشيرة إلى أن سوريا يوجد بها أكبر عدد من ضحايا الذخائر المتفجرة في جميع أنحاء العالم، وأن اثنين من كل ثلاثة ضحايا من الأطفال.
وقالت إن هذه الأسلحة تشكل تهديدا دائما ومميتا للمدنيين.
وقالت إن العمليات الأمنية في مخيم الهول في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر ألحقت أضرارا بالملاجئ وقيدت مؤقتا وصول الأشخاص إلى المساعدات والخدمات الإنسانية.
“بالإضافة إلى ذلك، تم احتجاز العديد من الأطفال، ولا يزال يتعذر على الشركاء في المجال الإنساني إمكانية الوصول إلى هؤلاء الأطفال”.
بدوره، قال السفير بسام صبّاغ، مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة إن بلاده تعاملت بإيجابية مع الجهود والمبادرات التي قُدمت في إطار المسار السياسي، وحافظت على التواصل مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، “الذي زار دمشق قبل أيام والتقى السيد وزير الخارجية والمغتربين”.
وقال الصباغ إن الوزير السوري طالب المبعوث الأممي “باضطلاع الأمم المتحدة بدورها – وفقا لميثاقها- لوقف انتهاكات السيادة السورية الناجمة عن الاحتلال الأمريكي لمناطق في شمال شرق سوريا والاحتلال التركي لمناطق في شمال وشمال غرب سوريا، بالإضافة إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي للجولان، واعتداءاته المتكررة على المرافق الحيوية، والبنية التحتية السورية، والتي تهدد السلم والأمن في المنطقة”، على حد تعبيره.
وقدم مندوب سوريا الدائم موجزا للمعاناة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري، مسلطا الضوء على الأضرار الناجمة عن “الحصار اللاإنساني للولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى على الشعب السوري، جراء الاستمرار في فرض إجراءاتها القسرية اللاشرعية، وتمديدها، وتوسيع نطاقها”.
وشدد على ضرورة رفع تلك الإجراءات فورا “لأنها لا إنسانية ولا أخلاقية”، على حد تعبيره.
وفيما يتعلق بانتشار الكوليرا، قال إن الحكومة السورية تبذل جهودا كبيرة للحد من انتشار هذا الوباء ووقفه من خلال نشر التوعية والتثقيف الصحي حوله ووسائل الوقاية منه، ومتابعة جميع الحالات المرضية ومعالجتها، والتأكد من سلامة مصادر المياه وغيرها من المصادر المسببة للمرض.
وأشار إلى أن الحكومة السورية تتعاون مع منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها المختصة وتقدم لها كافة التسهيلات للقيام بالزيارات الميدانية.