سام تطالب القوات التابعة للمجلس الانتقالي بالكشف عن مصير مواطن مجري

قالت منظمة سام إن قوات مكافحة الإرهاب في مدينة عدن اعتقلت تعسفيا وأخفت قسرا عشرات الأشخاص في العاصمة عدن، وإن بعض هؤلاء ربما يكونون قد توفوا تحت التعذيب.

وأضافت المنظمة أن على السلطة المحلية في محافظة عدن حماية حقوق كل المعتقلين، والإفراج فورا عن جميع المحتجزين تعسفيا، ومنح أفراد العائلة والمحامين ومراقبين مستقلين إمكانية الوصول الفوري إلى مواقع الاحتجاز، للحد من مخاطر سوء المعاملة.

وتابعت المنظمة أن تصاعد وتيرة الاعتقالات في الآونة الأخيرة ضد نشطاء المجتمع المدني والمدنيين تصاعدت بشكل مقلق.

حيث سجلت المنظمة في الفترة ما بين يناير إلى ابريل 150 حالة انتهاك، منها 49 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، على يد القوات المتنوعة التابعة للمجلس الانتقالي, وبعضهم لا تستطيع أسرهم معرفة أماكن وجودهم.

ولا تبدو أسباب الاعتقال واضحة لكن كثيرا منهم، بحسب شهادات موثقة، لاعتقالهم علاقة بالصلة بالحكومة المعترف بها دوليا, أو الارتباط بجماعة الحوثي الانقلابية.

وقال “توفيق الحميدي”، رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، “إن المنظمة رصدت تكرار حوادث اختطاف مدنيين وإخفائهم بشكل قسري لمدة جاوزت التسعة أشهر دون عرضهم على النيابة أو صدور أمر قضائي بتوقيفهم”.

وأضاف “الحميدي”: “الشكاوي والإفادات التي حصلت عليها المنظمة تشير إلى تورط قوة مكافحة الإرهاب و لواء العاصفة في ممارسات غير قانونية، شملت الحرمان من الزيارة والاحتياجات الأساسية والتعذيب، في مخالفة صارخة لقواعد القانون الدولي ذات الصلة.”

وحصلت “سام” على إفادات لمعتقلين سابقين تم الإفراج عنهم تفيد أن مواطناً “مجري الجنسية يدعى جورج كولتاي “Gyorgy koltai” معروف باسم “عبد الحكيم فارس” “كيمو” 44 عاما، قد توفي في معتقل قاعة “وضاح” في رمضان الماضي 2020.

وبحسب إفادات معتفل آخر فإن “جورج” “عبد الحكيم” اعتقل من أحد فنادق المعلا في مدينة عدن، بعد وصوله إلى عدن قادما من دولة المجر في عام 2020، من قبل رجال الأمن.

ثم نقل إلى جهاز مكافحة الإرهاب المشرف على قاعة وضاح التي تقع في ساحل “جولد مور”، واستمر فيها ما بين الشهرين إلى الثلاثة أشهر، تعرض خلالها للتعذيب الشديد والمفرط الذي تنوع بين الضرب بالأسلاك والعصي، حتى فقد أسنانه، حيث كان يعاني الضحية من أمراض القلب.

كما أصيب بفيروس كورونا بعد ذلك دون أن تقوم إدارة المعتقل بأية إجراءات طبية، وتُرك يعاني من الفيروس حتى توفي في 27 رمضان من العام الماضي، وقد أشرف على التحقيق والتعذيب كلٌ من يسران المقطري، وشخص آخر يدعى “أصيل أبو خطاب” و ثالث اسمه محمد إيهاب الصبيحي، من أبناء القلوعه يعمل في عمليات مكافحة الإرهاب.

بحسب الإفادات، عاني “عبد الحكيم” من المرض بشده حتى بدأ الدم يتسرب من فتحات جسده، وبحسب شهادات متعدده عندما كان السجناء يطلبون النجدة للمرضي في زنازين قاعة وضاح، كان رد مسؤولي القاعة عليهم: “لا تنادونا لأجل أي مريض إلا إذا مات”.

وبعد وفاته “كيمو” أخذ من الزنزانة، ويُعتقد أنه دفن. لم يتسن لمنظمة سام الحصول على إفادات من جهة رسمية بشأن الواقعة.

وقالت المنظمة إن “جورج كولتاي” عمل في محافظة الحديدة ضمن فريق فني من العام 2009 إلى العام 2012، قبل اعتقاله من قبل جماعة الحوثي من الفترة 2015 إلى 2017، تعرض خلالها إلى تعذيب شديد قبل أن يتم الإفراج عنه ويعود إلى المجر ثم إلى اليمن في 2020.

وفي أغسطس من عام 2019، اعتقلت قوات مكافحة الارهاب “محمد علي فتيني” 31 عام و صديقه “ماجد عبد الله وهيب” أثناء مرورهما من نقطة “العلم” على طريق أبين أثناء عودتهما لمنزلهما في عدن.

كما اختطفت تلك القوات “هاني أحمد حسين” 24 عاما، من منزله وتم ترحيله لمعسكر تابع لقوات مكافحة الإرهاب التي يقودها “أوسان العنشلي” المُتهم بارتكاب مخالفات قانونية جسيمة بحق المدنيين.

قال والد المعتقل فتيني لمنظمة سام: “لقد تم اختطاف ابني وهو في طريق العودة للمنزل، حيث تم تفتيشه هو وزميله “ماجد عبدالله”، وتم إنزالهما من السيارة وإرسالهما لمعسكر قوات مكافحة الإرهاب بمنظقة التواهي مقابل معسكر الشرطة العسكرية”.

وأضاف: “لم نتمكن من زيارته منذ اعتقاله، ولم نستطع إدخال الطعام أو الملابس له، وفي آخر محاولة لزيارته لم يتم السماح لنا بإدخال بعض الاحتياجات الأساسية له، ولا نعلم إلى هذه اللحظة سبب توقيفه من قبل تلك القوات”.

ويضيف: “لقد تقدمت بعدد شكاوى لقضاة ووجهاء وللنيابة الجزائية لكن لم أتلق أي ردود إيجابية حول حالة ابني المختطف، مع العلم أن النيابة الجزائية أصدرت أمرًا لتلك القوات بالإسراع في إجراءات التحقيق، لكن لم تستجب قوات مكافحة الإرهاب ولواء العاصفة لأمر النيابة إلى هذه اللحظة”.

وتابع والد المختطف: “لقد تعرض ابني للتعذيب الممنهج والشديد حتى أصبح لا يقوى على النهوض، كما وصلتنا معلومات تفيد بتعرضه للإعاقة الجسدية نتيجة للتعذيب عند المحققين بغرض انتزاع معلومات منه أثناء التحقيق”.

مضيفاً: “لم يسمحوا لي بزيارته منذ اعتقاله على رغم أننا سلمناهم مذكرة رسمية من المستشار القانوني في التحالف والتي تسمح لنا بزيارته والاطمئنان عليه وإحالة ملف الاستدلال للنيابة، ولكن تم مماطلة ذلك الطلب ولم يتم تنفيذه إلى هذا اليوم”.

وأردف والد المختطف: “لقد تواصلت مع القاضي “يحيى المفلحي”، وهو رئيس اللجنة الوطنية للمختفين قسريًا، كما تحصلت على مذكرات من رئيس النيابة الجزائية ومن مدير أمن عدن ومن المستشار القانوني لألوية الدعم التابعة للتحالف، وتوجيهات من النائب العام للبت في قضية ابني، لكن تلك القوات تماطل في تنفيذ تلك التوجيهات دون مبرر قانوني ودون أن يكون هناك تحرك من تلك الجهات”.

واختتم والد محمد إفادته بقوله: “لقد تم اتهام ابني بالتخابر لصالح الشرعية، وأنهم وجدوا في هاتفه ما يثبت ذلك، كما أن أحد المحققين ويدعى “أبو صقر”، اتصل بي من هاتف ابني وأخبرني أن أحضر مبلغ 2000 دولار وهي التي يملكها ابني في المنزل، وإلا سوف يقتحمون البيت ويأخذونها بالقوة”.

وقال: “مع العلم أن هذا المبلغ هو ادخار ابني بعد بيعه قطعة أرض كان يخطط ليتزوج بها، ومع خوفي الشديد على بيتي وعائلتي ذهبت بالمبلغ المطلوب وتم إدخالي معكسر مكافحة الإرهاب معصوب العينيين وأخبروني أن ابني يعمل جاسوسًا ليجمع المعلومات عن قوات الانتقالي، وتم أخذ المبلغ مني ولم يسمحوا لي برؤيته أو الحديث معه”.

أكدت “سام” على أن ما استمعت له من شهادة إضافة لمجموعة الوثائق التي تحصلت واطلعت عليها من أقارب المختطفين تثبت بما لا يدع مجالًا للشك تعمد الأفراد التابعين للمجلس الانتقالي انتهاك حقوق المدنيين والتعدي عليها دون أي مبرر قانوني.

وأشارت سام إلى أن صمت الجهات المخولة بتطبيق القانون في اليمن ساعد تلك القوات على الإمعان في انتهاكاتها لاسيما دور النيابة السلبي في التعاطي مع قضايا المختطفين الذين يتم اعتقالهم لشهور متواصلة دون عرض على النيابة أو توجيه للتهم.

بتاريخ 6 فبراير 2021، اعتقل “محمد وليد علي” من قبل قوة مكافحة الإرهاب التابعة للانتقالي بعد مداهمة منزله في منطقة المعلا الساعة الرابعة فجرا، دون أي مسوغ قانوني أو أوامر من القضاء.

الضحية يعمل إعلاميا بتلفزيون عدن ومنسقا إعلاميا لوزارة الداخلية ومقدم برامج، وهو حاصل على بكالوريوس إعلام وصحافه بامتياز.. على خلفية الانفجار الذي استهدف “أكرم العوذلي” قائد كتيبة الطوارئ في المعلا.

وفي مايو 2021 اعتقل الشاب “حمزة علي محي الدين علي”، 20 سنة، من جولة كالتكس, من قبل جنود مقنعين يرتدون ملابس بيضاء، حيث استدعوه من من بين أصحابه أثناء ما كان يوزع الإفطار على المارة، وبحسب بيان منسوب لأسرة الضحية فإن حمزة معتقل لدي إدارة الأمن، دون مزيد من التفاصيل.

قالت “سام” إن الإخفاء القسري يحدث بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، عندما تحتجز السلطات شخصا ما، وتنكر احتجازه، أو ترفض الكشف عن مصيره، أو مكان وجوده.

والمختفون غالبا عرضة للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، لا سيما عندما يُحتجزون خارج مرافق الاحتجاز الرسمية، مثل مراكز الاحتجاز والسجون التابعة للشرطة.

واختتمت “سام” بيانها بدعوة المجلس الانتقالي إلى ضرورة الإفراج عن كافة المعتقلين والعمل على تقديم المخالفين من قواتها للمساءلة والتحقيق نظير الانتهاكات التي يرتكبونها والتي ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مؤكدة على أن موقف المجتمع الدولي السلبي وصمته المتواصل شكل غطاءً ضمنيًا لأطراف الصراع في اليمن للإمعان في انتهاكاتها ضد المدنيين.

اقرأ أيضاً: سام الصحفيون اليمنيون ما زالوا هدفا للانتهاكات والتنكيل

قد يعجبك ايضا