رسالة تحث السلطات المصرية على معالجة المخاوف التي أثارها مجلس حقوق الإنسان
في رسالة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، طالبته منظمات حقوقية باتخاذ إجراءات فورية لإنهاء حملة القمع بحق المنظمات المستقلة والمعارضة السلمية.
تأتي هذه الدعوة في أعقاب بيان مشترك صدر في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 12 مايو/أيار من قبل أكثر من ثلاثين دولة عبرت فيه عن قلقها بشأن “مسار حقوق الإنسان مؤكدة مشاطرتها المخاوف التي عبّرت عنها المفوضة السامية لحقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة.”
طالبت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) إلى جانب 63 منظمة أخرى، الرئيس السيسي بضمان التنفيذ الكامل للتوصيات الواردة في هذه الرسالة.
وفيما يلي نص الرسالة الموجهة للرئيس المصري:
(1 يونيو/حزيران 2021) نحن الموقعون أدناه من 64 منظمة حول العالم، ندعو السلطات المصرية، بما في ذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء حملة القمع الشاملة التي تشنها السلطات المصرية على المنظمات المستقلة والمعارضة السلمية.
أصدرت أكثر من 30 دولة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بيانًا مشتركًا في 12 مارس/آذار 2021 أعربت فيه عن قلقها العميق بشأن “مسار حقوق الإنسان في مصر مؤكدة مشاطرتها المخاوف التي عبّرت عنها المفوضة السامية لحقوق الإنسان [في الأمم المتحدة] وخبراء ]الأمم المتحدة[ المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة”.
لا تزال تطالب منظماتنا بإنشاء آلية للرصد والإبلاغ عن مصر في مجلس حقوق الإنسان وستواصل القيام بذلك حتى يتم تحقيق تحسن ملموس ومستدام في حالة حقوق الإنسان في البلاد.
لا يزال يساورنا بالغ القلق إزاء الاعتقال التعسفي والاحتجاز والمضايقات القضائية الأخرى بحق المدافعين عن حقوق الإنسان. ومن بين المحتجزين ظلمًا مديرَين لمنظمات غير حكومية هما محمد الباقر وعزت غنيم، والباحثيَن في مجال حقوق الإنسان باتريك جورج زكي وإبراهيم عز الدين، والمحامين ماهينور المصري وهيثم محمدين وهدى عبد المنعم. كما صدر حكم غيابي مشين بالسجن لمدة 15 عامًا بحق بهي الدين حسن، مؤسس ومدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
وتشمل الاعتداءات الأخرى ضد المدافعين عن حقوق الإنسان حظر السفر وتجميد الأصول والإضافة إلى “قائمة الإرهابيين” في إجراءات تعسفية وتحقيقات جنائية مطولة في القضية رقم 173 لعام 2011، والانتقام من تعاملهم مع آليات الأمم المتحدة. نشاطر مخاوف سبعة من المكلفين بولايات الإجراءات الخاصة-خبراء الأمم المتحدة-بشأن قانون الجمعيات الأهلية رقم 149/2019، لأنه لا يفي بالتزامات مصر الدولية لضمان الحق في حرية تكوين الجمعيات.
لدينا أيضًا مخاوف جدية بشأن التعريف الفضفاض للإرهاب في قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 وفي قانون العقوبات الذي يتعارض مع المعايير الدولية ويسمح بتجريم الأفعال التي تدخل في نطاق الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، وكذلك إساءة استخدام “الدوائر القضائية المعنية بقضايا الإرهاب” في المحاكم الجنائية ونيابة أمن الدولة العليا لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من المنتقدين السلميين بغية إسكات المعارضة.
كما نشعر بقلق بالغ إزاء القمع الذي يتعرض له الصحفيون المستقلون ووسائل الإعلام، حيث لا تزال مئات المواقع الإلكترونية محجوبة ولا يزال ما لا يقل عن 28 صحفيًا وراء القضبان لمجرد قيامهم بعملهم أو التعبير عن آراء انتقادية، بما في ذلك إسراء عبد الفتاح وإسماعيل الإسكندراني.
نتشارك أيضًا التقييم نفسه الذي تبناه فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بأن الاحتجاز التعسفي يمثّل مشكلة منهجية في مصر. فمنذ وصول الرئيس السيسي إلى السلطة، قامت قوات الأمن المصرية، بتواطؤ مع وكلاء النيابة والقضاة، باعتقال واحتجاز آلاف الأشخاص بشكل تعسفي، بناءً على اتهامات لا أساس لها تتعلق بالإرهاب.
تتضمن قائمة المعتقلين مدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء في مجال حقوق الأقليات الدينية ومتظاهرين سلميين وصحفيين وأكاديميين وفنانين ومحامين وسياسيين معارضين وأقارب معارضين يعيشون في المنفى.
تُخضع قوات الأمن المصرية بشكل روتيني المحتجزين للإخفاء القسري والتعذيب، وهو ما خلصت إليه لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة بأنه “ممارسة منهجية في مصر.” ومن ثم يتم إدانة المخفيين والمعذبين بشكل روتيني في محاكمات جماعية جائرة، وفي بعض الحالات أمام محاكم عسكرية.
منذ 2014، حُكم على المئات بالإعدام وأُعدم العشرات بعد محاكمات تستند إلى “اعترافات” تم انتزاعها تحت وطأة التعذيب. ويقبع الآلاف أيضًا رهن الحبس الاحتياطي المطول دون أن تتاح لهم فرصة الطعن بشكل حقيقي في قانونية احتجازهم، وأحيانًا لفترات تتجاوز الحد الأقصى المسموح به قانونًا وهو عامين بموجب القانون المصري.
وحتى عندما يأمر المدّعون العامون والقضاة بالإفراج عنهم، فإن جهاز الأمن الوطني، بتواطؤ مع النيابة العامة، يتهمهم بشكل روتيني بتهم مماثلة في قضايا جديدة بغية إبقائهم محتجزين إلى أجل غير مسمى دون محاكمة، في إطار ما يُعرف بـ “التدوير”.
كما نشاطر خبراء الأمم المتحدة مخاوفهم بشأن ظروف السجن القاسية واللاإنسانية والحرمان المتعمد من الرعاية الطبية الكافية التي أدت أو ساهمت في حدوث وفيات كان يمكن توقّيها أثناء الاحتجاز وإلحاق أضرار جسيمة بصحة السجناء.
في عام 2020 وحده، توفي 35 شخصًا على الأقل في مراكز الاحتجاز أو بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحهم نتيجةً للمضاعفات الصحية التي عانوا منها. تفاقمت أزمة الصحة وحقوق الإنسان في السجون بسبب فشل السلطات في معالجة تفشي جائحة كورونا بشكل مناسب.
ونشارك المفوضة السامية مخاوفها بشأن الأنماط المقلقة في شبه جزيرة سيناء من التهجير القسري والإخفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة للمحتجزين. ونذكر هنا دعوتها للسلطات المصرية “إدراك أن حرمان الناس من حقوقهم، كما هو الحال في جميع الدول التي تواجه تحديات أمنية وتطرفًا عنيفًا، لن يجعل الدولة أكثر أمنًا، بل يجعلها تعاني من عدم استقرار أكبر”.
لا يزال التمييز ضد النساء والفتيات راسخًا في القانون والممارسة. لم تفشل السلطات في التصدي للعنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي المتفشي فحسب، بل استهدفت أيضًا المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات ضد العنف الجنسي والتحرش الجنسي من خلال الاعتقالات والمضايقات والتهديدات وغيرها من الأعمال الانتقامية.
كما استخدمت السلطات قوانين الآداب والفجور لتوقيف واحتجاز ومقاضاة الناجيات والشهود على العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي والنساء المؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي والأشخاص والناشطين من مجتمع الميم بشكل تعسفي.
تتواصل قائمة الانتهاكات الجسيمة هذه نتيجة للإفلات من العقاب المستشري في مصر، كما أوضح خبراء الأمم المتحدة ولجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
نحث الرئيس السيسي على التأكد على التنفيذ الكامل للتوصيات التالية لضمان وجود تحسينات ملموسة في وضع حقوق الإنسان في مصر ولضمان امتثال مصر لالتزاماتها الدولية:
الإفراج الفوري وغير المشروط عن أي شخص محتجز بسبب ممارسته السلمية لحقوقه في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، والإفراج عن الآخرين المحتجزين بشكل تعسفي، بمن فيهم الموضوعون رهن الحبس الاحتياطي دون محاكمة أو دون إمكانية الطعن في قانونية احتجازهم، والكف عن ممارسة كيل الاتهامات إلى المدّعى عليهم في قضايا جديدة بناءً على مجموعة الحقائق نفسها، والتي تُعرف عادةً باسم “التدوير”، وحماية المحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، وضمان تواصلهم المنتظم بعائلاتهم، وتوفير المحامين الذين يختارونهم، وتوفير رعاية طبية مناسبة.
الإدانة العلنية والأمر بإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة وشاملة وفعالة في عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء وغيرها من أعمال القتل غير القانوني والإخفاء القسري والتعذيب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك تلك المرتكبة في مراكز الاحتجاز وفي سياق عمليات مكافحة الإرهاب في سيناء، بهدف تقديم المسؤولين إلى العدالة وضمان حقوق الضحايا في معرفة الحقيقة والعدالة وجبر الضرر.
وقف تنفيذ أحكام الإعدام، ريثما يتم إلغاء عقوبة الإعدام.
خلق بيئة آمنة ومواتية للمدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك عن طريق حمايتهم بشكل فعال من الاعتقال التعسفي والاحتجاز وغير ذلك من أشكال الانتقام أو المضايقة، وتكليف النيابة العامة بإغلاق القضية رقم 173 لسنة 2011، وإلغاء جميع التدابير التعسفية بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وعائلاتهم، ونقض الأحكام الصادرة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان بمن فيهم المحكوم عليهم غيابيًا، وشطب المدافعين عن حقوق الإنسان من “قائمة الإرهابيين”.
منع العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي ومحاكمة الجناة، ووضع حد للرقابة على أجساد النساء وسلوكهن وكذلك الملاحقات القضائية بشأن تهم غامضة تتعلق بـ “الفسق” و “انتهاك مبادئ الأسرة وقيمها” و “الفجور”.
وضع حد للاعتقالات والمحاكمات التعسفية ضد مجتمع الميم، بما في ذلك تعقب الشرطة لهم من خلال تطبيقات المواعدة أو وسائل التواصل الاجتماعي وإلغاء الأحكام الصادرة عن أي شخص تم إدانته، وتوجيه المسؤولين لإنهاء الفحوصات الشرجية القسرية واختبارات تحديد الجنس لأنها قد ترقى إلى مستوى التعذيب.
تعديل قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 وقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015 والقانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون الجمعيات الأهلية رقم 149 لسنة 2019 لضمان مواءمتها مع التزامات مصر الدولية.
اقرأ أيضاً: منظمات حقوقية تطالب الرئيس المصري التحرك لفك الخناق عن الحريات