هيومن رايتس ووتش: هجمات روسية غير مشروعة في خاركيف – أوكرانيا

القوات الروسية تستخدم الذخائر العنقودية المشمولة بحظر واسع وتصيب مستشفيات

الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – قالت “هيومن رايتس ووتش” إن القوات الروسية شنّت على خاركيف، هجمات غير قانونية متكررة قتلت وجرحت مدنيين وألحقت أضرارا بمرافق الرعاية الصحية والمنازل.

جميع الهجمات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش نُفِّذت عشوائيا في مناطق مأهولة بالسكان. استُخدمت في الهجمات أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق وذخائر عنقودية محظورة على نطاق واسع.

ووصفت هيومن رايتس ووتش هذه الهجمات بأنها انتهاك للقانون الدولي الإنساني أو قوانين الحرب على ما يبدو.

خلال زيارات إلى خاركيف وبلدة درهاتشي المجاورة مؤخرا، وثّقت هيومن رايتس ووتش ثماني حوادث هجمات غير قانونية.

ووثقت المنظمة الحقوقية قتل 12 مدنيا، وجرح 26 آخرين. وألحقت الهجمات أضرارا بما لا يقل عن خمسة مبان لمستشفيات.

هذه الانتهاكات جزء بسيط من الهجمات التي أُبلغ عنها في منطقة خاركيف منذ الغزو الروسي الذي بدأ في 24 فبراير/شباط 2022.

بحسب ما استطاعت هيومن رايتس ووتش تحديده، لم تتخذ القوات الروسية الاحتياطات التي تتطلبها قوانين الحرب لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين في أي من الهجمات الموثقة، التي كانت ثلاثة منها بذخائر عنقودية.

قالت هيومن رايتس ووتش: “قصفت القوات الروسية خاركيف والمناطق المحيطة بها بلا هوادة. وهاجمت الأحياء السكنية المكتظة بالسكان بأسلحة عشوائية”.

وأضافت المنظمة: “في الحالات التي وثّقناها، بدا أن القوات الروسية لا تأبه بحياة المدنيين ولا بقوانين الحرب”.

وفقا لنائب المدعي العام في منطقة خاركيف، قُتل ما لا يقل عن 1,019 مدنيا، بينهم 52 طفلاً. وأصيب 1,947 آخرين، بينهم 152 طفلا، خلال مئات الهجمات التي شنتها القوات الروسية منذ أواخر فبراير/شباط.

بين 24 مايو/أيار و28 يونيو/حزيران، زار باحثو هيومن رايتس ووتش مواقع ثماني من هذه الحالات. من هذه المواقع ثلاث في خاركيف وخمس في درهاتشي.

وأجرى الفريق مقابلات مع 28 شخصا، بينهم 22 شاهدا على الحوادث الثمانية، وعاملين بالمستشفيات. ومقابلات أخرى مع ممثلي جهاز الطوارئ الحكومي، ومدعين عامين محليين.

طلب بعض الأشخاص حجب أسماء عائلاتهم أو أسمائهم كاملة لأسباب أمنية.

أصيب متطوعان في 12 مايو/أيار عندما اخترقت قذيفة عنقودية سطح مركز ثقافي في درهاتشي. حيث كان العمال يعدون الطعام ومساعدات أخرى للسكان المحليين.

في نفس الوقت تقريبا، سقطت ذخائر صغيرة – ربما من نفس الصاروخ – في حديقة زوجين كانا يعيشان على بعد حوالي كيلومتر واحد. فقُتل كلاهما.

في 23 مايو/أيار، أصاب هجوم بالذخيرة العنقودية مبنى عيادة خارجية للنساء في مستشفى ولادة في مدينة خاركيف. أدى ذلك إلى جرح رجل في محطة للحافلات أمام مبنى العيادة وإلحاق أضرار بواجهة المبنى ونوافذه وصيدليته.

في 26 مايو/أيار، قُتل رجل عمره 63 عاما كان يتجول عندما سقطت ذخيرة في “متنزه 23 أغسطس” في خاركيف.

على بعد كيلومتر واحد، قالت امرأة كانت قد بدأت لتوها وظيفة جديدة في صالون إن زوجها، الذي جاء ليأخذها إلى المنزل، وطفلهما البالغ من العمر أربعة أشهر، قُتلا عندما سقطت ذخيرة قرب الصالون. أصيبت المرأة وزميلتها وقتلت زبونة أيضا.

تنشر أوكرانيا قوات عسكرية داخل مدينة خاركيف. لكن في سبعة من حوادث الهجمات، لم تجد هيومن رايتس ووتش أي هدف عسكري واضح في محيط الهجوم.

في إحدى الهجمات التي ألحقت أضرارا بمستشفى، ربما كان هناك تواجد عسكري أوكراني صغير في مكان قريب. لكن الحماية الخاصة التي تُمنح للمرافق الطبية بموجب قوانين الحرب تعني أن هذا الهجوم لا يزال غير قانوني.

جميع حوادث الهجمات الموثقة تنتهك قوانين الحرب على ما يبدو. يبدو أن القوات الروسية استخدمت الذخائر عشوائيا، بما في ذلك في ثلاث هجمات بذخائر عنقودية.

هذا بالإضافة إلى ثلاث هجمات أخرى بأسلحة متفجرة في مناطق مأهولة بالسكان. أصابت خمس من الهجمات مستشفيات بأضرار، من بينها اثنتان بذخائر عنقودية.

كانت الهجمات عشوائية بشكل خرق القانون، لأنها لم تكن موجهة نحو هدف عسكري محدد أو لم تميّز بين المدنيين أو الأعيان المدنية والأهداف العسكرية.

منذ فبراير/شباط 2022، كررت القوات الروسية استخدام الذخائر العنقودية، وهي عشوائية بطبيعتها، في هجمات في جميع أنحاء البلاد قتلت مئات المدنيين وألحقت أضرارا بالمنازل والمستشفيات والمدارس.

استخدمت القوات الأوكرانية الذخائر العنقودية في مناسبتين معروفتين على الأقل منذ بدء الغزو الشامل.

هذه الأسلحة محظورة بموجب “اتفاقية الذخائر العنقودية” لعام 2008 بسبب تأثيرها العشوائي واسع النطاق وخطرها طويل الأمد.

عادة ما تفتح الذخائر العنقودية في الهواء وتطلق العشرات، وحتى المئات، من القنابل الصغيرة على مساحة بحجم ملعب كرة القدم.

العديد من هذه الذخائر الصغيرة لا تنفجر عند الاصطدام الأولي، تاركة ذخائر غير منفجرة كالألغام الأرضية.

قال ممثل عن جهاز الطوارئ الحكومي في خاركيف إن الجهاز جمع بين 24 فبراير/شباط و7 مايو/أيار 2,700 ذخيرة صغيرة غير منفجرة في المدينة والمناطق المحيطة بها.

يمكن أن يكون للأسلحة المتفجرة منطقة تدمير كبيرة، أو تكون غير دقيقة بطبيعتها، أو تطلق ذخائر متعددة في نفس الوقت.

تشمل الآثار طويلة المدى لاستخدامها في المناطق المأهولة الضرر بالبنية التحتية الحيوية. وتشمل أيضاً إيقاف الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم، وتهجير السكان المحليين.

في تقرير صدر في أواخر يونيو/حزيران، خلصت منظمة الإغاثة “أطباء بلا حدود”، التي تعالج جرحى الحرب في جميع أنحاء أوكرانيا، إلى أن الحرب “تُنَفَّذ في ظل غياب صارخ للاهتمام بتمييز المدنيين وحمايتهم”.

أشار “مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان” إلى أنه من بين 5,514 حالة وفاة لمدنيين و7,698 جريحا مدنيا سجلها المكتب في أوكرانيا بين 24 فبراير/شباط و14 أغسطس/آب.

وبحسب مكتب المفوض السامي فإن هذا العدد على الأرجح عدد أقل بكثير من الواقع.

وقال المكتب أن هذه الأعداد نتج معظمها عن أسلحة متفجرة واسعة النطاق. شملت القصف بالمدفعية الثقيلة ومنصات إطلاق الصواريخ المتعددة، والصواريخ، والغارات الجوية.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على روسيا وأوكرانيا الانضمام إلى الاتفاقية الدولية التي تحظر الذخائر العنقودية. وطالب المنظمة أن يتم تجنب استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة في المناطق المأهولة بالسكان.

ودعت ووتش جميع الدول للموافقة على الإعلان المقترح بشأن الحد من الأسلحة المتفجرة. والعمل على تنفيذه الفعال لمنع إلحاق الأذى بالمدنيين.

الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب، بما فيها الهجمات العشوائية وغير المتناسبة، المرتكبة بنيّة جرمية – أي عمدا أو بتهور – تشكل جرائم حرب.

يمكن أيضا تحميل الأفراد المسؤولية الجنائية عن الشروع في ارتكاب جريمة حرب، فضلا عن المساعدة في ارتكاب جريمة حرب أو تسهيلها أو تقديم العون أو التحريض عليها.

يمكن محاكمة القادة العسكريين والمدنيين بتهمة الشروع في ارتكاب جرائم حرب على أساس مسؤولية القيادة إذا كانوا يعلمون أو كان ينبغي لهم أن يعلموا بارتكاب جرائم حرب ولم يتخذوا إجراءات كافية لمنعها أو معاقبة المسؤولين عنها.

قالت ووتش: “يعيش سكان خاركيف منذ شهور في خوف من الضربة القادمة، إذ تعرضت مدينتهم لبعض أسوأ أشكال الدمار والموت وسط الهجمات الروسية الواسعة”.

واختتمت المنظمة قائلة: “على المدعين العامين الوطنيين والدوليين الذين يحققون في جرائم الحرب في أوكرانيا العمل على ضمان محاسبة المسؤولين عن الهجمات غير القانونية في خاركيف”.

قد يعجبك ايضا