تقرير للأورومتوسطي حول العملية العسكرية التي نفذتها القوات الاسرائيلية في قطاع غزة
أصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرا بعنوان “جحيم لا يستثني أحدًا.. الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة” مكوناً من 52 صفحة.
هذا التقرير حول العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والذي كان السبب في اشعال فتيله، الاعتداءات الواقعة على حي الشيخ جراح بالقدس، بعد أن قامت الفصائل الفلسطينية المقاوة باطلاق الصواريخ على البلدات الفلسطينية المحتلة من قبل اسرائيل.
بدأ التقرير بالحديث عن بدء إسرائيل عملية عسكرية واسعة على قطاع غزة في 10 مايو/أيار 2021، بعد إطلاق الفصائل الفلسطينية المسلحة صواريخ من غزة تجاه إسرائيل تبعاً لسعي السلطات الإسرائيلية لتهجير قسري جماعي لفلسطينيين يقيمون في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية.
وقال التقرير بأنه على مدار 11 يوم نفذت القوات الإسرائيلية عبر سلاح الجو والبر والبحر هجوما عسكريا واسعاً على قطاع غزة، هو الرابع منذ عام 2008، وألقت مئات الأطنان من القنابل شديدة التفجر لتوقع مئات القتلى والجرحى، إضافة إلى تدمير واسع للبنى التحتية والأعيان المدنية والمنازل التي قٌصف عدد منها على رؤوس قاطنيها وأبيدت عائات بأكملها.
وأضاف التقرير بأن القـوات الإسـرائيلية أطلقـت علـى عمليتهـا العسـكرية اسـم “حـارس الأسـوار” فـي حيـن أطلقـت الفصائـل الفلسـطينية اسـم “سـيف القـدس” علـى هجماتهـا الصاروخيـة خـال الفتـرة نفسـها.
وأضاف التقرير بأن الهجــوم اإلســرائيلي بــدأ بغــارات عنيفــة نفذهــا الطيــران الإســرائيلي بعــد الســاعة السادســة مسـاء مـن يـوم الإثنيـن الموافـق 10 مايو/أيّـار 2021، علـى أرجـاء مختلفـة مـن قطـاع غـزة، بعـد قليــل مــن إعــان الغرفــة المشــتركة للفصائــل المســلحة، إطـلاق عــدة صواريــخ تجــاه التجمعــات الإســرائيلية، بعضهــا اســتهدف مدينــة القــدس.
واستمر التقرير بسرد تفاصيل العملية العسكرية بأن توالــت فــي الأيــام التاليــة الغــارات اإلســرائيلية العنيفــة، وكان بعضهــا يجــري أحيان متزامـن بمشـاركة أكثـر مـن 150 طائـرة، مـع قصـف مدفعـي عبـر البـر والبحـر طـال جميـع مناطـق ومحافظــات قطــاع غــزة.
وأشار التقرير أن هذا العمل يخالــف مبــادئ القانــون الدولــي الإنســاني، الــذي يحظــر بشــكل مطلـق قصـف الأعيـان والمنـازل المدنيـة دون تمييـز أو تناسـب وبـلا أي ضـرورة عسـكرية، والـذي أدى بــدوره إلــى مقتــل العشــرات مــن المدنييــن بمــن فيهــم نســاء وأطفــال ومســنين في منازلهــم.
وخـلال الأعمال الحربيــة لــم يعــد هنــاك مــكان آمــن فــي قطــاع غــزة، وبــات أكثــر مــن مليونــي فلســطيني أســرى للخــوف وعرضــة لالســتهداف.
وبحسب التقرير الأورومتوسطي فإن نحــو 120 ألف فلســطيني اضطــروا للنــزوح عــن منازلهــم فــي مناطــق متفرقــة فــي قطــاع غزة جـراء الهجمـات الصاروخيـة العنيفـة التـي اسـتهدفت بشـكل أساسـي الحـزام الحـدودي شـرقي القطـاع ومناطـق أخـرى وسـط وغـرب مدينـة غـزة، حيـث لجأ معظمهـم إلى مـدارس تابعة لوكالة غـوث وتشـغيل اللاجئيـن (أونـروا)، فيمـا لجـأ البعـض الآخـر لأقـارب لهـم فـي أماكـن يعتقـدون أنهـا أكثـر أمناً.
وأكد التقرلاير بأن الهجمـات امتـدت لتشـمل مقـرات حكوميـة ومبـان سـكنية وأبـراج تضم مقرات إعالميـة، إلى جانب مدرسـتين تابعتيـن لوكالـة غـوث وتشـغيل الالجئيـن (أونـروا)، فضلا عن الحاق أضرار بمؤسسات صحيـة، ومسـاجد، ومؤسسـات تعليميـة وشـوارع وبنـى تحتيـة.
وأشار التقرير لتوقف العملية العسكرية حيث وعلى حد تأكيده فإن العملية توقفــت بموجــب اتفاق وقــف إطــاق نــار متبــادل ومتزامــن الســاعة الثانيــة مــن فجــر يــوم الجمعــة الموافــق 21 مايو/أيــار2021، برعايــة مصريــة، وبعــد تدخــلات واتصالات مكثفـة مـن عـدة جهـات مـن ضمنهـا الأمـم المتحـدة والواليـات المتحـدة الأمريكيـة.
ومــع وقــف إطــاق النــار، بــدأت تتكشــف آثــار مــا خلفــه الهجــوم الإســرائيلي، الــذي أســفر عــن مقتل 254 فلسطينياً بينهـم 66 طفلاً و39 امـرأة و17 مسـن، إضافـة إلـى إصابـة نحـو 1,948 آخريــن بجــروح مختلفــة، حســب وزارة الصحــة الفلســطينية. (وفقاً للإحصــاء الميدانــي لفريــق المرصـد الأورومتوسـطي، وصـل عـدد الجرحـى لــ 2,212).
وبحسب التقرير فإن الجيــش الإســرائيلي اســتخدم خلال هجومــه أنواعاً مختلفــة مــن الأســلحة والذخائــر، وقــوة تدميريـة غيـر متناسـبة ضـد المدنييـن الفلسـطينيين وممتلكاتهـم، فـي انتهـاك لقواعـد الحمايـة للمدنييـن وممتلكاتهـم مـن مخاطـر الحـرب، والتـي يوفرهـا القانـون الدولـي اإلنسـاني، بمـا فـي ذلـك اتفاقيـة جنيـف الرابعـة لعـام 1949، والخاصـة بحمايـة المدنييـن وقـت الحـرب.
وبحسب التقرير أيضاً فإن القـوات الإسـرائيلية أطلقـت صواريـخ وقذائـف تحتـوي آلاف الكيلو غرامات مـن المتفجـرات، فـي هجمــات عشــوائية أو مخططــة أحياناً، دون إيلاء اعتبــار لسلامة المدنييــن فــي القطــاع الــذي يعـد مـن أكثـر الأماكـن اكتظاظاً وكثافـة سـكانية فـي العالـم.
وأكـدت الإسـتنتاجات القانونيـة في التقرير بما يخص الهجمـات ومـا خلفتـه مـن نتائـج وآثـار أن ما فعلته اسرائيل، قد يرقـى إلـى أن يكـون جرائـم حـرب وجرائـم ضـد اإلنسـانية؛ وهـو مـا تمثـل فـي قصـف المنـازل علـى رؤوس سـاكنيها، والقصـف العشـوائي، وتدميـر الأبراج بمـا فيهـا مـن مقـرات إعلاميـة، والعقـاب الجماعـي المتمثـل فـي إغـلاق المعابـر والبحـر، وقصـف منـازل عائلات وجيـران أفـراد مـن الفصائل الفلسـطينية المسلحة.
فـي هـذا التقريـر سـلط المرصـد الأورومتوسـطي الضـوء علـى تفاصيل الإنتهاكات التـي ارتكبتها إسـرائيل خـلال هجومهـا العسـكري علـى قطـاع غـزة، بمـا فـي ذلـك اسـتهداف الأعيـان المدنيـة والمنـازل السـكنية، وتعمد اسـتهداف المدنييـن وقتـل الأطفـال والنسـاء، فضلاً عـن اسـتعراض الجانـب القانونـي الـذي يتنـاول هـذا النـوع مـن الإنتهـاكات.
في ضــوء العــرض الشــامل للتقرير لوقائــع الهجــوم العســكري الإســرائيلي علــى قطــاع غــزة، خــلال 11 يوماً، يتبيــن أن القــوات الإســرائيلية اقترفــت جرائــم قــد ترقــى لجرائــم الحــرب والجرائــم ضــد الإنســانية بموجــب ميثــاق رومــا الأساســي الناظــم للمحكمــة الجنائيــة الدوليــة، مــن خــلال عمليــات القتــل العمــد، والقصــف العشــوائي، واســتهداف الأعيــان المدنيــة، وتكبيــد الخســائر العرضيــة فــي الأرواح والإصابــات وإلحــاق الأضــرار بصــورة مفرطــة، والعقوبــات الجماعيــة.
كمــا انتهكــت إســرائيل بشــكل كبيــر قواعــد القانــون الدولــي الإنســاني، مــن خــلال عــدم التزامهــا بمبــادئ التمييــز والتناســب، والضــرورة العســكرية، والحمايــة الخاصة وفرض العقوبــات الجماعية، وتنفيــذ الهجمــات لأغــراض الانتقــام.
بناءاً على ما ورد في هذا التقرير، أوصي المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بالآتي:
- ينبغــي علــى المحكمــة الجنائيــة الدوليــة ضــم الممارســات التــي اقترفتها إســرائيل إجراءهــا فــي الانتهــاكات الســابقة، والعمــل ًإلــى التحقيقــات التــي قــررت أخيــرالجــدي علــى محاســبة القــادة والجنود الإســرائيليين وعدم الســماح لهم بالإفلات مــن العقــاب.
- ضمــان تعويضــات ملائمــة للمنشــآت المدنيــة المدمــرة والمتضــررة، بمــا يضمــن اســتئناف عملهــا بعــد التعطيــل الحاصــل.
- علــى الاتحــاد الأوروبــي تفعيــل أدوات الضغــط كافــة علــى إســرائيل للتوقــف عــن انتهاكاتهــا المســتمرة، بمــا فــي ذلــك اعتداءاتهــا فــي القــدس الشــرقية ومحاولــة فــرض أمــر واقــع بالقــوة فــي المســجد الأقصــى، لجهــة التهويــد، ومســاعي تهجيــر المقدســيين فــي الشــيخ جــراح وســلوان، وهــي عوامــل توتــر دائمــة فــي كل الأراضــي الفلســطينية.
- دعــوة المجتمــع الدولــي إلــى تحمــل مســؤولياته الأخلاقيــة والقانونيــة وتحقيــق المســاءلة والإنصــاف، لضمــان محاســبة إســرائيل علــى الجرائــم التــي اقترفتهــا، وحصــول الفلســطينيين علــى الحمايــة والعدالــة.
- العمل فوراً علــى إنهــاء الحصــار ورفــع العقوبــات الجماعيــة، وضمــان تســهيل الإعمــار وتوفيــر تمويــل كاف لــه، مــع تأميــن دعــم عاجــل لمســاعدات العائــلات علــى مواجهــة الصعوبــات الناجمــة عــن الهجــوم.
اقرأ أيضاً: مركز القاهرة يرحب القرار تشكيل لجنة تحقيق حول الانتهاكات المرتكبة بحق الفلسطينيين