هيومن رايتس ووتش: ضربات روسية قتلت عشرات المدنيين في تشيرنيهيف
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن القوات الروسية قتلت وأصابت العديد من المدنيين في ثماني هجمات في مدينة تشيرنيهيف في شمال شرق أوكرانيا أوائل مارس/آذار 2022.
تنتهك أربع هجمات منها، سواء كانت جوية أو برية، قوانين الحرب بشكل واضح. تضمنت الهجمات قصف مجمع سكني قتل 47 مدنيا.
بالإضافة إلى هجوماً قتل 17 شخصا على الأقل في طابور خبز أمام سوبر ماركت. وهجومين منفصلين، أحدهما باستخدام ذخائر عنقودية محظورة على نطاق واسع، أصابا مستشفيين بأضرار.
قد تكون القوات الأوكرانية عرّضت المدنيين للخطر في خمس من الهجمات الروسية، بما في ذلك هجوم أقامت فيه “قوات الدفاع الإقليمية” الأوكرانية قاعدة في مدرسة.
أصابت إحدى هذه الضربات الروسية مستشفى، وبما أن المستشفيات تحظى بحماية مشددة بموجب قوانين الحرب، فإن ذلك يجعل الضربة على المنشأة غير قانونية رغم احتمال وجود نقطة تفتيش عسكرية قرب المستشفى.
ربما تكون الضربات الأربع الأخرى قد انتهكت الحظر على الهجمات العشوائية أو غير المتناسبة، على الرغم من الوجود القريب للقوات الأوكرانية.
قالت هيومن رايتس ووتش: “هاجمت القوات الروسية مرارا وتكرارا في مارس/آذار مناطق مأهولة في تشيرنيهيف برا وجوا، متجاهلة الخسائر في أرواح المدنيين”.
وأضافت المنظمة: “تقاعُس القوات الأوكرانية في بعض المناطق عن إبعاد المدنيين زاد أعداد الضحايا، لكن رغم ذلك، ينبغي للمهاجم التمييز بين المدنيين والمقاتلين”.
بدأ الجيش الروسي بمهاجمة تشيرنيهيف في 24 فبراير/شباط، في اليوم الأول من الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.
حققت هيومن رايتس ووتش في الهجمات على المدينة بين 3 و17 مارس/آذار. وبينما لم تستولِ القوات الروسية على تشيرنيهيف، كانت القوات الروسية قد طوّقت المدينة في أواخر مارس/آذار، وحاصرت المدنيين وعرضتهم لمزيد من القصف.
انسحبت القوات الروسية من المنطقة في 31 مارس/آذار كجزء من انسحابها الأوسع من منطقتَي كييف وتشرنيهيف.
بين 8 مارس/آذار و9 مايو/أيار، قابلت هيومن رايتس ووتش 34 شخصا، بينهم 24 شاهدا على الهجمات الثمانية.
وقابلت أيضاً عمال طوارئ، ومسؤولين في إدارة تشيرنيهيف الإقليمية، ومدّعين محليين، زودوا هيومن رايتس ووتش بأعداد الضحايا المدنيين. في 19 و20 أبريل/نيسان، عاين الباحثون مواقع الهجمات الثماني.
كما راجعت هيومن رايتس ووتش صور الأقمار الصناعية للتأكد من تواريخ وحجم الأضرار، وللمساعدة في تحديد موقع أي قوات أوكرانية في محيط الهجمات.
كما ساعدت نعوات الجنود الأوكرانيين المقتولين المنشورة في وسائل الإعلام المحلية على تقييم ما إذا كان عناصر الجيش الأوكراني بالقرب من الهجمات.
قالت “إدارة الرعاية الطبية” لمنطقة تشيرنيهيف إن 98 مدنيا على الأقل قتلوا في الهجمات الثمانية وأصيب 123 آخرون على الأقل.
قالت رئيسة الإدارة إن هذه الأرقام تستند إلى تقارير من المستشفيات المحلية، وخدمات الطوارئ الطبية، وسجل المشرحة الرسمي”.
وأضافت: “كما زودت هيومن رايتس ووتش بأسماء، وأعمار، وجنس 22 من القتلى و122 من المصابين في الهجمات”.
وأكملت المنظمة قائلة: “قالت إن خبراء الطب الشرعي ما زالوا يجمعون المعلومات الشخصية المتعلقة بالضحايا الآخرين وإنها ستزوّد هيومن رايتس ووتش بها عندما تكتمل”.
في أعنف الهجمات الثماني، أسقطت القوات الروسية في 3 مارس/آذار عدة قنابل غير موجهة على مجمع سكني، فقتلت 47 مدنيا.
قال سكان أحد المباني: “عندما وقعت الانفجارات، رأيتُ أشخاصا يسقطون من النوافذ. بعضهم اشتعلت فيهم النيران”. قال العديد من الشهود الذين تمت مقابلتهم إنهم لا يعتقدون أن أي قوات أوكرانية كانت في المنطقة في ذلك الوقت.
في هجوم وقع في 17 مارس/آذار على وسط المدينة، أطلقت القوات الروسية صاروخ “أوراغان” الذي يحمل قنابل عنقودية، ما ألحق أضرارا بمجمع طبي يضم مستشفيين.
قال مسؤولون محليون إن الهجوم قتل 14 مدنيا وأصاب 21 آخرين. قال شهود إنهم لم يروا أهدافا عسكرية في المنطقة في ذلك الوقت.
منذ غزوها أوكرانيا، استخدمت القوات الروسية بشكل متكرر الذخائر العنقودية، وهي أسلحة عشوائية بطبيعتها، في هجمات قتلت مئات المدنيين وألحقت أضرارا بالمنازل، والمستشفيات، والمدارس.
يبدو أن القوات الأوكرانية استخدمت الذخائر العنقودية مرة واحدة على الأقل.
الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب، بما فيها الهجمات العشوائية وغير المتناسبة، المرتكبة بنيّة جرمية – أي عمدا أو بتهور – هي جرائم حرب.
يمكن أيضا تحميل الأفراد المسؤولية الجنائية عن محاولة ارتكاب جريمة حرب، فضلا عن المساعدة في ارتكاب جريمة حرب، أو تسهيلها، أو تقديم العون فيها، أو التحريض عليها.
يمكن محاكمة القادة العسكريين والمدنيين بتهمة ارتكاب جرائم حرب على أساس مسؤولية القيادة إذا كانوا يعلمون أو كان ينبغي لهم أن يعلموا بارتكاب جرائم حرب ولم يتخذوا إجراءات كافية لمنعها أو معاقبة المسؤولين عنها.
تُظهر الهجمات الروسية في تشيرنيهيف الأثر المدمر على المدنيين والبنية التحتية المدنية عندما تستخدم القوات المسلحة أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق في المناطق المأهولة بالسكان، وزيادة احتمال شن هجمات عشوائية وغير متناسبة غير قانونية.
هذه الأسلحة لديها نطاق تدميري كبير، وهي غير دقيقة بطبيعتها، أو تطلق ذخائر متعددة في نفس الوقت.
الآثار طويلة المدى لاستخدامها تشمل الأضرار بالمباني المدنية والبنية التحتية الحيوية، وانقطاع الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم، وتهجير السكان المحليين.
من بين 4,266 وفاة و5,178 إصابة بين المدنيّين سجلها “مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان” في أوكرانيا بين 24 فبراير/شباط و7 يونيو/حزيران – وهي على الأرجح أقل بكثير من العدد الفعلي – كانت غالبيتها ناتجة عن أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق.
شملت هذه الهجمات القصف بالمدفعية الثقيلة ومنصات إطلاق الصواريخ المتعددة، والضربات الصاروخية والجوية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على روسيا وأوكرانيا تجنب استخدام الأسلحة المتفجرة ذات النطاق الواسع في المناطق المأهولة.
كما على جميع الدول دعم إعلان سياسي دولي قوي لحماية المدنيين بشكل أفضل من مثل هذه الأسلحة في المناطق المأهولة.
قالت والي: “الغارات الجوية والهجمات الأرضية المدمرة التي شنتها القوات الروسية على تشيرنيهيف تظهر ضرورة عدم استخدام الأسلحة المتفجرة في المدن والبلدات المأهولة”.
وأضافت: “على جميع الحكومات الالتزام بتعزيز أوجه حماية المدنيين من استخدام الأسلحة المتفجرة في القرى، والبلدات، والمدن”.