الأورومتوسطي: 38 دولة تدين التدخل في التحقيق في انفجار بيروت
قالت هيومن رايتس ووتش و”المفكرة القانونية” إن 38 من الدول الأعضاء في “الأمم المتحدة” أدانت العرقلة والتدخل الواسعين في تحقيق لبنان المحلي في انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020.
ودعت المنظمتان السلطات اللبنانية إلى التحرّك العاجل لتنفيذ إصلاحات قضائية شديدة الضرورة. وطالبتا بإزالة العوائق الأخرى التي تقوّض التحقيق المحلي في الانفجار.
في بيان مشترك ألقته أستراليا أمام “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة“، دعت الدول الـ 38 لبنان إلى “اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان الاستقلال التام للقضاء اللبناني وحياده في القانون والممارسة”.
وطالبت بضمان إجراء “تحقيق سريع، ومستقل، وحيادي، وذي مصداقية، وشفاف في الانفجار”.
قالت غيدة فرنجية، مسؤولة التقاضي الاستراتيجي في المفكرة القانونية: “تعرّض مسار التحقيق اللبناني للعرقلة مرارا في العامين الماضيين”.
وأضافت: “ما يزال ضحايا انفجار مرفأ بيروت محرومين من العدالة. آن الأوان للبنان لينهي حلقة الإفلات من العقاب ويعزز مؤسساته القضائية”.
على مدى سنوات، وثّقت منظمات حقوقية لبنانية ودولية التدخل السياسي في القضاء وانتقدت انعدام استقلاله الذي سمح بتفشي ثقافة الإفلات من العقاب في لبنان.
في العام 2018، قدمت لمفكرة القانونية إلى “مجلس النواب” مشروع قانون بشأن استقلالية القضاء وشفافيته يفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
لا تفي التعديلات التي أجرتها “لجنة الإدارة والعدل” في مجلس النواب واقترحها وزير العدل على مشروع القانون بالتزامات لبنان القانونية الدولية في نواحٍ رئيسية عديدة.
على مجلس النواب اللبناني أن يراجع ويقرّ فورا مشروع قانون متعلق باستقلالية القضاء وشفافيته يفي بالمعايير الدولية.
كما يجب إجراء إصلاحات لتعديل قوانين أصول المحاكمات اللبنانية لإنهاء إساءة استخدام الإجراءات القضائية.
قدّم سياسيون لبنانيون مشتبه فيهم في قضية انفجار مرفأ بيروت أكثر من 25 طلبا لإقالة المحقق الرئيسي، القاضي طارق بيطار، وقضاة آخرين معنيين بالقضية.
هذا أدى إلى تعليق التحقيق مرارا أثناء الفصل في القضايا. أدت السلسلة الأخيرة من الطعون القانونية المرفوعة ضد القاضي بيطار إلى تعليق التحقيق في 23 ديسمبر/كانون الأول 2021.
يضمن تعديل المادة 751 من “قانون أصول المحاكمات المدنية” والمادة 52 من “قانون أصول المحاكمات الجزائية” اللبنانيَّين بما يتماشى مع المعايير الدولية عدم تعليق التحقيقات القضائية تلقائيا عند رفع مثل هذه الدعاوى القضائية ضد قضاة التحقيق.
بالإضافة إلى هذه الإصلاحات القانونية التي طال انتظارها، طالبت المنظمتان مدعي عام التمييز اللبناني غسان عويدات بالامتثال للقرار القضائي الذي ينحّيه عن القضية والامتناع عن التدخل في التحقيق المحلي.
تنحّى عويدات عن القضية في ديسمبر/كانون الأول 2020 بعد الادعاء على أحد أقاربه في القضية وقبلت محكمة التمييز تنحّيه.
في 23 يناير/كانون الثاني 2023، حاول القاضي بيطار استئناف التحقيق واستدعى عويدات لاستجوابه في القضية.
بعد يومين، أمر عويدات بالإفراج عن جميع المشتبه فيهم المحتجزين على خلفية الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت.
وهو قرار انتقدته “نقابة المحامين في بيروت”، و”نادي قضاة لبنان”، و”ائتلاف استقلال القضاء في لبنان” باعتباره غير قانوني.
كان انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب 2020 أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم.
إذ قتل 220 شخصا على الأقل وجرح أكثر من 7 آلاف آخرين، وألحق أضرارا جسيمة بالممتلكات.
ووجد تحقيق معمّق أجرته هيومن رايتس ووتش أنّ الكارثة نجمت عن تقاعس الدولة عن حماية الحق الأساسي في الحياة. وأشار إلى احتمال تورّط مسؤولين سياسيين وأمنيين كبار في لبنان.
قالت المنظمتان إنه ينبغي للدول الأعضاء في الأمم المتحدة دعم تحقيق العدالة لضحايا انفجار 4 أغسطس/آب باتخاذ المزيد من الإجراءات في مجلس حقوق الإنسان.
ينبغي لمجلس حقوق الإنسان تبنّي قرار ينشئ ويرسل، من دون تأخير، بعثة مستقلة ومحايدة لتقصّي الحقائق في انفجار مرفأ بيروت.
البيان المشترك للدول الأعضاء الـ 38 الذي قُدّم اليوم خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لأنه يبرهن أنّ حكومات كثيرة، بينها تلك المانحة والداعمة للبنان، تفقد صبرها تجاه الحكومة.
قالت لما فقيه، مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “من أستراليا إلى كوستاريكا ومرورا باليابان، وقفت حكومات من جميع أنحاء العالم اليوم للدفاع عن حقوق ضحايا انفجار مرفأ بيروت، ولكن ثمة المزيد من العمل”.
وأضافت فقيه: “الوقت ينفد لإجراء تحقيق فعال. على الدول الأعضاء دعم قرار في مجلس حقوق الإنسان بإنشاء بعثة لتقصّي الحقائق في أقرب وقت ممكن”.