بنغلاديش: يجب أن يشارك اللاجئون الروهينيغيا في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم
قالت منظمة العفو الدولية اليوم، في تقرير موجز جديد، إن لاجئي الروهينيغيا في بنغلاديش يجب أن يعطوا الحق في المشاركة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم، وأن يعبروا عن أنفسهم بأنفسهم.
ويوضح التقرير الموجز، المعنون:: “فلنعبّر عن حقوقنا بأنفسنا”، كيف يؤثر الاستبعاد من عملية صنع القرار على الحقوق الإنسانية للاجئين الروهينيغيا – من حرية التعبير والتجمع والتنقل إلى الحصول على الرعاية الصحية والتعليم. ويدعو التقرير الموجز أيضاً إلى إجراء تحقيق كامل وشامل في ادعاءات تعرض لاجئي الروهينيغيا لعمليات إعدام خارج نطاق القضاء.
وقال ديفيد جريفيث، مدير مكتب الأمين العام لمنظمة العفو الدولية: “منذ عقود من الزمن، يتعرض الروهينيغيا للاضطهاد والتمييز المجحف في ميانمار، مع إجبار مئات الآلاف على الفرار من ديارهم بسبب جرائم ضد الإنسانية ارتكبت ضدهم. والآن، وبعد ثلاثة أعوام من نزوحهم، ما زالوا يعانون ويحرمون من الدفاع عن حقوقهم بأنفسهم”.
“على الرغم من أن السلطات في بنغلاديش قد اتخذت العديد من الخطوات الإيجابية لدعم اللاجئين الروهينيغيا، إلا أنه هناك غياب للشفافية في اتخاذ القرارات، الذي يستبعد بشكل كامل تقريباً مشاركة الروهينيغيا في اتخاذها. والمطلوب الآن هو انتهاج سياسة واضحة تشمل أصوات الروهينيغيا لضمان حماية حقوقهم الإنسانية على النحو الصحيح”.
ودعت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي أيضاً إلى دعم السلطات البنغلاديشية والعمل معها لتطوير هذه السياسة كجزء من تعاونها ومساعدتها الدوليين لحماية اللاجئين الروهينيغيا.
في مايو/أيار، قامت السلطات البنغلاديشية بنقل أكثر من 300 لاجئ من الروهينيغيا إلى باشان شار، وهي جزيرة نائية تتكون بالكامل من الطمي، الذي لم تقم الأمم المتحدة بعد بتقييم مدى صلاحيتها للسكن. وكان اللاجئون جزءاً من مجموعة تتألف من نحو 1400 من رجال ونساء وأطفال الرهينيغيا الذين خاطروا بحياتهم من خلال القيام برحلات في قوارب مميتة إلى ماليزيا. وقد عادوا إلى المياه الساحلية لبنغلاديش بعد أن منعتهم السلطات الماليزية من الدخول وأعادتهم إلى البحر.
وأنقذت البحرية في بنغلاديش قاربهم وسحبته إلى الجزيرة، حيث اقترحت البلاد إعادة توطين 103200 لاجئ آخرين من الروهينيغيا.
وقد تحدثت منظمة العفو الدولية إلى امرأتين ورجل من الروهينيغيا في باشان شار، وثمانية آخرين من أفراد أسرة 13 لاجئاً من الروهينيغيا الموجودين في الجزيرة حالياً.
وفي مقابلتين، قال لاجئون من الروهنيغيا لمنظمة العفو الدولية إنهم قد سمعوا روايات عن التحرش الجنسي أو الاعتداء الجنسي على أيدي مسؤولي الشرطة والبحرية في الجزيرة. وتدعو منظمة العفو الدولية السلطات البنغلاديشية إلى إجراء تحقيق كامل وشامل في هذه الادعاءات.
وقال لاجئون من الروهينيغيا إنهم يتشاركون غرفة مع ما يتراوح بين شخصين وخمسة أشخاص تبلغ مساحتها 50 قدماً مربعاً تقريباً، وهي مساحة تكفي لشخص واحد فقط إلى أقصى حد. يوجد 16 من هذه الغرف فى كل كوخ، ومرحضين فقط.
وكل ما تم توفيره لهم عند الوصول هو قطعة من الملابس وشبكة للوقاية من الناموس (ناموسية) وطبق. وقد طلب العديد منهم من بعض نساء الروهينغيا اللواتي لديهن مهارات الخياطة بخياطة ملاءات الفراش وتحويلها إلى ملابس.
وقالوا إن الطعام يوزع مرتين في اليوم، وقد سئموا من تناول نفس الطعام منذ وصولهم إلى الجزيرة. وأما مرفق الرعاية الصحية الوحيد فهو عبارة عن عيادة متنقلة تديرها البحرية، وتفتح أبوابها لمدة أربع ساعات في اليوم بين الساعة 8 صباحاً والساعة 12 ظهراً. وقال اللاجئون لمنظمة العفو الدولية إنه لا يسمح لهم في كثير من الأحيان بمغادرة أكواخهم.
ويعد العزل المطول للاجئين الروهينيغيا في الجزيرة انتهاكًا للمادتين 9 و12 من التزامات بنغلاديش بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحمي حق كل فرد في الحرية، وحرية اختيار مكان إقامته داخل إقليم ما.
وأضاف ديفيد غريفيث قائلاً: “ينبغي على السلطات البنغلاديشية أن تعيد بأمان جميع اللاجئين الروهينيغيا الموجودين حالياً في باشان شار إلى مخيمات اللاجئين في كوكس بازار، وضمان استشارة اللاجئين، دون إكراه، بشأن أي خطط مستقبلية لنقلهم إلى الجزيرة”.
كان أكثر من 100 لاجئ من الروهينيغيا ضحايا عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، حسبما زعم، بين أغسطس/آب 2017 ويوليو/تموز 2020، وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان البنغلاديشية أوديكار Odhikar. ومع ذلك، لم يتم التحقيق في أي من هذه الحالات، ولم يتم تقديم الجناة المشتبه بهم إلى العدالة.
وتحدثت منظمة العفو الدولية إلى أفراد عائلات خمسة لاجئين من الروهينيغيا، كانوا ضحايا عمليات إعدام خارج نطاق القضاء مزعومة في كوكس بازار.
وكل حادثة تحمل سرداً مماثلاً، بشكل لافت للنظر، حيث قُتِل الضحايا أثناء “اشتباك بالأسلحة النارية” مع أفراد أجهزة إنفاذ القانون الذين زعموا أنهم لم يطلقوا النار إلا انتقاماً. وذكرت التقارير أن الشرطة قامت بالقبض على ثلاثة من رجال الروهينيغيا الخمسة من منازلهم، ثم عثر عليهم مقتولين.
ويجب على السلطات البنغلاديشية أن تلتفت إلى مزاعم وبواعث قلق عائلات الروهينيغيا والمجتمع المدني، وإجراء تحقيقات كاملة ومستقلة وسريعة ومحايدة في جميع عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء المزعومة، وضمان محاكمة المشتبه في مسؤوليتهم في محاكمات عادلة، دون اللجوء إلى عقوبة الاعدام.
حتى تاريخ 23 أغسطس/آب 2020، كان ستة من لاجئي الروهينيغيا قد توفوا من الإصابة بفيروس كوفيد-19، وكان 88 من أفراد المجتمع قد ثبتت إصابتهم بالفيروس بعد إجراء فحص. ولكن هذه الأرقام استندت إلى الفحوصات التي أجريت على 3931 لاجئاَ، وهو ما يمثل أقل من 1 في المائة من سكان الروهينيغيا في المخيمات.
قد يمثل هذا الأمر قلة في الإبلاغ عن الإصابة بالفيروس، إذ يتطوع عدد قليل جدًا من لاجئي الروهينيغيا لفحصهم في مرافق الرعاية الصحية التي تديرها الوكالات الإنسانية بسبب مخاوف من فصلهم عن العائلة، أو إكراههم على العزلة، وتجاربهم في ما يخص السلوك غير المحترم من قبل العاملين الطبيين. ويتفاقم هذا الوضع بسبب عدم وجود معلومات واضحة يمكن الوصول إليها على نطاق واسع عن خدمات الرعاية الصحية المتاحة للاجئين الروهينيغيا، وفقا لما ذكره مسؤول من مقدمي الرعاية الصحية البارزين في المخيم.
وقالت شابة من الروهينغيا: “يتصرف الموظفون معنا بشكل سيئ جدًا. فعندما نتحدث بلغتنا الأم، ينظرون إلينا ويضحكون. ويجعلني ذلك أشعر بالتوتر الشديد”.
ويجب على السلطات، والوكالات الإنسانية، أن تأخذ في الاعتبار مخاوف المرضى وتجاربهم في مرافق الرعاية الصحية، ومعالجة أي إخفاقات وفقًا لذلك، كجزء من المراقبة والتقييم والتدريب الموجه لتحسين جودة خدمة الرعاية الصحية في المخيمات.
أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 10 نساء من الروهينيغيا حول العنف والتمييز المجحف القائمين على أساس النوع الاجتماعي في المخيمات. وقالت خمس منهن إن وتيرة العنف ضد المرأة قد ازدادت، لا سيما العنف المنزلي خلال تفشي وباء فيروس كوفيد -19، مع وجود المزيد من الرجال في المنزل.
قالت النساء إن أزواجهن، بعد أن فقدوا فرصة العمل، مارسوا ضغوطا عليهن لجلب المال، وكانوا عنيفين تجاههن في المنزل. وتعتقد أربع من بين النساء العشر أن التمييز المجحف والعنف ضد المرأة كانا عاملين ثابتين في المخيمات، بصرف النظر عن الوباء.
نساء من الروهينيغيا في المخيمات يتبادلن مع منظمة العفو الدولية روايات عن الاتجار بالبشر، والتحرش الجنسي والتمييزالمجحف. في بعض المخيمات، قرّر قادة المجتمع المحلي عدم السماح للنساء بالذهاب إلى العمل أثناء تفشي الوباء.
وقالت امرأة من الروهينيغيا، تبلغ من العمر 29 عامًاً، من مخيم 1W، إن تمثيل المرأة غير متكافئ وتمييزي بشكل مجحف إلى حد كبير في الاجتماعات المجتمعية في المخيمات، حيث يتم دعوة امرأة أو امرأتين فقط مع 50 رجلاً.
ومضى ديفيد غريفيث يقول: “ونساء وأطفال الروهينيغيا، الذين يمثلون أكثر من نصف اللاجئين في كوكس بازار، معرضون لخطر التعرّض للعديد من أشكال المضايقة والتمييز المجحف. فيجب على السلطات، والوكالات الإنسانية، ضمان التحقيق في جميع مزاعم الاتجار والتحرش الجنسي والتمييز المجحف، وأن تتم استشارة النساء مشاورة حقيقية بشأن الإجراءات والقرارات التي تؤثر عليهن”.
في 24 أغسطس/آب، بعد عام واحد من قيام السلطات البنغلاديشية بتقييد الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة في مخيمات اللاجئين، أعلن وزير خارجية البلاد مسعود بن مؤمن أنه سيتم رفع القيود أخيراً. ولكن أخبر لاجئون من الروهينيغيا منظمة العفو الدولية أنه على الرغم من تحسن سرعة الإنترنت في بعض أجزاء المخيمات، إلا أنها لا تزال غير متاحة على نطاق واسع. وقال رجل من الروهينغيا في المخيم 12: “لا أستطيع الحصول على شبكة إنترنت مناسبة. ويجب أن أصعد إلى أماكن أعلى للحصول على سرعة [أفضل].
وقد أدى تقييد الإنترنت إلى حرمان اللاجئين الروهينيغيا من المعلومات المنقذة للحياة بشأن فيروس كوفيد-19، مع إضافة شعور بالإحباط لأولئك الذين لديهم أفراد عائلات وأقارب خارج بنغلاديش ولا يمكنهم الاتصال بهم.
في 5 أغسطس/آب 2020، احتجزت الشرطة شاباً من الروهينيغيا لاستخدامه الواي فاي wi-fi في متجر في جامتولي في المخيم 15. وسأل مسؤولي الشرطة: “هل استخدام الواي فاي جريمة؟” فأجابوا بأن الروهينيغيا لا يمكنهم استخدام الواي فاي للاتصال بالإنترنت. وقال لمنظمة العفو الدولية: “أخيرًا، بعد ساعة، أطلقوا سراحي، وأعادوا لي هاتفي المحمول، وقالوا لي ألا أستخدم الواي فاي في المرة القادمة”.
في يناير/كانون الثاني 2020، أعلنت بنغلاديش أن أطفال الروهينيغا ستتاح لهم الفرصة لدراسة منهج ميانمار في البداية بين الصفين السادس والتاسع، أثناء انتقالهم من برنامج التعليم غير الرسمي الحالي.
وكان من المقرر أن يتم تجريب هذه الخطة مع 10 آلاف طفل في النصف الأول من العام، مع إمكانية التوسع لتشمل المزيد من الأطفال عبر الصفوف الأخرى. ووفقًا لليونيسف، يوجد أكثر من 400 ألف طفل من الروهينيغيا في سن الدراسة، تتراوح أعمارهم بين 3 و18 عاماً، في مخيم اللاجئين.
إلا أن الوباء والقيود التي تنتج عنه على الخدمات في المخيمات لم تغلق مرافق التعليم القائمة فحسب، بل أخرت تنفيذ منهج ميانمار. ويعني التأخير في تنفيذ البرنامج أن أطفال الروهينيغيا، وخاصة أولئك الذين أكملوا الصف التاسع، والذين لا يزال التعليم غير متاح لهم، سوف يستمرون في عدم تلقي التعليم.
واختتم ديفيد غريفيث قائلاً: “يجب على حكومة بنغلاديش ضمان ألا يصبح وباء فيروس كوفيد-19 عذراً آخر لحرمان الأطفال الروهينيغيا من حق التعليم. كما يجب على المجتمع الدولي دعم السلطات البنغلاديشية بالأموال والموارد لتنفيذ منهج ميانمار التعليمي”.
أجريت مقابلات مع أكثر من 50 لاجئاً من الروهينيغيا، بالإضافة إلى أفراد المجتمع المضيف والروهينيغيا في الشتات، ونشطاء حقوق الإنسان، والعاملين في المجال الإنساني لإعداد التقرير الموجز. ودعت منظمة العفو الدولية، وغيرها من هيئات حقوق الإنسان، إلى إشراك اللاجئين الروهينيغيا من قبل كل من الحكومة والأجهزة في صنع القرار بشأن وضعهم ومستقبلهم، بما في ذلك القرارات بشأن عملية الإعادة إلى الوطن من أجل عودتهم الآمنة إلى وطنهم.
اقرأ أيضاً: كندا وهولندا تنضمان لغامبيا في قضيتها أمام محكمة العدل الدولية بشأن جرائم “الروهينغا”