تونس: الحكم الجديد بالسجن على “المنصف المرزوقي” إصرار حكومي على الاضطهاد السياسي

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن المحاكمات والاعتقالات السياسية المنهجية للمعارضين في تونس، وآخرها إصدار حكم غيابي بالسجن بحق الرئيس الأسبق للبلاد على خلفية ممارسته الحق في حرية الرأي والتعبير، تُشكِّل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان التي يكفلها الدستور التونسي والالتزامات الدولية للدولة التونسية، لا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وأعرب الأورومتوسطي في بيان له عن استهجانه لإصدار الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية في تونس حكمًا غيابيًّا بالسجن لثمانية سنوات مع النفاذ العاجل بحق الرئيس الأسبق للجمهورية “المنصف المرزوقي”.

وأبرز المرصد الأورومتوسطي أن الحكم المذكور صدر على إثر تصريحات لـ “المرزوقي” عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب الناطق باسم المحكمة الابتدائية “محمد زيتونة” في تصريح لإذاعة “موازييك” دون أن يحدِّد التصريح المعني وفي ظل عدم نشر الحكم القضائي ذي الصلة.

واعتبر الأورومتوسطي أن الحكم المذكور ينتهك في الشكل حقوق الإنسان لجهة إصدار حكم غيابي من دون حق الدفاع عن النفس، وهو ما يتناقض والحق في المحاكمة العادلة الذي ينص عليه الفصل الثالث والثلاثون من الباب الثاني من الدستور التونسي.

إلى جانب المواثيق والأعراف الدولية ذات العلاقة، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليه الجمهورية التونسية في العام 1969.

وعلى الرغم من عدم نشر الحكم القضائي المعني، فإن نتيجته التي أعلن عنها المتحدث باسم المحكمة المعنية تبيِّن انتهاك مضمون هذا الحكم للحق في حرية الرأي والتعبير الذي يكفله الفصل السابع والثلاثون من الباب الثاني من الدستور التونسي.

إلى جانب ذلك، فإن إصدار قرار قضائي سالب للحرية في قضية تعبير عن الرأي يُخالف طبيعة الحق في حرية التعبير الذي تحدِّده لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم (34) الخاص بالمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن عدم جواز وعدم تناسب العقوبات السالبة للحرية مع القضايا المتصلة بالحق في حرية الرأي والتعبير.

وقال مدير المكتب الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي “محمد المغبط” في بيروت إن “المسار الذي تتبعه الحكومة التونسية والجهات القضائية لا يُمكن وضعه إلا في خانة الاضطهاد السياسي الممنهج للمعارضين بغض النظر عن آراء المعارضين”.

وأشار “المغبط” إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها قيام الجهات الرسمية التونسية بإجراءات ضد المعارضين، فقد تم إصدار حكم في العام 2021 بحق “المرزوقي” نفسه، كما اعتقلت الشرطة التونسية في العام 2023 أكثر من 20 شخصية سياسية بارزة، من بينها قيادات في المعارضة، بسبب معارضتهم السياسية وممارستهم حقهم في حرية التعبير والتجمع.

وتعيش تونس حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي منذ أن قامت السلطات التونسية في العام 2021 برئاسة الرئيس “قيس سعيِّد” بإجراءات سمتها “استثنائية” كحل البرلمان وعزل الحكومة كخطوات “ضرورية لإنقاذ تونس من سنوات من الفوضى” بحسب تصريح سابق لرئيس الجمهورية.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ استمرار استخدام القضاء كسيف مسلط ضد السياسيين والصحافيين والنشطاء التونسيين على خلفية تهم تبدو ملفّقة يندرج ضمن الممارسات السلطوية التعسفية ويتعارض بشكل كامل مع مبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات التونسية إلى الكف عن ملاحقة النشطاء المعارضين والسياسيين، واحترام الدستور التونسي والتزامات تونس الدولية، مؤكدًا على ضرورة الإفراج عن جميع المحتجزين على خلفيات مرتبطة بالحريّات والانتماءات السياسية والحزبية، واحترام حقوق الأفراد بالمشاركة السياسية والتعبير عن الرأي.

قد يعجبك ايضا