انتهاكات جسيمة مستمرة للحقوق المدنية والإنسانية في السعودية
ارتكبت السلطات السعودية باستمرار في السنوات الأخيرة انتهاكات حقوق الإنسان مما حوّل البلاد إلى دولة بوليسية.
ترتكب الانتهاكات ضد أعضاء المجتمع المدني، ولا سيما المدافعون عن حقوق الإنسان بمن فيهم الصحفيون ونشطاء الإنترنت.
أصدر مركز الخليج لحقوق الإنسان تقرير يوثق عددًا من الانتهاكات، بما في ذلك أحكام سجن قاسية بحق صحفي.
ووثق القرير أيضاً وفاة أحد سجناء الرأي، واعتقالات إضافية لناشطات.
“على محسن أحمد أبو لحوم” هو صحفي يمني غادر اليمن متوجهاً إلى السعودية في 28 أبريل/نيسان 2015.
كان “أبو لحوم” يعمل سابقاً كصحفي ومذيع في صحيفة وإذاعة يمن تايمز ثم واصل فيهما العمل كمترجم. شغل، بعد انتقاله، منصب المدير التنفيذي في قناة الوادي الفضائية بمدينة نجران التي أقام فيها، وكذلك عمل كمصمم للدعاية والإعلان.
تم اعتقاله بتاريخ 23 أغسطس/آب 2021، بعد أن طلب كفيله منه الذهاب معه للعمل. ولكنه اختفى لمدة 24 ساعة قبل أن يتصل بزوجته.
لقد أخبرها بأنه في قسم المباحث الجنائية بإدارة المباحث العامة بنجران ويواجه التحقيق في قضية نشر. لم تستطع زوجته من رؤيته إلا بعد مرور عشرة أيام وفي لقاءٍ استغرق أقل من دقيقة وذلك في السجن التابع للمباحث.
لقد تمت مصادرة هاتفه حال اعتقاله ولكنه بقي يعمل وتحت تصرف منتسبي المباحث.
بتاريخ 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أصدرت المحكمة الجزائية، حكمها التعزيري ضده بالسجن لمدة عشر سنوات. بعد إدانته بالردة والإلحاد.
وحكم بالسجن خمس سنوات أخرى لنشره كتاباته على شبكات التواصل الاجتماعي والتي، “من شأنها المساس بالنظام العام والقيم الدينية والآداب العامة”. حسب ماورد في قرار المحكمة.
لقد استغرقت محاكمته على هذه التهم الخطيرة، والتي أنكرها جملةً وتفصيلا، جلستان فقط. وقامت المحكمة بانتداب محام ٍ له كان دوره هامشياً.
كان لحوم وحيداً في جلسات التحقيق المطولة التي جرت معه، وتعرض خلالها لتهديدٍ شديد من أجل انتزاع اعترافات منه بالتهم المنسوبة ضده. قام بتوضيح كل ذلك في المحكمة.
انتدبت أسرته محامي جديد له، يقوم حالياً بإعداد ملف الاستئناف، والذي سيقوم بتقديمه لاحقاً قبل مرور 30 يوماً على صدور الحكم الابتدائي ضد موكله.
أدان مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكم الصادر ضد الصحفي “علي محسن أحمد أبو لحوم”.
وأدان المركز محاكمته الصورية التي افتقرت إلى المعايير الدولية الدنيا للمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية.
ودعا مركز الخليج لإطلاق سراحه فوراً وإسقاط جميع التهم المختلقة التي وُجهت ضده.
أكد مركز الخليج لحقوق الإنسان أنه استلم تقارير موثوقة تؤكد استمرار استهداف مدافعي ومدافعات حقوق الإنسان من الذين أطلق سراحهم خلال الفترة الماضية.
بالرغم من كونهم قد تم استهدافهم بالسجن بعد محاكمات غير عادلة على تهم ٍ باطلة تتعلق بنشاطهم السلمي والشرعي في مجال حقوق الإنسان، يجري تطبيق نص المادة 4 المعدلة من نظام الخدمة المدنية عليهم.
تشترط المادة 4 فيمن يتم تعيينه في إحدى الوظائف أن يكون حسن السيرة والسلوك، وغير محكوم عليه بعقوبة السجن لمدة تزيد عن سنة.
كذلك يتطلب تعيينهم في معظم الأحيان القيام بتدقيقٍ أمني مما يعني عدم حصولهم على أي وظيفة شاغرة تًذكر.
تعاني مدافعات حقوق الإنسان البارزات “سمر بدوي”، “نسيمة السادة”، و”لجين الهذلول”، ومدافع حقوق الإنسان “عصام كوشك”، من عدم السماح لهم من التعبير عن آرائهم بحرية في وسائل التواصل الاجتماعي، أو التحدث بحرية إلى وسائل الإعلام.
يتم كذلك منعهم من الحصول على وظائف مناسبة. وبعد كل هذا الاستهداف المباشر لهم، يجري منعهم من السفر إلى خارج البلاد لبدء حياة جديدة.
مدافعة حقوق الإنسان نعيمة المطرود في حالة صحية سيئة
أكدت تقارير موثوقة استلمها مركز الخليج لحقوق الإنسان تدهور الحالة الصحية لناشطة الإنترنت نعيمة المطرود، حيث يمكن وصفها بغير المستقرة.
بتاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض حكمها بسجن ناشطة الإنترنت، نعيمة المطرود، لمدة ست سنوات ومنعها من السفر لست سنوات أخرى بعد انقضاء مدة محكوميتها.
لقد تم إدانتها بتهم ٍ تتعلق بنشاطاتها السلمية على الإنترنت. يجري سجنها في السجن التابع إلى مديرية المباحث العامة في الدمام منذ اعتقالها الذي تم بتاريخ 13 ابريل/نيسان2016.
أكدت تقارير صحية موثوقة وفاة أحد أبرز إصلاحيي جدة، سجين الرأي والأكاديمي الدكتور “موسى القرني” بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2021 في زنزانته بسجن ذهبان.
حيث تعرض “القرني” للضرب من قبل مجموعة من السجناء على الوجه والرأس مما تسبَّب في تهشيم الجمجمة وتشوّه الوجه، وأدى إلى وفاته، فيما كان حراس السجن يكتفون بالنظر.
اعتقل بتاريخ 02 فبراير/شباط 2007، بينما كان يحضر اجتماعاً مع زملاء له يهدف إلى تأسيس جمعية لنشر الوعي بين المواطنين والدعوة إلى الإصلاح. تعرض للتعذيب الشديد وتم وضعه في الحبس الانفرادي لفتراتٍ طويلة.
في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكمها ضده بالسجن لمدة 20 سنة والمنع من السفر لمدة 20 سنة أخرى بعد إطلاق سراحه.
لقد أدين بتهم كثيرة من بينها، الخروج على طاعة ولي الأمر، والمشاركة بتأسيس تنظيم سري يهدف إلى إشاعة الفوضى والوصول إلى السلطة.
في مايو/أيار/مايو 2018، تعرض لجلطة دماغية. وبدلاً من أن يتم إعطائه العناية الطبية المناسبة تم نقله إلى مستشفى للأمراض العقلية في جدة.
إن هذه ليست الحادثة الأولى التي بتعرض فيها سجناء الرأي في السعودية إلى الاستهداف وهم داخل السجون السعودية.
فقد حصلت حالات مماثلة كثيرة في السنين الأخيرة. وهي تعكس بشكلٍ جلي عدم تطبق السلطات السعودية لمعظم قواعد الأمم النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.
ومن ضمن هذه القواعد القاعدة (5). التي تنص على أنه: “ينبغي لنظام السجون السعي إلى أن يقلص إلى أدنى حد من الفوارق بين حياة السجن والحياة الحرة”. والفقرة 1 من القاعدة (24) التي أكدت على: “أن يحصل السجناء على نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع”.
أكدت تقارير صحفية قيام القوات الأمنية باعتقال ناشطتيْ الإنترنت، “رينا عبد العزيز”، 20 سنة، في 13 مايو/أيار 2021، و”ياسمين الغفيلي”، 26 سنة، في 17 مايو/أيار 2021. حيث تم اقتيادهما من منازلهن بمدينة الرس الواقعة غرب منطقة القصيم.
لقد تم استهدافهما بسبب نشاطهن السلمي على الإنترنت وتعبيرهن عن آرائهن حول القضايا العامة التي تهم المواطنين. لم تفصح السلطات بأية معلومات عن أسباب اعتقالهن و لا مكان تواجدهن أو أية تهم محددة ضدهن.
حث مركز الخليج لحقوق الإنسان السلطات السعودية على:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان المحتجزين. بمن فيهم جميع الصحفيين ونشطاء الإنترنت. وكذلك أي مواطن يعبر عن نفسه علناً، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهم.
- ولحين الإفراج عن جميع مدافعي حقوق الإنسان وسجناء الرأي التطبيق الكامل لكافة قواعد الأمم النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا).
- حماية الحريات العامة بما في ذلك الحق في حرية التعبير على الإنترنت وخارجه.
- ضمان وفي جميع الظروف أن يكون جميع المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء الإنترنت في المملكة العربية السعودية، قادرون على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من الانتقام وبلا قيود على ذلك بما في ذلك المضايقة القضائية.