النمسا: حملات دهم استهدفت مسلمين تخللها انتهاكات جسيمة وبمنطلقات سياسية
تابع مجلس جنيف للحقوق والحريات، بقلق بالغ، انتهاكات حقوق الإنسان، التي اقترفتها سلطات الأمن النمساوية، خلال حملات الدهم الواسعة التي نفذتها في 4 تجمعات.
واشتملت هذه الحملات على توقيف ما لا يقل عن 30 شخصًا من العرب والمسلمين.
ووفق متابعة المجلس، فبدءًا من 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، داهمت الشرطة النمساوية أكثر من 70 منزلاً، في 4 تجمعات بالنمسا، على خلفية أوامر بتوقيف نحو 30 شخصا من المسلمين.
ومن طالتهم الحملة عدة مسؤولين سابقين من المجلس النمساوي للديانة الإسلامية، بالإضافة إلى موظف في المعهد المكلف بتدريب مدرسي الدين في المدارس الحكومية، وتضم أيضًا أكاديميين، وأطباء، ومسؤولي جمعيات.
وتظهر مراجعة قانونية لهذه المداهمات أنه رافقتها انتهاكات لمبادئ حقوق الإنسان، وقواعد القانون في النمسا، فضلاً عن عمليات تهويل ومبالغة بهدف تضليل الرأي العام، من خلال تسويقها وكأنها عملية أمنية ناجحة ضد قوى إرهابية.
وأقر الادعاء العام النمساوي في بيان، أن المداهمات “ليست جزءاً من التحقيقات المرتبطة بإطلاق النار الذي وقع في العاصمة فيينا في 2 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مشيرا إلى أنها جاءت في إطار تحقيقات مكثفة وشاملة جارية منذ أكثر من عام في “إطار مكافحة الإرهاب”.
ورأى المجلس أن ما أعلنه وزير الداخلية النمساوي كارل نيهامر بأن العملية الأمنية التي أطلقتها الشرطة تهدف إلى “قطع جذور الإسلام السياسي”، يدلل أن الأمر يتعلق بحملة ترتبط بموقف سياسي أو توجه ديني، ولا تتعلق بمخالفات قانونية محددة.
وأكد مجلس جنيف أن الملاحقة الأمنية على خلفية المعتقد الديني أو المذهب، او التوجه السياسي، يمثل انتهاكات جسيما للحق في حرية المعتقد، وحرية الرأي والتعبير، الأمر الذي كفله الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق للمدنية والسياسية، فضلاً عن القوانين المحلية التي تكفل حرية المعتقد والتعبير.
وإلى جانب التسييس العام لحملة الملاحقة، أشار مجلس جنيف أن المداهمات للمنازل تخللها جملة من الانتهاكات لمبادئ حقوق الإنسان، وقواعد أصول المداهمة والتوقيف.
بما في ذلك اقتحام المنازل في ساعات الليل والفجر وتحطيم أبواب الكثير من المساكن بما تسبب بترويع سكانها دون مراعاة للأطفال والنساء.
كما أنه جرى التحرز على أموال ووثائق وعقارات دون مسوغات حقيقية أو تهم محددة، سوى الإطار السياسي للحملة الأمنية التي بتت أشبه بتقليد للممارسات البوليسية التعسفية في الدول القمعية.
ونبه المجلس إلى أن الأسئلة التي طلب من الموقوفين وأصحاب المنازل وبعضهم أطفال ونساء الإجابة عليها، ليس لها علاقة بتهم ذات صبغة قانونية، بل إنها تنطوي على انتهاك للخصوصية، وإثارة الشبهة بممارسات عادية تنسجم مع القانون، مثلا الصلاة أو العادات الاجتماعية، وكذلك الموقف من القضية الفلسطينية.
ورأى مجلس جنيف أن هذه الممارسات تشكل مساسا بحرية التعبير والاعتناق والتفكير، وتفرض سطوة أمنية لإثارة الشبهة والتخويف من ممارسات يشرعها القانون.
وأكد مجلس جنيف، أنه في الوقت الذي يرفض بشدة أي اعتداءات إرهابية، ويعبر عن تضامنه الكامل مع ضحاياها، ومع التأكيد على دعم ملاحقة مقترفي هذه الاعتداءات وفق القانون، فإنه يدين أي محاولة لاستغلال ذلك لاقتراف انتهاكات جسيمة ذات صبغة تمييزية ضد فئات محددة على خلفية الدين أو الانتماء أو المعتقد الفكري.
وعبر المجلس عن قلقه لوجود توجهات سياسية لحل جمعيات أو مؤسسات وإغلاق مساجد، دون وجود مسوغات قانونية حقيقية، ورأى في ذلك شكلا من أشكال العقاب الجماعي، والاستغلال السياسي لحوادث الإرهاب.
طالب المجلس الحكومة النمساوية بمراجعة الإجراءات والقرارات المنافية للحقوق والقانون، وللتحقيق في الانتهاكات التي اقترفتها السلطات الأمنية وتصحيحها، ووقف أي حملات ذات صبغة سياسية أو متعلقة بحرية الاعتناق أو التعبير.
اقرأ أيضاً: