المحكمة الجنائية الدولية تحذر من جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية
قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية “فاتو بنسودا” إن المشاركين في جولة جديدة من إراقة الدماء في الصراع الحالي في الأراضي الفلسطينية ربما يكونون أهدافا لتحقيق تجريه المحكمة الآن في جرائم حرب مزعومة في جولات سابقة من الصراع.
وقالت “بنسودا” لرويترز إنها ماضية في تحقيقها حتى من دون تعاون إسرائيل، التي تتهم مكتب المدعية العامة بالتحيز القائم على دوافع من معاداة السامية وترفض أيضا -مثل أقرب حلفائها الولايات المتحدة- عضوية المحكمة، وترفض ولايتها القضائية.
واندلعت أعنف جولة للقتال منذ 2014 بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية هذا الأسبوع، مع شن إسرائيل ضربات جوية عقابية على غزة، وإطلاق المقاومة الفلسطينية أكثر من 1600 صاروخ على إسرائيل.
وقُتل ما لا يقل عن 110 فلسطينيين وأصيب 621 بجروح في القصف الإسرائيلي على غزة، في حين قتل 9 إسرائيليين وأصيب 130 آخرون بصواريخ أطلقتها المقاومة الفلسطينية من غزة.
وقالت “بنسودا”: “نراقب هذه الأحداث باهتمام بالغ. ونتابع (الوضع) عن كثب، وأذكركم بأن هناك تحقيقا مفتوحا، وأن تطورات هذه الأحداث يمكن أن تصبح موضع نظر من جانبنا أيضا”.
وفي مارس/آذار الماضي، قال مكتب المدعية العامة للمحكمة الجائية الدولية إنه بدأ تحقيقا رسميا في جرائم حرب مشتبه فيها في الصراع، بعد نحو 5 سنوات من التحقيقات الأولية.
وأضاف المكتب أن لديه أساسا منطقيا للاعتقاد بوجود مخالفات ارتكبها كل من جيش الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية، بما في ذلك نشطاء من حركة حماس في قطاع غزة، والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، على حد تعبير المكتب.
وقالت “بنسودا”، في إشارة إلى الأعمال القتالية الدائرة: “هذا فقط لتنبيه الناس من جميع الأطراف لتجنب التصعيد، والحرص على عدم اتخاذ إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى ارتكاب جرائم (حرب)”.
والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي محكمة مستقلة ودائمة للتحقيق في جرائم الحرب، وورثت المحاكم الخاصة التي أنشأتها الأمم المتحدة للنظر في جرائم الإبادة الجماعية في رواندا في التسعينيات والصراع اليوغوسلافي.
وتتولى محاكمة الأفراد، وليس الدول، عندما تكون دولة عضو فيها غير راغبة أو عاجزة عن فعل ذلك بنفسها.
تنظر المحكمة الجنائية الدولية إذا كانت القوات الإسرائيلية ارتكبت جرائم حرب، بما في ذلك الهجمات غير المتناسبة والقتل العمد للمدنيين، في حرب غزة في 2014، عندما اجتاحت القوات الإسرائيلية المدرعة القطاع على ما فيه من كثافة سكانية مدنية.
كما تحقق بشأن إذا كانت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى تعمدت تنفيذ هجمات على المدنيين في إطلاق صواريخ على إسرائيل، فضلا عن قيام أجهزة الأمن الفلسطينية بتعذيب وقتل فلسطينيين، حسب رويترز.
ورغم وصفها التحقيق بأنه “شائك سياسيا”، فإن بنسودا تنفي اتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن مكتبها متحيز، أو أنه يستهدف دولة إسرائيل.
وقالت بنسودا -وهي مواطنة من جامبيا وسيخلفها البريطاني كريم خان عندما تنتهي ولايتها التي استمرت 9 سنوات الشهر المقبل- “من المؤسف والمحزن حقا أن تكون هذه ردود فعل رئيس الوزراء؛ إنها بعيدة كل البعد عن الحقيقة”. وقالت بنسودا إن قرار متابعة التحقيق يستند إلى “القانون” وليس السياسة.
وقالت: “هناك الكثير من الكلام، وهناك أيضا الكثير من التضليل للأسف حول تعريف هذه القضية (…) وهناك الكثير من اللغط حول المحكمة الجنائية الدولية؛ في محاولة لتصويرها على أنها منحازة لجانب واحد (…) وهذه ليست الحال. نحن دائما محايدون للغاية، نحن دائما موضوعيون للغاية”.
وذكرت أن فريقها التقى بانتظام مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين بشأن التحقيقات الأولية للمحكمة لخلق حالة من الشفافية ومنح الطرفين فرصة عادلة لعرض مواقفهما.
وقالت “ربما يكون هذا أكثر تعقيدا مما واجهناه من قبل (…) وفي الوقت الحالي توجد مؤشرات على أنه لن يكون هناك تعاون على الإطلاق من جانب واحد (…) وسيكون علينا البحث عن طريقة للتعامل مع ذلك”.
والسلطة الفلسطينية -التي تمارس حكما ذاتيا في أجزاء من الضفة الغربية، وليست لها سلطة في غزة- عضو في المحكمة الجنائية الدولية وحثتها مرارا وتكرارا على محاكمة الإسرائيليين على “جرائم” ارتكبت في حربي 2014 و2008-2009.
وقُتل أكثر من 2100 فلسطيني في حرب غزة التي استمرت 7 أسابيع عام 2014، والتي شهدت هجوما إسرائيليا مدمرا على القطاع، حيث دمرت آلاف المنازل، كما قتل 73 إسرائيليا نتيجة الصواريخ التي أطلقت من غزة على إسرائيل.
لكن هذه المرة، سقط عدد أكبر من صواريخ غزة في قلب إسرائيل التجاري، وقالت إسرائيل إنها قصفت ما يقرب من ألف هدف للمقاومة في غزة، وحشدت الدبابات والقوات على طول حدود القطاع.
وردا على سؤال حول التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي “جوناثان كونريكوس” إن القوات الإسرائيلية “ملتزمة بالقانون الدولي”، وإنه ينبغي محاكمة نشطاء حماس.
وقال لرويترز: “حماس مُعترف بها كمنظمة إرهابية على مستوى العالم، ويجب محاسبتها على جرائمها واستخفافها الصارخ بحياة البشر”.
وشنت إسرائيل هجومها بعد أن أطلقت حماس صواريخ على القدس وتل أبيب ردا على اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين بالقرب من المسجد الأقصى في القدس الشرقية خلال شهر رمضان.
وفي غزة، قال “فوزي برهوم” المتحدث باسم حماس: “إن الفصائل الفلسطينية تمارس حقا طبيعيا في الدفاع عن النفس، وإن القادة الإسرائيليين يجب أن تحاكمهم المحكمة الجنائية الدولية”.
وقال لرويترز: “نحن نؤكد أن شعبنا ضحية العدوان الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي، والذي يمارس كل أشكال القتل والإرهاب ضد أبناء شعبنا”.
اقرأ أيضاً: المنظومة الصحية في غزة مهددة بالانهيار مع تصاعد الهجوم الإسرائيلي