المنظومة الصحية في غزة مهددة بالانهيار مع تصاعد الهجوم الإسرائيلي

عبر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن مخاوفه العميقة من انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة، مع تصاعد الهجوم الإسرائيلي، والارتفاع الكبير في أعداد الحالات التي تحتاج إلى رعاية طبية عاجلة.

وقال المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيان صحفي إنّ الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة زاد من الضغط على المنظومة الصحية المنهكة أصلًا بفعل تفشي جائحة كورونا، وقبل ذلك الحصار الإسرائيلي المشدد على قطاع غزة منذ نحو 15 عامًا.

وذكر المرصد أنّه حتى صباح السبت، استقبلت المستشفيات في قطاع غزة أكثر من 140 قتيلًا ونحو 1,000 جريحًا جراء الغارات الإسرائيلية المتواصلة منذ مساء الإثنين 10 مايو/أيّار الجاري، إذ تسبب العدد الكبير من الإصابات في إشغال نسبة كبيرة من أسرّة المستشفيات، وخصوصًا أسرّة العناية المكثفة المتوفرة بأعداد محدودة.

وأشار إلى أنّ استمرار توافد المصابين على المستشفيات بأعداد كبيرة مع تصاعد عمليات القصف الإسرائيلية زاد من الأعباء الملقاة على الطواقم الطبية والمستشفيات التي تعاني من نقص الإمكانيات والأدوية واللوازم الطبية بنسبة كبيرة.

إذ بلغ عدد الأصناف الصفرية من الأدوية في نهاية شهر مارس/آذار الماضي، 256 صنفًا من أصناف الأدوية المتداولة، لتكون نسبة العجز 50%، فيما تبلغ نسبة العجز في عدد المهمات الطبية 33%، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.

ولفت الأورومتوسطي إلى أنّ أعداد الإصابات تقفز بصورة سريعة، إذ سجل اليوم الأول من الهجوم 65 إصابة، بينما وصل عدد الإصابات حتى صباح اليوم أكثر من 950 إصابة، بنسبة زيادة بلغت نحو 15 ضعفًا خلال 5 أيام فقط.

وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ انخراط الطواقم الطبية منذ نحو عام في حالة طوارئ لمواجهة تفشي فيروس كورونا في قطاع غزة أدّى إلى استنزافها، وجاء الهجوم العسكري الإسرائيلي ليزيد من الضغط على هذه الطواقم مع إعلان حالة طوارئ إضافية للتعامل مع الإصابات المتزايدة الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي.

وأشار بهذا الصدد إلى أن فيروس كورونا في غزة أدى إلى وفاة 980 شخصًا وإصابة أكثر من 100 ألف فلسطيني فيها، منهم 106 بحاجة إلى رعاية طبية في المستشفيات، و83 بحالة خطيرة على أسرة العناية المكثفة.

وأكد أنّه وفقًا للمعطيات الحالية، وفي ظل الزيادة المتوقعة في أعداد الإصابات جراء استمرار الغارات الإسرائيلية، فإنّ المنظومة الطبية في قطاع غزة لن تكون قادرة على تأمين خدمة صحية ملائمة.

وسيكون من الصعب خلال الأيام المقبلة التعامل مع الإصابات وخاصة الخطيرة منها، عدا عن الحالات التي تعاني أمراضًا مزمنة وكانت تتلقى الرعاية الصحية بشكل منتظم قبل الهجوم الإسرائيلي.

وأشار إلى أنّ السلطات الإسرائيلية أغلقت مع بدء الهجوم العسكري معبر إيرز شمالي القطاع، وهو الوحيد المخصص لحركة الأفراد من وإلى قطاع غزة مع إسرائيل، ما قد يهدد حياة مئات المرضى الذين يحتاجون إلى السفر العاجل لتلقي العلاج خارج القطاع.

ومن شأن هذا الإغلاق، أن يعيق تحويل الإصابات والحالات المرضية الخطيرة إلى مستشفيات في الضفة الغربية أو القدس، وهي عملية معقدة حتى في حالة فتح المعبر، كونها تتطلب تحويلات طبية وسلسلة موافقات مسبقة بما في ذلك من المخابرات الإسرائيلية التي كثيرًا ما تستغل ذلك لابتزاز المرضى وذويهم مقابل السماح بسفرهم للعلاج.

وأشار المرصد إلى جملة من الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في هجماتها المستمرة وتمثل انتهاكًا للحق في الصحة، ففي يوم الثلاثاء الموافق 11 مايو/آذار 2021، قصفت الطائرات الإسرائيلية بخمسة صواريخ، أرضًا قرب المستشفى الإندونيسي شمالي قطاع غزة، ما أدى إلى إلحاق أضرار به، وكذلك لحقت أضرار أخرى بمستشفى بيت حانون جراء قصف مماثل.

وفي اليوم نفسه، قصفت الطائرات الإسرائيلية بصاروخ واحد أرضًا خالية قرب بلدة بيت حانون شمالي القطاع، ما أدى لإلحاق أضرار في نقطة إسعاف لتابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. كما لحقت أضرار بالغة بمركز رعاية محلي مخصص لخدمات صحة الأم والطفل وتطعيمات الأطفال، وأعلنت وزارة الصحة خروجه من الخدمة بالكامل.

وقال المرصد الأورومتوسطي إنّ التدمير الممنهج للشوارع والطرق الرئيسية التي استهدفتها الطائرات الإسرائيلية بعشرات الغارات يعيق حركة تنقل سيارات الإسعاف، وبرز ذلك جليًا في شمالي قطاع غزة، حيث استغرق نقل الجرحى والضحايا عدة ساعات نتيجة القصف العشوائي ودمار الطرق.

وأشار إلى التأثيرات الخطيرة لتزايد ساعات انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة، سواء جراء تدمير شبكة الكهرباء، أو تقليص عمل محطة الكهرباء بسبب عدم إدخال الوقود، على الوضع الصحي سواء في المستشفيات أو المنازل خاصة لدى المرضى الذين يحتاجون أجهزة طبية مرتبطة بالكهرباء.

ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطة الفلسطينية لتحمل مسؤولياتها تجاه المنظومة الصحية في قطاع غزة، وتلبية احتياجات القطاع من الأدوية والمستلزمات الطبية والطواقم المساعدة.

وحث الأورومتوسطي المؤسسات الدولية ذات العلاقة على تأمين خط إمداد سريع لتوفير احتياجات طارئة متعلقة بعلاج الجرحى. كما دعا مصر لفتح معبر رفح لنقل الجرحى الذين يحتاجون رعاية طبية خارج القطاع، وتسهيل حركة وصول الوفود الطبية والإمدادات الصحية الى قطاع غزة.

وطالب المرصد الأورومتوسطي السلطات الإسرائيلية بفتح معبر إيرز، والسماح بخروج المرضى والجرحى لتلقي العلاج، والكف عن سياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين.

وحث المجتمع الدولي والأطراف الفاعلة إلى تحمل مسؤولياتها في توفير الحماية الكاملة للمرافق الصحية والطواقم الطبية، والضغط على إسرائيل لوقف هجومها العنيف على القطاع.

 

قد يعجبك ايضا