الكشف عن تفاصيل دعوى قضائية ضد شركات شوكولاتة شهيرة لتورطها بعمالة أطفال
رفعت منظمة حقوقية دولية نيابة عن أطفال أفارقة دعوى قضائية ضد شركات شوكولاتة شهيرة لتورطها بعمالة أطفال شبيهة بالعبودية وذلك في سابقة تعد الأولى من نوعها.
وتم رفع الدعوى باسم ثمانية أطفال من ضحايا استخدامهم في السخرة في مزارع الكاكاو في ساحل العاج، في إطار إجراءات قانونية ضد أكبر شركات الشوكولاتة في العالم.
ويتهم هؤلاء الشركات بالمساعدة والتحريض على الاسترقاق غير القانوني لـ “آلاف” الأطفال في مزارع الكاكاو في سلاسل التوريد الخاصة بهم.
وتمت تسمية شركات “نستله” و”كارجيل” و”باري كاليبو” و”مارس” و”أولام” و”هيرشيز” و”موندليز” كمتهمين في دعوى قضائية أقامتها منظمة حقوق الإنسان الدولية (إيرا) في العاصمة الأمريكية واشنطن، نيابة عن ثمانية أطفال قالوا إنهم أجبروا على العمل بدون أجر في مزارع الكاكاو في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا.
وكانت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان كشفت في أغسطس 2019 في دراسة أجرتها، عن تورط شركات شهيرة كـ “نستله” و”هيرشيز” و”مارس” ببيع منتجاتٍ تتخلل عملية إنتاجها عمالة قسرية للأطفال في مناطق غربي أفريقيا بظروف أشبه بالعبودية.
وفي حينه طالبت إمباكت باتخاذ إجراءات قانونية لإلزام الشركات بتتبع خطوط استيراد الكاكاو، والتأكد من خلو المزارع التي يتم التعامل معها من عمالة الأطفال، بهدف وضع حدٍ لتشغيل واستغلال الأطفال غربي أفريقيا
ويسعى المدعون، وجميعهم من مالي وهم من الآن الشباب، للحصول على تعويضات عن العمل الجبري وتعويضات إضافية عن الانتهاكات التي تعرضوا لها. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها رفع دعوى جماعية من هذا النوع ضد صناعة الكاكاو في محكمة أمريكية.
وينتج ساحل العاج حوالي 45% من المعروض العالمي من الكاكاو، وهو مكون أساسي في الشوكولاتة. ولطالما ارتبط إنتاج الكاكاو في غرب أفريقيا بانتهاكات حقوق الإنسان والفقر الهيكلي والأجور المنخفضة وعمالة الأطفال.
والادعاء المركزي في الدعوى هو أن المتهمين، على الرغم من عدم امتلاكهم لمزارع الكاكاو المعنية، “استفادوا عن علم” من عمل الأطفال غير القانوني.
ووفقًا للتقارير المقدمة، كان الموردون المتعاقدون مع المدعى عليهم قادرين على تقديم أسعار أقل مما لو كانوا قد استخدموا عمالًا بالغين مع معدات واقية مناسبة.
وتتهم الدعوى أيضًا الشركات بتضليل الجمهور في وعدها عام 2001 بـ “التخلص التدريجي” من عمالة الأطفال.
وفي الادعاء، وصف جميع المدعين الثمانية تجنيدهم في مالي من خلال الخداع، قبل تهريبهم عبر الحدود إلى مزارع الكاكاو في ساحل العاج. وهناك أُجبروا على العمل -غالبًا لعدة سنوات أو أكثر- دون أجر أو وثائق سفر أو فكرة واضحة عن مكان وجودهم أو كيفية العودة إلى أسرهم.
وتزعم أوراق المحكمة أن المدعين، وجميعهم كانوا دون 16 عامًا وقت تجنيدهم، كانوا يعملون في مزارع في مناطق إنتاج الكاكاو الرئيسية في البلاد.
وأفاد العديد من المدعين المقتبسين في وثائق المحكمة أنهم تلقوا القليل من الطعام وعملوا لساعات طويلة. وفي كثير من الأحيان، ظلوا بمفردهم أو معزولين عن الأطفال العاملين الآخرين الذين تحدثوا لهجات مختلفة.
وأصدرت شركة “نستله” بيانًا قالت فيه إن الدعوى القضائية “لا تقدم الهدف المشترك المتمثل في إنهاء عمالة الأطفال في صناعة الكاكاو”، مضيفة أن “عمالة الأطفال غير مقبولة وتتعارض مع كل ما ندافع عنه”.
وتابعت الشركة “ما نزال ملتزمين بمكافحة عمالة الأطفال داخل سلسلة توريد الكاكاو ومعالجة أسبابها الجذرية كجزء من خطة الشركة للكاكاو ومن خلال الجهود التعاونية “.
فيما قال متحدث باسم شركة Olam إن الشركة لديها سياسة عدم التسامح مطلقًا مع العمل القسري أو العبيد في سلسلة التوريد الخاصة بهم، “وإذا حددنا أي حالات، فسنقوم على الفور باتخاذ إجراء يتضمن إخطار السلطات المختصة
وقالت إمباكت الدولية في دراسة سابقة لها إنه وفي الوقت الذي يتزايد فيه استهلاك منتجات الشوكولاتة المختلفة حول العالم، فإن شركات الشوكولاتة الشهيرة تستورد ثمار الكاكاو من مزارع في ساحل العاج وغانا، يتم فيها تشغيل أطفالٍ بين (5 – 14) عامًا، حيث يتعرضون إلى ظروف قاسية تهدد سلامتهم الشخصية، ويُكرهون على القيام بأعمالٍ شاقةٍ لفتراتٍ تمتد لتصل -في كثيرٍ من الحالات- إلى (80 – 100) ساعة أسبوعيًا.
وكشفت الدراسة عن أنه يتم تهريب الآلاف من الأطفال من البلدان الأفريقية المجاورة إلى ساحل العاج للعمل في مجال الزراعة، حيث يعمل نحو ثلثي الأطفال الذين يعيشون في مناطق زراعة الكاكاو في إنتاج الكاكاو لساعات طويلة تحث ظروف عملٍ مجحفة، يتلقون خلالها كمياتٍ غير كافيةٍ من الغذاء، ويتعرضون للعنف الجسدي أو التهديد خاصةً إذا ما حاولوا الفرار.
علاوةً على ذلك، وجدت الدراسة أن عددًا كبيرًا من الأطفال في مزارع غرب أفريقيا يعملون على أساسٍ تطوعيٍ ودون تلقي أجور، حيث قُدر عدد الأطفال العاملين دون أجرٍ بنحو بضعفي عدد أولئك الذين يتلقون أجورًا مقابل عملهم في مزارع الكاكاو.
وتدفع الظروف الاقتصادية الصعبة العائلات في كل من ساحل العاج وغانا إلى إرسال الأطفال للعمل في مزارع الكاكاو بدلًا من التعليم؛ بهدف توفير دخلٍ ماديٍ محدودٍ يغطي حاجاتهم الأساسية، فيما يميل مالكو المزارع إلى تشغيل الأطفال بسبب تدني مستويات أجورهم مقارنةً بأجور البالغين.
وذكرت الدراسة أن الشركات المتورطة في استخدام عمالة الأطفال لم تتخذ أية إجراءات أو خطواتٍ حقيقيةٍ لمعالجة قضايا عمالة الأطفال المتعلقة بإنتاج الكاكاو.
ففي بداية الأمر، تَحفّظت أشهر العلامات التجارية عن مسؤوليتها فيما يخص الظروف والأوضاع في مزارع الكاكاو، مدعيًة أنها كانت غافلًةً عن تلك المشاكل، وأن سلسلة إمداد الكاكاو كانت معقدة للغاية بحيث لا يمكن ضمان ممارسات العمل في كل مزرعة.
وبالتالي، تستمر عمالة الأطفال بأشكالها المختلفة في مزارع الكاكاو غربي أفريقيا، مع استمرار بتشجيع ودعم عمالة الأطفال بشكلٍ غير مباشر، من خلال مواصلة استيراد الكاكاو منها رغم علم مسؤوليها بالمشكلة.
ودعت إمباكت الدولية الحكومتين في كل من ساحل العاج وغانا إلى تخصيص جزء من رأس المال لمكافحة الإتجار بالبشر، من خلال إنشاء المزيد من وحدات مكافحة الإتجار بالبشر بالقرب من مناطق زراعة الكاكاو، وفرض رقابة مشددة على مزارع الكاكاو في كل من غانا وساحل العاج، وغراماتٍ ماليةٍ على أصحاب المزارع الذين يثبت تشغيلهم لأطفالٍ دون السن القانوني.
إلى جانب ذلك، طالبت إمباكت الدولية الحكومتين الإيفوارية والغانية بتوفير مؤسساتٍ تعليميةٍ مجانية، تُمكن الأسر الفقيرة من إيجاد بديلٍ عن إرسال الأطفال للعمل في مزارع الكاكاو، دون زيادة عبئها المادي.
وطالبت إمباكت شركات إنتاج الشوكولاتة التي تعتمد في إنتاجها على ثمار الكاكاو المستوردة من كل ساحل العاج وغانا بتتبع خطوط استيراد الكاكاو، والتأكد من خلو المزارع التي يتم التعامل معها من عمالة الأطفال، بهدف وضع حدٍ لتشغيل واستغلال الأطفال غربي أفريقيا.
اقرأ أيضاً: هل يساعد تشجيع أطفال اليمن على العمالة في تأمين مستقبلهم؟