جلسة لمجلس الأمن لمناقشة التهديدات المتصاعدة ضد الفضاء السيبراني
الشبكة العربية لمعلومات وأحداث حقوق الإنسان – عقد مجلس الأمن الدولي مناقشة رفيعة المستوى بعنوان: “صون السلام والأمن الدوليين: التصدي للتهديدات المتطورة في الفضاء السيبراني” أمس الخميس 20 حزيران/يونيو 2024.
في حديثه خلال المناقشة أكد الأمين العام للأمم المتحدة على أهمية التعاون الدولي من أجل التصدي للتهديدات المتصاعدة في الفضاء السيبراني، والجرائم السيبرانية، وتسليح الأدوات الرقمية.
وسلط أنطونيو غوتيريش الضوء على التطورات السريعة في التكنولوجيا الرقمية وتأثيراتها التحويلية على الاقتصادات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.
وقال غوتيريش إن هذه هي المرة الثانية فقط التي يعقد فيها مجلس الأمن جلسة رسمية بشأن هذه القضية، داعيا إلى دمج الاعتبارات المتعلقة بالإنترنت في قرارات مجلس الأمن الحالية.
كما دعا إلى اتخاذ تدابير وقائية، وأطر تتماشى مع حقوق الإنسان، ومعاهدة الجرائم السيبرانية المقبلة للتخفيف من المخاطر وتعزيز المرونة السيبرانية العالمية، مؤكدا على الدور المحوري للجهود متعددة الأطراف في حماية السلام والأمن الدوليين.
على الرغم من أن التطورات السريعة في التقنيات الرقمية، تعمل على إعادة تشكيل الاقتصادات والمجتمعات على مستوى العالم من خلال تسهيل الاتصال الفوري وتعزيز التعاون والوصول إلى المعلومات والنمو الاقتصادي، إلا أن هذا الترابط يكشف أيضا عن نقاط ضعف، مما يعرض الأفراد والمؤسسات والدول للتهديدات السيبرانية، وفقا للأمين العام.
وأضاف أن التكامل المتزايد بين الأدوات الرقمية وأنظمة الأسلحة، بما فيها الأنظمة المستقلة، تجلب نقاط ضعف جديدة، مشيرا إلى أن إساءة استخدام التكنولوجيا الرقمية أصبح أكثر تطورا وخفية.
وأوضح الأمين العام أن البرامج التي يتم استخدامها بهدف الحصول على الفدية تعد أحد الأمثلة المؤلمة – فهي تمثل تهديدا كبيرا للمؤسسات العامة والخاصة والبنية التحتية الحيوية التي يعتمد عليها الأشخاص. وفقا لبعض التقديرات، وصل إجمالي مدفوعات برامج الفدية إلى 1.1 مليار دولار أمريكي عام 2023.
ولكن ما هو أبعد من التكاليف المالية، وفقا للأمين العام، هو “التكاليف التي يتحملها سلامنا وأمننا واستقرارنا المشترك – سواء داخل البلدان أو فيما بينها. فالأنشطة الضارة التي تقوض المؤسسات العامة والعمليات الانتخابية والنزاهة عبر الإنترنت تؤدي إلى تآكل الثقة وتأجيج التوترات، بل وتزرع بذور العنف والصراع”.
توفر التكنولوجيا الرقمية فرصة مذهلة لخلق مستقبل أكثر عدلا ومساواة واستدامة وسلاما للجميع، لكن هذا التقدم في مجال التكنولوجيا الرقمية يجب أن يكون موجها نحو الخير، وفقا للأمين العام، مشيرا إلى أن خطته الجديدة للسلام تضع مسألة الوقاية في صميم جميع جهود السلام.
وتدعو الخطة إلى تطوير أطر قوية تتماشى مع القانون الدولي وحقوق الإنسان ومـيثاق الأمم المتحدة، وتركيز الجهود من قبل جميع الدول لمنع امتداد وتصعيد الصراعات داخل الفضاء الإلكتروني.
أوضح الأمين العام أنطونيو غوتيريش أن تحقيق السلام والأمن في عالمنا المادي يتطلب مناهج جديدة للسلام والأمن في العالم الرقمي.
وقال إن قمة المستقبل المقرر انعقادها في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل تمثل فرصة بالغة الأهمية لتعزيز التعاون في مواجهة التحديات العالمية الحاسمة وإعادة تنشيط النظام متعدد الأطراف.
وأضاف أن الميثاق الذي سينبثق عن القمة سيشكل فرصة محورية لدعم صون السلام والأمن الدوليين في الفضاء الإلكتروني.
ومن بين الأولويات الأخرى، يهدف الفصل الثاني من الميثاق إلى إعادة تأكيد الإجماع العالمي بشأن حماية البنية التحتية الحيوية من ممارسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الضارة، وخلق مساءلة معززة للتكنولوجيا القائمة على البيانات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.
ومن ناحية أخرى، قال أنطونيو غوتيريش إن هيئته الاستشارية رفيعة المستوى المعنية بالذكاء الاصطناعي تعمل على استكمال تقريرها النهائي حول الكيفية التي يمكننا بها إدارة الذكاء الاصطناعي لصالح البشرية، في حين نتعامل مع المخاطر والشكوك المرتبطة به.
تحدث في جلسة مجلس الأمن أيضا ستيفان دوغوين، الرئيس التنفيذي لمعهد “سايبر بيس”، وهو منظمة غير حكومية مستقلة في سويسرا، “تعمل على توفير الأمن السيبراني، مجانيا، للمنظمات غير الربحية الضعيفة، ومراقبة الجهات الفاعلة التي تشكل تهديدا، وتنشط في مجال الدعوة إلى اعتماد المعايير السيبرانية”.
وقال ستيفان دوغوين إن مشهد التهديدات المتطور يشكل اضطرابات تراكمية تؤثر على السلام والأمن الدوليين. وتشمل القضايا الرئيسية انتشار الجهات التي تشكل تهديدا في المجال السيبراني، خاصة منذ غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022.
وقال إن هذه الجهات الفاعلة تستهدف البنية التحتية الحيوية، وتنخرط في هجمات إلكترونية مدمجة مع المعلومات المضللة، وتستغل المخاطر الفريدة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي.
وأضاف قائلا: “وثقنا أكثر من 3000 هجوم إلكتروني شنتها 127 جهة فاعلة في 56 دولة، مما أثر على 24 قطاعا حيويا للبنية التحتية. وتمتد هذه الهجمات إلى ما وراء حدود الدول المتحاربة، مما يؤثر على 70% من المنظمات المتضررة في الدول غير المتحاربة”.
نينا إيفينيي-أجوفو، نائبة رئيس فريق خبراء الأمن السيبراني التابع للاتحاد الأفريقي أكدت خلال حديثها في الجلسة أهمية الأمن السيبراني في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، مع التركيز على المنظور الأفريقي.
وقالت إن العديد من الدول الأفريقية تواجه تحديات فريدة من نوعها بسبب موقعها في الفجوة الرقمية، وافتقارها إلى القدرات والبنية التحتية الكافية، مشيرة إلى أن الاتحاد الأفريقي منح الأولوية لقضية الأمن السيبراني، ودمجه في أجندة 2063 وتبنى أطر مثل اتفاقية الاتحاد الأفريقي بشأن الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية.
وقالت إن هذا النهج الإقليمي، بما في ذلك الموقف الأفريقي المشترك بشأن القانون الدولي في الفضاء الإلكتروني وجهود بناء القدرات، يعكس موقفا استباقيا في خضم التهديدات السيبرانية المتزايدة.
وأشارت إلى أن الحوادث الأخيرة، مثل الهجمات السيبرانية على مقر مفوضية الاتحاد الأفريقي والبنية التحتية الحيوية في كينيا، تؤكد الحاجة الملحة إلى تعزيز تدابير الأمن السيبراني.
على سبيل المثال، واجهت كينيا أكثر من 860 مليون هجوم إلكتروني عام 2023 وحده، مما أثر على البنية التحتية المعلوماتية في البلاد.
وقالت إن هذه التحديات تسلط الضوء على الخطوط غير الواضحة بين الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية المشاركة في الحرب السيبرانية.
وتتطلب معالجة هذه القضايا استراتيجيات مصممة خصيصا تعترف بالفوارق الإقليمية مع تعزيز أطر الأمن السيبراني العالمية للحماية من التهديدات المتطورة في الفضاء السيبراني.